جولة أستانة 3 ستعقد رغم مقاطعة المعارضة السوريةلا يتوقع المهتمون بالشأن السوري أن تحقق جولة أستانة الثالثة أي خرق في جدار الأزمة، في ظل غياب طرف رئيسي وهو فصائل المعارضة التي قررت عدم المشاركة، نتيجة تجاوزات النظام الميدانية والخلافات التركية الروسية.العرب [نُشر في 2017/03/14، العدد: 10571، ص(2)]حي الوعر: تدمير ممنهج ينتهي بتهجير أستانة- أعلن وزير خارجية كازاخستان خيرت عبدالرحمنوف، الاثنين، أن الدول الراعية لمؤتمر أستانة ماضية في جهودها لعقد جولة جديدة من المحادثات السورية في بلاده رغم مقاطعة المعارضة السورية لها. وقال عبدالرحمنوف للبرلمان “ننتظر تأكيد الأطراف حضور الاجتماع”، مضيفا أن وفودا بدأت بالفعل تصل إلى العاصمة أستانة. ووصل وفد الحكومة السورية إلى أستانة الاثنين لحضور المحادثات، وفقا لوسائل الإعلام السورية الرسمية. وفي المقابل أعلنت فصائل المعارضة عن رفضها حضور المحادثات ردا على التجاوزات الميدانية للنظام في أكثر من جبهة وخاصة في حمص (وسط) وريف دمشق. وقال ناطق باسم وفد الفصائل أسامة أبوزيد “قررنا عدم المشاركة في محادثات أستانة” لعدة أسباب من بينها “عدم تنفيذ أي من التعهدات الخاصة بوقف إطلاق النار” الذي تم التوصل إليه برعاية روسية تركية. ومن المقرر أن تستضيف أستانة الثلاثاء والأربعاء جولة ثالثة من المحادثات حول سوريا برعاية كل من روسيا وإيران، أبرز حلفاء النظام، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبحث وفدا الحكومة السورية والفصائل المعارضة في جولتي محادثات عقدتا خلال الشهرين الماضيين في أستانة تثبيت وقف إطلاق النار الساري على الجبهات الرئيسية في سوريا منذ 30 ديسمبر. واتسمت الجولة الثانية خاصة بالتوتر في ظل وجود خلافات روسية تركية على فحوى الجولة، لتنتهي دون صدور بيان ختامي. وقال أحمد عثمان قائد فصيل السلطان مراد القريب من تركيا الاثنين “أبلغنا قرارنا بمقاطعة أستانة 3 إلى كافة الأطراف” الراعية للمحادثات. ولفت إلى أن “قوات النظام والميليشيات مازالت تواصل القصف والتهجير والحصار”. ويستمر النظام السوري في خططه الميدانية خاصة في ريف دمشق، حيث نجح الاثنين في عزل منطقة البرزة والقابون وتشرين عن الجيب الرئيسي لمقاتلي المعارضة في الغوطة الشرقية التي شهدت عنفا متصاعدا منذ بداية العام الجاري. ويسعى من خلال هذه الخطوة إلى إجبار المعارضين على الاتفاق على هدنة مماثلة لتلك التي أدت إلى إجلاء الآلاف من المقاتلين المعارضين من مناطق أخرى محاصرة، آخرها في حي الوعر وسط البلاد. وقالت وسائل إعلام سورية معارضة على غرار محطة “أورينت نيوز” التلفزيونية الاثنين، إن مقاتلي المعارضة وافقوا على الخروج من حي الوعر في محافظة حمص مع عائلاتهم خلال الأسابيع القليلة المقبلة. ونقلت وسائل إعلام رسمية عن طلال البرازي محافظ حمص تأكيده التوصل إلى هذا الاتفاق في آخر جيب للمعارضة في مدينة حمص. ويشكل هذا الاتفاق نجاحا جديدا لخطط تهجير السكان من المناطق الرئيسية في سوريا، وهو الأمر الذي لطالما نبهت إليه المعارضة خاصة وأنه يحمل أبعادا أعمق تتمثل في محاولة تغيير التركيبة الديموغرافية لتلك المناطق. ويبدو أن روسيا التي تولت الإشراف على اتفاق حي الوعر، تسعى جاهدة لتكريس سيطرة النظام على المزيد من المناطق تفاديا لمفاجآة خاصة مع استمرار التباعد في عدد من المسائل مع الأتراك فضلا عن غموض الموقف الأميركي. ويعتقد كثيرون أن من الأسباب التي دفعت المعارضة لإعلان مقاطعتها أستانة 3، هو عدم توصل أنقرة التي تملك اليد الطولى على الفصائل وموسكو إلى حل لجملة من الملفات المتعلقة أساسا بالشمال السوري. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد قام مؤخرا بزيارة إلى روسيا التقى خلالها بنظيره فلاديمير بوتين، ليصرح على إثر ذلك اللقاء عن “بقاء قضايا عالقة في الحوار مع موسكو”. وتطالب أنقرة موسكو بدعم خططها في التقدم في شمال سوريا، خاصة بعد أن بدا واضحا أن الولايات المتحدة تراهن على الشريك الكردي ممثلا في وحدات حماية الشعب الذي تصنفه تركيا تنظيما إرهابيا، في الملف السوري لجهة طرد تنظيم داعش، وتكريس موطئ نفوذ ثابت لها في شمال البلاد وشرقها. وتسعى تركيا لتوسيع دائرة سيطرتها في الشمال وتحديدا من جرابلس مرورا بمنبج (تسيطر عليها الوحدات) وصولا إلى الرقة، بهدف منع الأكراد من إقامة حزام على طول الحدود معها، وأيضا تعزيز نفوذها على الأرض السورية تمهيدا لأي تسوية مستقبلية. ويلاقي ذلك رفضا من طرف الولايات المتحدة وحتى موسكو، التي تعي جيدا الطموحات التركية، كما أنها تريد الإبقاء على تعاون مستقبلي بينها وبين واشنطن وإن كان صبرها بدأ ينفد من تباطئ موقف إدارة ترامب.
مشاركة :