"تأملات في السعادة والإيجابية" ينشر الأمل والتفاؤل

  • 3/12/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

اختتمت مساء أمس فعاليات الدورة التاسعة من مهرجان طيران الإمارات للآداب التي أقيمت في فندق انتركونتننتال بدبي فستيفال سيتي، والتي استقطبت جمهوراً واسعاً من عشاق الكتاب والمعرفة من مختلف الأعمار والجنسيات والثقافات، ليتابعوا جلسات أو يشاركوا في ورشات عمل عدد من كتابهم المفضلين، ليصل عدد الكتاب المشاركين في هذه الدورة إلى 140 كاتباً وأكثر من 250 فعالية. وكانت من أبرز الجلسات التي احتفى بها المهرجان، أول من أمس، جلسة حوارية ناقشت كتاب «تأملات في السعادة والإيجابية» أحدث كتاب أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وتحدثت في الجلسة معالي عهود بنت خلفان الرومي وزيرة الدولة للسعادة، والدكتور خليفة السويدي، إعلامي وعضو هيئة التدريس بكلية التربية جامعة الإمارات، والكاتب محمد النغيمش، كاتب الرأي بصحيفة الشرق الأوسط، وفهد هيكل، إعلامي إماراتي ومن رواد التواصل الاجتماعي المتخصصين في الإيجابية والسعادة والتفاؤل واعتمادها كأسلوب حياة. وتناولت الجلسة تجربة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد التي عرضها في الكتاب من أربعة محاور مختلفة تناولت فلسفة سموه الخاصة بالسعادة والإيجابية وتأثيرها على العمل الحكومي، والإداري والتربوي والاجتماعي. مضامين السعادة وتحدثت معالي عهود الرومي في مداخلتها عن فلسفة صاحب السمو في العمل الحكومي، من واقع تجربتها في العمل ضمن فريق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بقولها: «كان لي شرف العمل ضمن فريق سموه قبل 13 عاماً، ولمست على أرض الواقع وفي تفاصيل عملنا خلال تلك السنوات ما دونه صاحب السمو في كتابه، والذي يعكس أسلوبه العملي واهتمامه الشخصي بمضامين السعادة، ونظرته الإيجابية للأمور. تلك الإيجابية التي تكلم عنها وعززها صاحب السمو والتي لم نسمع بها في أي بلد آخر. ويشير فيها إلى أن علاقة الإيجابية بالسعادة هي علاقة المقدمة بالنتيجة». كما قدمت معالي الوزيرة مثالاً آخر قائلة: «أورد صاحب السمو في كتابه سؤال أحد الدبلوماسيين له حول فاعلية دور الحكومة في نشر السعادة. ليوضح له سموه أن الحكومة معنية بسعادة المجتمع والتفاعل الإيجابي وهي المضامين التي تدفع لبناء المستقبل». وانتقلت إلى الحديث عن محور جديد تناوله في كتابه والمرتبط بالحكومة الإيجابية التي يقول عنها «إن قوة الإدارة الحكومية لا تعتمد فقط على قوة الإجراءات والأنظمة، ونجاح أي دولة لا يعتمد فقط على القوانين والتشريعات والخطط مهما كانت قوية، بل هناك أيضاً جانب مهم جداً وهو الجانب القيمي والنفسي والأخلاقي والمعنوي، عند تعامل الحكومات مع شعبها». كما تحدثت معاليها في الختام عن المرحلة الجديدة من مبادراته في مشروع «البرنامج الوطني للسعادة» قائلة: «بادر صاحب السمو بجمع الفريق المعني بالبرنامج في مختلف الدوائر وكرمهم ووصفهم بقوله: هؤلاء أبطال السعادة الإيجابية في الهيئات الحكومية». السهل المُمتنع وتحدث الدكتور خليفة السويدي في مداخلته مبيناً قيمة وأهمية مضمون الكتاب قائلاً: «يقدم الأكاديمي في كتابه بحوثاً ودراسات، بينما كتاب صاحب السمو يعتمد على تجربة ناجحة على أرض الواقع وهو الأهم. وتدفع أهمية الكتاب إلى نشره على أوسع نطاق ليصل إلى أكبر عدد ممكن من الشباب العربي الذين هم بأمس الحاجة لوميض أمل وتفاؤل. كما أعجبني في الكتاب ثلاث نقاط. أولها أسلوبه المعتمد على السهل الممتنع وبالتالي الإيجاز بما قلّ ودلّ. هذا الإيجاز يعيد إلى الذهن قيمته ففي البلدان الغربية يعرفون المصطلح أو التعريف بجملة، أما في العالم العربي فالتعريف لا يقل عن فقرة، لذا يصعب على طلبتنا التمكن من المعلومة وبالتالي النجاح في هذه المواد». وينتقل إلى النقطة الثالثة قائلاً: «أعجبتني فكرته عن تغيير نمط التفكير، والأكثر هذه المقولة (واجب الحكومة تمكين الناس وليس التمكن منهم) إنها من أجمل الكلمات التي تصاغ بمداد الذهب. وأعادتني قراءتي لفصله حول سعادة الأسرة الإيجابية إلى ما شاهدته خلال رحلتي إلى كوريا حيث زرنا مدرسة للروضة وكان المعلمون يصطفون في الصباح ليستقبلوا كل طفل بالعناق واللعب قبل دخول الصف، والغاية رسم الابتسامة على وجهه كما نقش على سطح كل طاولة (لقد ولدت لكي تعيش سعيداً) وهم يدركون ببعد رؤيتهم أن السعادة تقود إلى الابتكار بينما نحن كآباء نعلم أولادنا منذ صغرهم إتيكيت الشقاء لنعاني منهم بعدما يكبرون». جانب اجتماعي وتحدث فهد هيكل في مداخلته عن الجانب الاجتماعي، وتأثير الإيجابية والسعادة على المجتمع وتحديداً فئة الشباب، حيث اعتبر أن الكتاب بمثابة وصفة علاجية لأغلب حكومات المنطقة، خصوصاً أن صاحب السمو عرض في كتابه لحالة التشاؤم التي يعيشها الشباب العربي وتأثير ذلك على الحاضر والمستقبل. واعتبر هيكل أن السعادة والإيجابية هما وجهان لعملة واحدة، وأن أهمية تجربة دولة الإمارات هي في إيمان قيادتها بالعطاء والسعادة وحب الشعب، وما قام به صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هو ترجمة هذه القيم والمفاهيم إلى قوانين وتشريعات على أرض الواقع، فكانت وزيرة السعادة ووزيرة للتسامح وبرامج إسعاد المتعاملين وسواها. أما الكاتب الكويتي محمد النغيمش فركز في مداخلته على الشباب قائلاً: «السعادة والإيجابية مطلب يبحث عنه كل إنسان على وجه الأرض وهو ما يجمعنا اليوم». وقال: «وجدت في هذا الكتاب روح لا تهدأ تحلم وتمد يد الخير للناس. وأود في مداخلتي التركيز على الشباب حيث يشكل هذا الكتاب وصفة علاجية لهم ولأغلب الحكومات العربية». وأشار النغيمش إلى النموذج الذي رسمه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في العمل الحكومي وفعاليته، خصوصاً لناحية وضع مؤشرات الأداء للوزراء والتي تتخطى 3600 مؤشر تساهم في ترتيب وتقييم أداء الوزراء وتزرع روح التنافس فيما بينهم، وهو بذلك قد يكون تخطى نموذج العمل التقليدي، واعتبر أن نموذج مؤشرات الأداء هو عملية غير مسبوقة. وختم النغيمش حديثه بفضيلة الإنصات عند صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وأهمية هذه الفضيلة عند القائد الناجح وكيف لاحظ في حديثه مع سموه بأنه ينصت لمن يحدثه حتى يشعر أنه أهم شخص يتحدث إليه ويرى ذلك من يحدثه بسكونه ونظراته وإيماءاته وهو ما اعتبره احترام كبير من هذا القائد لمن حوله. مزايا قائد تحدثت معالي عهود بنت خلفان الرومي وزيرة الدولة للسعادة، عن وصف الكتاب لمزايا ودور القائد قائلة: «القائد الإيجابي هو الذي يستطيع أن يغمض عينيه ويتخيل المستقبل، ويرى الإنجاز الذي يريد تحقيقه». وتختار مقتطفاً آخر عن علاقة الموظف القائد بفريق عمله، «القائد والمدير الإيجابي هو الذي ينظر إلى جوانب التميز في موظفيه ويحاول تعزيزها وتعظيمها، وليس العكس». كتّاب بين التسامح والسعادة السعادة أولاً يحمل الكاتب وخبير الإعلام والتسويق الإماراتي حسين علي لوتاه الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للإعلام، والذي حقق كتابه «بين زوجتين» نجاحاً كبيراً، رؤية مختلفة ويقول: «في رأيي السعادة تقود إلى التسامح، حيث يصعب على البائس والتعيس التسامح أو الغفران، وربما يدّعيه ظاهرياً. والغفران مرتبط بشخصية الفرد ومحيط عالمه الداخلي، أما سعادتي الخاصة فهي أن أعرف نفسي أولاً وأتصالح معها لأسعد وأسعد غيري». قدرة على التعايش ترى الروائية الكويتية بثينة وائل العيسى الحاصلة على ماجستير في إدارة الأعمال أن «التسامح كلمة فوقية، وأفضل استخدام مصطلح القدرة على التعايش مع اختلاف الآخر الذي يعكس إحساسي بالأمان والرضا الداخلي، والذي يقودني إلى السعادة. وفي الاختلاف رؤية إيجابية، ففيه مصدر غنى وتنوع وجمال، وإيجابية تشكل تجدد وتفاعل. والغفران قيمة ترتبط بالفرد والضرر له. أما سعادتي فهي في الحرية والعدالة والحب». سؤال ملغوم يقول الطبيب الجراح والروائي السعودي المعني بأدب الخيال والمغامرات منذر القباني: هذه أسئلة ملغومة وتحتاج لتأمل، إنما يمكن القول: إن «التسامح قيمة حقيقية وأعمق من السعادة التي تختلف معانيها بين شخص وآخر، فالتسامح يعني تقبل الآخر خارجياً، أما الغفران فمسامحته داخلياً، وقيمته الوجدانية أعمق من التسامح. أما معايير سعادتي فهي تقبل أفكار الآخرين». التسامح أعمق يقول الروائي المصري الشاب محمد ربيع، الذي وصل لقائمة جائزة الرواية العربية القصيرة عام 2010: التسامح أعمق وقيمة حقيقة متفق عليها، لكن مفهوم السعادة يختلف بين شخص وآخر. وبالطبع التسامح يقود للسعادة. والغفران يرتبط عادة بذنب أو خطيئة بعكس التسامح، الذي يعني تقبل الآخر دون موافقته على فكره أو قناعاته، أما سعادتي فهي أولاً وأخيراً في رؤية من حولي سعيداً. القناعة هي المحور يقول الكاتب الإماراتي الشيخ سلطان بن سعود القاسمي مؤسس «بارجيل للفنون» غير الربحية: «على الإنسان أن يكون متسامحاً مع نفسه كي يتمكن من التسامح مع الغير». وأنا أرى السعادة أقل عمقاً فهي آنية. الله في ديننا الحنيف يغفر لنا كما في جميع الأديان، فكيف لا نغفر بدورنا للغير، ومن لا يغفر فهو بعيد عن الدين. أما سعادتي الخاصة فتتمحور أولاً وأخيراً في القناعة. تحرر وتقشف يقول الدكتور المصري أحمد خالد توفيق، الذي يعتبر أول روائي يختص في أدب الجريمة، والذي يعتبر عرابها في العالم العربي: «بالمنطق التسامح يقود للسعادة، وللتسامح معنى أكبر من تقبل اختلاف الفكر وثقافات المجتمعات الأخرى فهو نبذ التعصب والتحجر الفكري، أما الغفران فهو أمر شخصي يرتبط بداخل الفرد. أما سعادتي فأراها في الاستغناء والتخلي والتقشف للتحرر الداخلي والمعنوي».

مشاركة :