ضرار بالهول لـ"البيان ": 3 تحديات تواجه التطوع في الإمارات

  • 3/15/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

دعا ضرار بالهول الفلاسي المدير العام لمؤسسة وطني الإمارات، إلى البناء على مخرجات «خلوة الخير» التي عُقدت مؤخراً برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لإطلاق منصة وطنية جامعة لتوحيد الجهود التطوعية على المستويين الاتحادي والمحلي، والاستفادة من احتفال الدولة بـ2017 عاماً للخير. وأكد أن مؤسسة وطني الإمارات خطت خطوات نوعية في التعامل مع مفهوم التطوع، بالتخطيط للأنشطة التطوعية لسنوات عدة مقبلة، ولتأهيل المتطوعين بشكل منهجي ومكثف لخدمة الأهداف التطوعية المطلوبة، مستشهداً على ذلك ببرنامج سفراء وطني الإمارات «قياديو اكسبو 2020» الذي يتولى تأهيل وإعداد المئات من أبناء الدولة للقيام بمهام تطوعية أثناء انعقاد معرض «دبي اكسبو 2020». وأضاف: «لست متشائماً لواقع التطوع في الإمارات، لكننا نعاني من 3 تحديات تعيق تقدمه كما ينبغي». تحديات وكشف بالهول عن التحديات الأساسية التي تعيق تقدم القطاع التطوعي، وعن جدوى التطوع وقيمته وتغيير الفكر السائد عن استخدام عمالة أقل أجراً كبديل، وعن برامج أعدتها المؤسسة قامت من خلالها بإرسال المتطوعين للخارج للاستفادة من خبرات الدول الأخرى، وبرامج أخرى تدعم عام الخير وقيمة التطوع، وغيرها من التفاصيل خلال الحوار التالي: كيف تقيّم حالة التطوع في الدولة اليوم؟ لا أريد أن أكون متشائماً ولكنني أعتقد أن هنالك 3 تحديات أساسية تعيق تقدم القطاع التطوعي في الدولة، أولها: تشتت الجهود، فكل جهة تريد أن تأخذ التطوع لصفها أو الاستئثار بنسبة القطاع التطوعي إليها دون التفكير في الصورة الوطنية الشاملة التي تعم كل الدولة وكافة المواطنين، والثاني: ربط التطوع بالجهود العفوية أو الموسمية بحسب الفعاليات أو المناسبات، وبمفاهيم بسيطة ترتبط «بالفزعة» كما نقول بالمحلية أي يهب للمساعدة من منطلق شعوره بالواجب والمساعدة، لكنه ليس بالعمل المؤسسي المنظم المصحوب بالتخطيط الملائم والتحدي الثالث: أن الإطار القانوني لا يزال يربط التطوع بالجمعيات ذات النفع العام، بينما الواقع أن غالبية المتطوعين لدينا هم أفراد يتعاونون إما مع مؤسسات حكومية أو يقومون بمبادراتهم التطوعية فردياً، ولكل من هذه التحديات تفاصيلها، لكنني أتمنى أن نستفيد من مخرجات «خلوة الخير» التي دعا إليها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، مؤخراً لمعالجة هذه التحديات، والانتقال إلى منصة وطنية جامعة لتوحيد الجهود التطوعية على المستويين الاتحادي والمحلي وخاصة ونحن نحتفل على مستوى الدولة بمبادرة صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله بإعلان عام 2017 عاماً للخير. قيمة الخير بكل صراحة، ما الذي يدفع الأشخاص للتطوع؟ البعض يقول إنه من الأسهل استخدام عمالة بأجر يسير؟ طرح هذا السؤال كثيرون بالفعل، لكن من قال إننا هنا نتحدث عن المال والتكاليف المالية؟ المسألة بالنسبة للتطوع هي أنه يتعلق بالقيم الوطنية لا بالمكونات المادية، في الواقع هذا السؤال ينتج من فكرة الربط الذهني بين التطوع وأعمال الفزعة البسيطة مثل طلاء الجدران، أو تنظيف الشوارع، أو صيانة المساجد وما شابه ذلك، ومع تقديرنا لهذه الأعمال ومن يقومون بها، إلا أننا لا نريد أن نحصر التطوع في هذا النطاق، وأذكّر في هذا الصدد بجهود فريق أطباء الإمارات التطوعي الذي يجري عمليات جراحية عالية الدقة، وكذلك بالبرنامج التطوعي للهيئة الوطنية للطوارئ وإدارة الأزمات الذي يتطلب أن يكون المتطوعون فيه مؤهلين تأهيلاً علمياً أو طبياً. إذاً نحن لا نتحدث عن الأعمال البسيطة وإنما عن الهمم العظيمة، ولا أنكر بالطبع أو أقلل من دور من يتطوع لتنظيف مدرسة، أو رعاية مسن، لكن لا أريد أن نتوقف عند هذا الحد، وأنا هنا أراهن على قيمة غالية جداً أثق بأنها موجودة في نفوس الإماراتيين وهي «قيمة الخير» فنحن شعب محب للخير، وتربينا على ذلك، من الآباء المؤسسين، ومن آبائنا وأجدادنا، واليوم قدوتنا الخيِّرة قادتنا وشيوخنا الميامين، فحيثما نظرت تجد إماراتياً مفعماً بحب الخير، وهذا ما أراهن عليه. نعم، نستطيع استئجار عمالة منخفضة الأجر، أو حتى اختصاصيين بأعلى الرواتب، لكننا لن نجد من يعبّر عن القيم الإماراتية مثل الإماراتي، والتطوع في المحصلة تعبير راقٍ عن إحساس الإنسان بالمسؤولية تجاه مجتمعه، أو لنسمّها «المسؤولية الاجتماعية للأفراد»، وهو إحساس لا يمكن للمال أن يشتريه. اكسبو 2020 بدأتم في مؤسسة وطني الإمارات في وقت مبكر برنامجاً تطوعياً جديداً خاصاً بمعرض اكسبو 2020، أليس الوقت مبكراً؟ وما طبيعة البرنامج؟ على العكس تماماً، الوقت الآن مناسب لبدء هذا البرنامج بالتحديد، والذي أطلقناه في نهاية 2015، ونهدف من خلاله إلى توفير احتياجات معرض «دبي اكسبو 2020» من المتطوعين، ضمن فهم جديد ومختلف لفكرة التطوع هنا، فالمتطوع سيكون سفيراً للدولة ليس ليوم أو يومين وإنما لستة أشهر متواصلة وأمام وفود رفيعة المستوى من مختلف دول العالم، أما نوعية المتطوع الذي سنقدمه لمثل هذه المهمة باختصار سيكون فرداً قادراً على أن يعكس تميز دولة الإمارات عموماً ودبي خصوصاً، ومركزها الأول في مختلف المجالات، ولكي يكون كذلك سيحتاج كل واحد منهم إلى التدريب والتأهيل المكثف على كافة المهارات التواصلية واللغوية والبروتوكولية وكيفية التصرف لحل أية مشكلة تواجهه أو إذا ما تم طرح أي سؤال عليه سيكون جاهزاً للرد وإعطاء معلومات كافية ووافية ودقيقة وما إلى ذلك، نريد أن يكونوا سفراء لدولتنا على مستوى عال من الثقافة واللياقة والعلم، لهذا نؤهلهم أعلى تأهيل، والميزة الأساسية هنا هي أننا خططنا لهذا البرنامج التطوعي، ولم ننتظر إلى عام 2020، وقيّمنا بالتعاون مع شركائنا الاحتياجات الفعلية لمعرض بهذا الحجم، والمدة الزمنية وبناء عليه صممنا برنامجنا، ولم نخضع لمنطق الفزعة الذي لا يفيد في هذا المجال. هل أرسلتم بالفعل هؤلاء المتطوعين إلى سنغافورة؟ وما السبب رغم اختلاف الحضارة بين البلدين؟ نعم تم إرسالهم بالفعل، إذ إن هذا البرنامج يقوم بتطبيق منهج تجريبي للتعلم، يتناول فيه السمات والطرق الرئيسية للنجاح بما في ذلك سبل التفاعل والتواصل والتحدي، كما يُساعد المشاركين على تنمية مهارات العمل الجماعي وتمكينهم من تحمل المسؤولية وإبراز مهارات القيادة الكامنة بداخلهم، ويحفزهم أيضاً على التفكير الإبداعي والعمل الجماعي حيث يسلحهم بالأدوات اللازمة للتغلب على كافة المشاكل المستقبلية التي قد تنشأ في مختلف جوانب الحياة، ليكون لهم تأثيرٌ واضحٌ على مجتمعاتهم في شتى مجالات التنمية باعتبارهم أجيال المستقبل الذين يمثلون مصدر إلهام في تقدم الأمم والمجتمعات، بالإضافة إلى أن البرنامج يتضمن العديد من ورش العمل واللقاءات مع شخصيات بارزة محلياً ودولياً، فضلاً عن الزيارات الميدانية للعديد من المؤسسات الحكومية وشركات القطاع الخاص ذات الصلة باهتماماتهم وفرق عملهم، وقد وجدنا أن التجربة السنغافورية سواء في الإدارة أو في ثقافة التطوع ذات أهمية عالية في تأهيل هؤلاء المتطوعين، ويمكنها فعلياً تحقيق المتطلبات المنهجية لبرنامجنا فقررنا إرسالهم هناك، كما أننا سنقوم بإرسالهم إلى دول أخرى لتحقيق الفائدة القصوى من البرنامج. تعد هذه نقلة نوعية في تأهيل المتطوعين، هل ستطبقون مثل هذه البرامج على كافة المتطوعين الذين تتعاملون معهم؟ لدينا قاعدة بيانات ضخمة للمتطوعين الإماراتيين ويتم تحديثها بانتظام، كما يمكن التسجيل فيها عبر موقع المؤسسة، وعندما نقوم بتحليل الأرقام نجد نوعية رفيعة من الاهتمامات تثبت ما قلته سابقاً حول قيمة الخير في نفوس الإماراتيين، إذ وجدنا أن غالبية المتطوعين لديهم مهارات وخبرات تخصصية عالية، ويودون المساهمة في أنشطة تطوعية تتراوح بين الرعاية الصحية، وحماية البيئة، والتدريب، والبحوث، وهذه مؤشرات إيجابية تعني أن هنالك تطوراً ملحوظاً في فهم الإماراتيين لفكرة التطوع، ونحن نرحب بهم جميعاً وعندما يتطلب البرنامج تدريباً سنقوم بتدريب المعنيين حسب الحاجة، وسنوفر البرامج المناسبة لهم. ما هي أهداف برنامج سفراء وطني الإمارات قياديو اكسبو 2020؟ نسعى لتحقيق العديد من الأهداف من خلال هذا البرنامج، أبرزها: تعزيز الهوية الوطنية الإماراتية لدى النشء، وتعميق المبادئ والقيم المجتمعية الإماراتية في نفوس النشء لتنشئة جيل صالح فكراً ومنهجاً وأسلوباً وتعاملاً وعملاً، وتنمية قدرات الشباب على التفاعل مع المجتمع والبيئة التي يعيش فيها بما يحقق تنمية الدولة ورقيها، وتدريب النشء على كيفية استثمار الفراغ بما يلبي حاجاته الروحية، والاجتماعية، والنفسية، وينمي خبرته ويثري حصيلته الثقافية ويصقل قدراته الإبداعية، وتعويد النشء على الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية وتنمية القيادة واحترام الآخرين والتعاون البناء، وإعداد وتأهيل كوادر طموحة مبدعة قادرة على تحدي الصعوبات وتساهم في دعم عجلة التطور والابتكار في الدولة، وإكسابهم المزيد من المهارات وتحفيزهم على العمل بروح الفريق، وصقل مهارات التفكير والتحليل عند المتطوعين، والتعرف على مختلف الحضارات والتقنيات والثقافات والاستفادة منها، وحث المشاركين على حب الاستطلاع والاستكشاف مع المحافظة على سلامتهم. الإماراتي يمتاز بغنى الأخلاق وليس وفرة المال أكد ضرار بالهول الفلاسي أن قيمتنا المضافة تنبع من كوننا نعمل في المبادرات المجتمعية ومن منظور قيمي، وهذا بحد ذاته تطوير للكثير من الأفكار الاجتماعية السابقة، لذلك تكون هنالك دائماً قيمة مضافة للتطوع معنا لأننا نركز على المضمون، بمعنى لماذا نتطوع، وما هي الرسالة التي نوصلها من خلال التطوع وليس فقط عدد من تطوعوا، وإنما ماذا قدموا، أما المؤسسات المشابهة فنحن ندعوها إلى توحيد الجهود وتجنب التكرار بحيث نتمكن جميعاً من توسيع نطاق تغطية النشاط التطوعي الإماراتي لأبعد مدى وبما يفيد الجميع. تكامل وحول تعامل المؤسسات العامة والخاصة مع التطوع دعا الفلاسي الشركات والمؤسسات العامة والخاصة إلى التعامل مع التطوع باعتباره نوعاً من «المسؤولية الاجتماعية للأفراد» بحيث تتكامل مع «المسؤولية الاجتماعية للشركات والدوائر الحكومية» وبالتالي يمكن أن يتم ترتيب الأمور بحيث يكون هنالك برنامج تطوعي مدمج مع برنامج المسؤولية الاجتماعية للشركة أو الدائرة، وبذلك نحقق هدفين معاً، بحيث نلبي حاجة الشركة للمسؤولية، وكذلك رغبة الموظف بالتطوع. وتابع: ما يهمني أكثر هنا هو أن نضع كل ذلك ضمن اعتبارات المسؤولية الوطنية، وهي التي أتمنى على زملائي المديرين العامين والأخوة المسؤولين كل في موقعه، أخذها بعين الاعتبار وتحويلها إلى واقع ملموس في مؤسساتهم وشركاتهم ودوائرهم، وليتذكروا أننا في «بلد الخير» و«عام الخير»، وبشكل عام أتمنى أن نعطي المزيد من الأهمية للقطاع التطوعي لكي يتساوى مع بقية القطاعات التي تتميز بها دولتنا الحبيبة مذكراً في هذا الصدد بأن هذا القطاع أصبح له وزنه الاقتصادي، بل له دور أيضاً في توليد قطاعات اقتصادية تابعة مثل سياحة التطوع. رسالة وختم الفلاسي رسالته للمتطوعين بالقول: إن ما يميز الإماراتي عن غيره ليس الوفرة المالية كما يظن البعض، وإنما الرقي والأخلاق ومعرفته الأكيدة بتراث وعادات وتقاليد بلده وثقافتها، لذلك قد يكون مستغرباً وجود إماراتي لا يتطوع بشكل أو آخر، ولكنني من معرفتي بإخواني أبناء وبنات الدولة أثق ثقة تامة بقيمة الخير لديهم، وبقدرتهم على ابتكار المزيد من الخير والعطاء، والتطوع في المحصلة سجل شرف يضاف إلى سجلهم الحياتي والمهني، وأطالبهم بألا يبخلوا على أنفسهم به، إضافة إلى كونه يجعل من الفرد خير قدوة لأبنائه باعتباره عنصراً فاعلاً في المجتمع يعمل لمصلحة الدولة وأبنائها.

مشاركة :