يبدأ غداً خادم الحرمين الشريفين المرحلة الثانية من رحلته الآسيوية، وستكون محطته الأولى اليابان، يليها الصين، ثم المالديف، وهكذا يعود الملك إلى اليابان مجدداً، فقد زارها حين كان ولياً للعهد عام 2014م واليوم يزورها ملكاً، وفي كل زيارة، كانت هناك إنجازات، وتسارع في بناء المزيد من المقومات لعلاقات ثنائية مفيدة للدولتين والشعبين الصديقين. * * فاليابان التي يطلق عليها بلاد الشمس المشرقة، أو البلاد التي تشرق منها الشمس، ذات الـ127 مليون نسمة، وبفصولها الأربعة التي أهم ما يميّزها في فصل الربيع ذلك اللون الأحمر الفاتح الذي يصاحب تفتّح زهور الربيع، بينما يتميز فصل الخريف بألوانه الزاهية من الأحمر والبرتقالي والأصفر، هذه الدولة هي واحدة من أقطاب الاقتصاد العالمي والصناعي على مستوى العالم، ولها علاقات قوية في هذا الشأن مع المملكة، كما لها بالمثل علاقات ثقافية وعسكرية، وفي المجال الصحي والتعليمي. * * لاحظوا أن موقف اليابان كان مؤيِّداً للمملكة في عاصفة الحزم، وكما كان موقفها مطابقاً لموقف المملكة في التعامل ومتفقاً مع وجهة نظرها بشأن الأزمة السورية، ومثل ذلك بالنسبة للقضية الفلسطينية، حيث ترى اليابان أن السلام الشامل القائم على العدل لا يتحقق في الشرق الأوسط، إلا من خلال مبادرة السلام العربية، وقرارات الأمم المتحدة بهذا الشأن، وبهذا فإن السياسة اليابانية ومواقفها تكاد تكون متطابقة مع سياسة المملكة. * * بدأت العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين المملكة واليابان عام 1955م بعد سلسلة من الاتصالات الرسمية، كان من أهمها زيارة مبعوث الملك عبدالعزيز لليابان عام 1938م لحضور افتتاح مسجد طوكيو، وزيارة أول مسؤول ياباني للمملكة 1939م للقاء الملك عبدالعزيز في الرياض، ليأتي لاحقاً أهم تعاون بين الدولتين بمنح شركة يابانية حق امتياز التنقيب عن البترول وهي شركة الزيت العربية، وبعد ذلك تطورت العلاقات إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن. * * يعد الأمير سلطان حين كان وزيراً للمواصلات أول مسؤول سعودي عالي المستوى يزور اليابان وذلك عام 1960م، ثم زارها الملك فيصل عام 1971م، وفي عام 1998م قام الملك عبدالله عندما كان ولياً للعهد بزيارة لها، وعاد الأمير سلطان إلى زيارتها مرة أخرى عام 2006م، وفي المقابل فقد زار المملكة إمبراطور اليابان، وولي عهده ورؤساء الوزراء، وعدد من الوزراء، وكبار المسؤولين، وشكلت اللجان من الدولتين لفتح آفاق جديدة من التعاون بينهما. * * وكان واضحاً أن هناك رغبة مبكرة للتعاون بين الدولتين الصديقتين، وحرصاً على زيادة التعاون، فقد قام رئيس وزراء اليابان آنذاك ريوتارو هاشيموتو عام 1997م بزيارة للمملكة التقى خلالها بالملك فهد، وتم في الزيارة صياغة الشراكة الشاملة نحو القرن الحادي والعشرين، وهو ما فتح المجال لتوسيع قاعدة التعاون بين بلدينا، ونقلها إلى ما تشهده الآن من تعاون شامل في مختلف المجالات. * * وقد مضى أكثر من ستين عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطوكيو، فإن من المهم أن نتحدث بتوسع عن زيارة الملك سلمان لليابان عندما كان ولياً للعهد، وما أسفرت عنه تلك الزيارة من نتائج، كونه يعود إليها ثانية زائراً، ولكن بصفته ملك، مما سيجعل الزيارة المرتقبة ذات أهمية بالغة، خصوصاً في هذه المرحلة، التي تحتاج من الدولتين إلى تعاون أكثر في ظل انكماش الاقتصاد العالمي، وإعلان المملكة عن رؤيتها 2030 ودعوة اليابان إلى الاستثمار في المملكة مستفيدة من الفرص التي تتيحها الرؤية للمستثمرين الأجانب، وهذا سيكون موضوعنا القادم. يتبع...
مشاركة :