أكد رئيس لجنة التحقيق في الأخطاء الطبية وتراجع الخدمات الصحية في مملكة البحرين النائب محمد المعرفي أن هناك معلومات في غاية الخطورة، وأسرارًا مهمة سيتم الكشف عنها خلال الجلسة التي ستناقش التصويت على التقرير، إلا أن ما يجب ألا يتم إخفاؤه أو تأجيله هو استمرار النقص الكبير في أعداد الأطباء، مقابل مشكلة أكبر وهي عدد العاطلين والمتضررين من الأطباء حديثي التخرج. جاء ذلك خلال لقاء نظمته «الأيام» في مبنى الصحيفة، يجمع بين النائب وعدد من الأطباء حديثي التخرج، لمناقشة مطالبهم والوقوف على احتياجاتهم، والذين فضلوا إخفاء هوياتهم تفاديًا لوقوعهم بالمزيد من المشكلات. واشتكى الأطباء من قلة عدد المقاعد التدريبية لخريجي الطب البشري، والتي تبلغ 64 فقط، مقارنة بعددهم الذي يبلغ أكثر من 200 طبيب، ومن رفض المسؤولين بوزارة الصحة والمعنيين بالتدريب مقابلتهم، فضلاً عن الشروط المجحفة للقبول بالبرنامج التدريبي هذا العام، وإتاحة اختيار تخصص واحد فقط، وعدم توافر فرص أخرى في حال رفض الطلب، في حين كان يتم اختيار 3 بدائل في الأعوام السابقة.مقاعد التدريب أقل من نصف عددنا قال الأطباء إن عدد الخريجين الذين لم يحصلوا على فرص تدريبية تؤهلهم لأن يصبحوا استشاريين يبلغ أكثر من 200 طبيب، بينهم عاطلون عن العمل، وآخرون يعملون بالقطاع الخاص. وأوضحوا أن إتاحة الوزارة لعدد محدود جدًا من المقاعد التدريبية والذي يبلغ 64 غير منطقي، إذ أنه لن يكون باستطاعة البقية ممارسة المهنة، وهو ما قد يؤدي لنسيان وضياع سنوات من الدراسة، فضلاً عن أن عدم الخضوع لهذا البرنامج التدريبي يحرمهم فرصة الترقي في السلم الوظيفي. وأشاروا إلى أن من المعروف لدى الجميع وجود نقص بعدد الاستشاريين البحرينيين، وأن الطريق الوحيد لتأهيل كادر جديد هو من خلال تدريب الأطباء حديثي التخرج لخلق صف ثانٍ مؤهل، قادر على الارتقاء بالقطاع الصحي.لا تقدير ولا علاوات أو بدل نوبات وضع الأطباء بالخاص «مزري»! وصف الأطباء العاملون بمستشفيات خاصة وضعهم بـ«المزري»، مشيرين إلى أنهم يعانون من الإحباط والظلم، وأن وضعهم المادي والوظيفي لا يتناسب مع شهاداتهم. وقالوا إنهم يتقاضون رواتب تبلغ 500 دينار فقط، وليس هناك تقدير أو علاوات أو بدل «نوبات»، مؤكدين أن أغلب تلك المستشفيات تتعامل معهم بدونية نظرًا لأنهم يدركون حاجتهم للعمل فقط. وأضافوا: «ليس هناك تدريب بالمستشفيات الخاصة، ولا فرصة للترقي، نحن نعمل تحت أيدي استشاريين، وسيبقى حالنا على ما هو ما عليه ما لم يتم تدريبنا في المستشفيات الثلاثة المعتمدة من قبل وزارة الصحة». ولفتوا إلى أنه بالرغم من إدراك الأطباء لكل ذلك، إلا أن الأسوأ هو عدم توافر شواغر حتى بالمستشفيات الخاصة، وبالتالي فإن العديد من الخريجين هم عاطلون بشكل رسمي عن العمل. وشددوا على أنهم لا يرفضون العمل بالمستشفيات الخاصة من حيث المبدأ، إلا أن ذلك يجب أن يتم بعد أن يخضعوا للبرامج التدريبية التي تؤهلهم لأن يكونوا استشاريين.تأملنا خيرًا في 2015 ثم خابت آمالنا أشار الأطباء إلى أن التوظيف متوقف بوزارة الصحة منذ العام 2014 وحتى الآن، ويوازي ذلك استقالات ونقص بعدد الأطباء في مختلف الأقسام. وبينوا أنه في عام 2015 طرحت الوزارة برنامجًا تدريبيًا شمل 150 طبيبًا، تم التعاقد معهم بشكل مؤقت، وكان في ذلك بارقة أمل بالنسبة لطلبة الطب آنذاك، إذ أن من شأن البرنامج توفير أكبر عدد ممكن من الفرص التدريبية. وأضافوا: «في عام 2016 لم يتم فتح باب التدريب مطلقًا، وكان المبرر بأنه ليست هناك ميزانية للتدريب».آلاف الدنانير على البعثات.. والنتيجة «عاطلون» رفض الأطباء ما يتم تداوله بأن لجوء العديد من خريجي الثانوية للدراسة على حسابهم الخاص سبب أزمة البطالة بين صفوفهم، مؤكدين أن العديد منهم أصحاب تقديرات عالية جدًا بالثانوية العامة، بل إنهم حاصلون على بعثات من وزارة التربية والتعليم. ولفتوا إلى أن الدولة أنفقت آلاف الدنانير لدراسة هؤلاء الطلبة المبتعثين، وأن عدم توظيفهم بمستشفياتها يعتبر إهدارًا للمال. وقالوا: «كذلك بالنسبة للأهالي وأولياء الأمور الذين بذلوا الغالي والنفيس للاستثمار بأبنائهم، إذ أن من الصعب رؤيتهم عاطلين عن العمل بعد كل الوقت والمال والجهد الذي ضاع منهم». زملاؤنا الخليجيون استشاريون قريبًا.. ونحن «محلك سر» قارن الأطباء بين وضعهم الحالي، ووضع زملائهم الخليجيين الذين كانوا معهم بمقاعد الدراسة، سواء في جامعة الخليج العربي في البحرين، أو الجامعات الأخرى. وقالوا: «في الوقت الذي انخرط فيه زملاؤنا فور إنهائهم متطلبات التخرج بالعمل والتدريب للوصول لدرجة استشاريين، وقد قطع البعض منهم سنة أو سنتين في هذا الطريق، لا نزال نبحث عن مقاعد للتدريب، ونطرق أبواب المسؤولين من دون جدوى». واعتبروا أن توظيف الأطباء لا يجب أن يخضع لإعلان المسابقات الوظيفية السنوية، بل يجب أن يتم بشكل مباشر مع تخرج كل فوج، إذ أن هذه المهنة تتطلب الممارسة والتدريب المستمرين.مسؤول بالصحة رفض مقابلتنا وأخرى «الله يساعدكم» أوضح الأطباء أن هناك تخصصات سعودية ضمن البرنامج التدريبي المطروح هذا العام، تتضمن 26 مقعدًا، في حين لم يكن ذلك متاح في السنوات الماضية. وأشاروا إلى أن الخضوع لهذا البرنامج يتطلب الحصول على «الليسن» السعودي، إلا أن باب التقديم مغلق حاليًا، في حين تم تحديد 31 مارس الجاري كآخر موعد للتقديم. وقالوا: «أحد المسؤولين بإدارة التدريب رفض مقابلة إحدى الطبيبات الحديثات، التي ذهبت للاستفسار عن حل لتلك المشكلة». ولفتوا إلى أن محاولاتهم لتوصيل شكواهم للمعنيين لم تقتصر على هذا المسؤول، وأن إحدى موظفات الوزارة حين طلبوا لقاء الوزيرة لشرح ظروف مجموعة من العاطلين، قالت لهم: «الله يساعدكم». وتابع الأطباء: «تضمنت الشروط هذا العام ألا يكون قد مضى سنتان للمتقدم على تاريخ التخرج، ومن غير المنطقي أن يتم تحديد فترة زمنية محددة لتدريب الأطباء، بالرغم من أن الوزارة تسببت بتأخر البعض منا، والعديد منا من خريجي العام 2014».أولوية «التدريب» لا تخضع للأقدمية أشار الأطباء في الحديث الموجه للنائب المعرفي إلى أنه ليست هناك أولوية للخريجين حسب الأقدمية في التدريب أو التوظيف. وقالوا: «إنه سبق وأن لوح الأطباء الأجانب العاملون بمستشفى السلمانية الطبي بالاستقالة، حين تم تقليل عدد ساعات الخفارة، بعد الإجراءات التي تم اتخاذها لتقليل النفقات خلال العام الماضي». وأكدوا في هذا السياق على ضرورة تأهيل العنصر الشبابي البحريني، لخلق صف ثانٍ قوي ومؤهل من الاستشاريين القادرين على تسيير شؤون المستشفيات والقطاع الصحي بالمملكة، إلى جانب الاستفادة من الخبرات الخارجية، إذ أن المواطن لن يتهاون في أداء مهامه وواجباته تجاه بلده أمام أي تحدٍ.
مشاركة :