ضرار بالهول لـ «البيان»: ديمقراطية المجالس والخلوات تدمج الشعب مع الحكام

  • 4/9/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أعد ضرار بالهول مدير عام مؤسسة «وطني الإمارات»، دراسة خاصة بعنوان: «التراص الذكي - تجربة دولة الإمارات في مكافحة الإرهاب والتطرف»، تناول خلالها أبرز العوامل والأسباب التي اتبعتها الدولة لمحاربة بذور الإرهاب، والسيطرة على بعض الخلايا التي بدأت تنبت في غير موضعها، وضمان استتباب الأمن والأمان في الدولة، وبين أن ديمقراطية المجالس والخلوات النقاشية تدمج الشعب مع الحكام، وكشف بالتفصيل كيف نجحت الإمارات في أن تكون نموذجاً للتعايش السلمي بين مئات الجنسيات والأعراق، دون أن تسمح للإرهاب أن يتسلل إليها بشتى الطرق والأفكار. مكافحة التطرف وأوضح أنه في الوقت الذي تتسابق فيه كثير من الدول إلى إطلاق حملات وطنية لمكافحة التطرف، وما يتبعها من ومبادرات، لوحظ أن دولة الإمارات العربية المتحدة، ابتعدت عن هذا المنهج، واختارت لنفسها طريقاً مختلفاً في التعامل مع التطرف والإرهاب وطرق مكافحته، مشيراً إلى أن الدراسة تقدم الأساليب المختلفة التي اتبعتها الدولة للوقاية من التطرف والإرهاب قبل وقوعه، وتحصين شبابها من خطره، إضافة إلى معالجة آثاره عند القلة القليلة ممن وقعوا في فخه، من خلال منظومة فعاليات واسعة على الصعيد الوطني، يمكن أن يطلق عليها مجتمعة منظومة «التراصّ الذكي»، والتي تشير إلى ترابط وتكاتف مختلف مكونات المجتمع في التصدي للفكر المتطرف والوقاية منه، بحيث لا يكون الدور الوظيفي لمكافحة التطرف والإرهاب محصوراً فقط في جهة واحدة، وهو ما ساعد على تحصين المجتمع ككل من مخاطر هذا المرض الفتاك المستشري في عالم اليوم. التسامح أساساً وذكر أن الإمارات نشأت على أسس متينة من الخلق القويم المستمد من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وعادات وتقاليد أهل الإمارات الراسخة، الأمر الذي مكّنها من تجاوز تحديات التأسيس والانطلاق نحو مرحلة البناء والتمكين بسرعة تجاوزت معدلات التنمية في الدول التي بدأت من ظروف مشابهة، وتمتاز بأنها وضعت منذ البداية، «التسامح» عنواناً أساسياً لمنهجية الحكم، على المستويين الاتحادين والمحلي، فقد كانت وما زالت أبواب أصحاب السمو حكام الإمارات على الدوام مفتوحة أمام المواطنين، وفي مقدمهم أصحاب الحاجات والالتماسات، كما نهجت الدولة منهج العفو والصفح، حتى أصبح من المعتاد في كل مناسبة دينية أو وطنية، العفو عن مئات المساجين، وتحمل تكاليف عودتهم لأهاليهم لقضاء الأعياد معهم. محاكمة وتمثلت المواجهة الأبرز بين الإمارات وهذا الفكر المتطرف، في كشف، ومن ثم حل ومحاكمة التنظيم السري للإخوان المسلمين، الذي سعى إلى قلب نظام الحكم. كما أدت الأحداث الراهنة في كل من سوريا والعراق، والانتشار الواسع لأفكار التنظيمين الإرهابيين الأبرز هناك، وهما «داعش» و«النصرة»، إلى تضليل عدد من شبابنا الذين اعتنقوا هذه الأفكار، مدفوعين بجهود يبذلها بعض الأعضاء الهاربين من المحكوم عليهم في قضية التنظيم السري، وإضافة إلى بعض الأشخاص ذوي الفكر غير السوي، كما حصل في قضية خلية المنارة الإرهابية. شراكة وتابع: «كما قامت التجربة الإماراتية، «التراصّ الذكي» على إشراك كافة فئات المجتمع ومكونات الدولة دون استئذان، لأن منطق «البيت المتوحد»، يستوجب مشاركة الجميع في تحصين الوطن والمجتمع والدولة، ومن هنا، ننظر إلى النتائج المتراكمة للتراص الذكي، ونجد أنها آتت أكلها أمناً وأماناً وسلاماً لدولة الإمارات، وعلينا هنا أن ندرس التجربة كوحدة متكاملة، وليس كمكونات منفصلة، ذلك أن انتشار التسامح كسلوك مجتمعي في الدولة، لا ينفصل من ناحية عملية عن تحقيق الدولة أعلى معدلات السعادة بين الدول العربية». مكونات التراص الذكي وأشار بالهول، إلى أن المكونات الأساسية لمشروع التراص الذكي الإماراتي، تتمثل في نقاط عدة، أبرزها: ديمقراطية المجالس وتقوم فكرة المجالس في الإمارات، كما في بقية دول الخليج، على تمكن المواطن من مقابلة المسؤول في مجلسه في أي وقت وبسهولة، وبالتالي طرح ما يريد من اقتراحات وأفكار في إطار من الاحترام المتبادل، وما ساعد في إنضاج هذه التجربة، توجه الحكومة الاتحادية، ممثلة بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى تطوير الفكرة إلى نمط مؤسسي، من خلال ما يعرف بمجالس محمد بن راشد الذكية، التي سمحت للموظفين بتقديم أفكارهم واقتراحاتهم، وحلول مشاكلهم للسلطات العليا دون قيود، وقدم سموه أفكاراً مبتكرة لتطوير وتوسيع المشاركة المجالسية، مثل خلوة الحوار بين مجلس الوزراء ونخبة من أبناء الإمارات، بينما خطا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خطوة أفقية مهمة، عندما أقام مخيمه في إمارات أخرى أكثر من مرة، بهدف الوصول للمواطنين في أماكن سكنهم، دون حواجز أو بروتوكولات رسمية. التمكين السياسي المتدرج أعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2005، عن برنامج وطني طموح لتعزيز المشاركة السياسية والتمكين السياسي المتدرج، نتج عنه إجراء أول انتخابات جزئية للمجلس الوطني الاتحادي، وتوسعت في الدورتين التاليتين، ومن المنتظر في الدورات المقبلة أن تستكمل عملية التحول، وصولاً إلى انتخاب كامل أعضاء المجلس، وليس النصف فقط. الهوية والمواطنة الصالحة يعتبر التمسك بالهوية الوطنية وممارسات المواطَنة الصالحة، من أهم وأبرز أوجه التعبير عن الانتماء الوطني، أو ما يعرف بالروح الوطنية، وفي الإمارات، أعطيتْ الهوية الوطنية والمواطَنة الصالحة أهمية قصوى لعدة أسباب، فهي في جانب تعزز الانتماء إلى الدولة الاتحادية على حساب الهويات الفرعية، كالقبيلة أو الإمارة، ومن جانب آخر، ترسخ علاقة المواطن بوطنه، مقابل محاولات التشتيت التي تسعى لإبعاد الانتماء من الوطن، إلى تنظيمات غير وطنية عابرة للحدود، مع ما يعنيه ذلك من خذلان الوطن وتقديم مصلحة تلك التنظيمات على المصلحة الوطنية. القيم الوطنية وعلى نفس المنوال، اهتمت الإمارات بالقيم الوطنية، وهي مجموعة القواعد الأخلاقية الناظمة لسلوكيات الشخصية الإماراتية، وعملت مؤسسة «وطني الإمارات»، على قياس القيم الوطنية الإماراتية الأكثر انتشاراً لدى المواطنين، وعلاقتها بالشخصية الإماراتية، ووجدت أن القيم الإيجابية هي الأكثر انتشاراً، متأثرة بما يتم توارثه عن الآباء والأجداد وتعاليم الدين الحنيف. الثقافة الدستورية إن دستور الإمارات دستور غني من حيث المفاهيم الدستورية، وخصص واضعوه من الآباء المؤسسين، بابين مطولين للحقوق والواجبات المترتبة على المواطن الإماراتي لدولته، وبالتجربة العملية، وجد أن تثقيف المواطنين بالدستور وبالحقوق والواجبات التي ينص عليها، ساهم إلى حد كبير في تعزيز انتمائهم لبلدهم وولائهم لقيادتهم، كما ساهم في تعريفهم بدور المؤسسات الدستورية المختلفة في الدولة وصلاحياتها، بحيث زاد وعيهم نحو ما تقوم به هذه المؤسسات، وطبعت جهات مختلفة كميات كبيرة من الدستور ووزعتها على المواطنين من مختلف الفئات العمرية، ووزعت مؤسسة وطني وحدها ما يزيد على 250 ألف نسخة من الدستور على المواطنين، وتقوم وزارة التربية والتعليم، والتعليم العالي حالياً، بإعداد منهاج للطلبة الجامعيين عن الثقافة الدستورية، لتعزيز فهمهم لمفاهيم للحقوق والواجبات. الخدمة الوطنية في 2014، أصدر صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، قانون إنشاء هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية، الذي نص على إلزام المواطنين الذكور بالالتحاق بالخدمة الوطنية في القوات المسلحة، لفترة لا تقل عن 9 أشهر، ومنح المواطنات الإناث نفس الحق اختيارياً، والتحقت في بداية هذا العام الدفعة الـ 7 من أبناء الدولة، ما يؤشر على كثافة المقبلين على خوض هذه التجربة، وأبرز ما يمكن تسجيله، نسبة المتطوعين من غير المشمولين بالخدمة الإلزامية، فالذكور والإناث فوق سن الـ 30 سجلوا إقبالاً منقطع النظير فاق التوقعات، إضافة لمشاركة أبناء أصحاب السمو الشيوخ في الانضمام، ما ساهم في تعزيز اللحمة الوطنية، وتقوية أواصر الاتحاد بين الناس أكثر مما كان عليه من قوة من قبل. وسجلت ميادين معارك عاصفة الحزم، بطولات من ذهب لشباب الخدمة الوطنية، الذين قاتلوا تحت راية بلدهم دفاعاً عن الحق والشرعية، أما في التأثير المعنوي، فتجربة الخدمة الوطنية، وخاصة عند من تخرجوا منها، تجربة مغيرة للحياة، زادت وعيهم وانتماءهم، وتصاعدت الروح الوطنية، ورسخت الانضباط وزادت الإنتاجية. التربية الأخلاقية تعليم الأخلاق من أهم عوامل مكافحة التطرف، باعتباره من الأدوات الرئيسة لتكوين جيل متسامح بعيد عن التعصب والتطرف، وهو ما تنبهت إليه قيادة الدولة بشكل مبكر، حيث وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإدخال منهاج التربية الأخلاقية إلى المنظومة التعليمية في الدولة، وبدأت وزارة التربية والتعليم على الفور، بتنفيذ توجيهات سموه في هذا السياق. منهج أهل السنة والجماعة يعتبر منهج أهل السنة والجماعة، البعيد عن الغلو والتطرف، أحد أهم عوامل التحصين الذاتي ضد مناهج التكفير والتطرف، خاصة أن هذا المنهج يمثل الصورة الأنقى للإسلام الحنيف، وهو المنهج المنتشر بين أهل الإمارات منذ قرون، ما ساهم في حفظهم من الغلو وحصّنهم من الأفكار الدخيلة على دينهم وتدينهم، وعملت الهيئات الدينية في الدولة على نشره، وما يتبعه من تديّن صحيح بين المواطنين، بهدف تنشئة الأجيال الجديدة على الفهم السليم للدين الحنيف، ورافق ذلك، تأسيس مراكز معتمدة للفُتيا، تعمل على مدار الساعة، من خلال مراكز اتصال هاتفية وإلكترونية، توفّر الأجوبة الشرعية الدقيقة والسليمة لكافة الاستفسارات، كما عملت الدولة على إعمار بيوت الله في مختلف أنحاء الدولة، ويلزم القانون، كافة المباني التجارية، بتوفير مصليات للرجال وأخرى للنساء، حتى لا يخلو مبنى من أماكن منتظمة لإقامة شعائر الله، وتنبع أهميتها، أنها توفر للشباب المتدين البديل الإيجابي، بدلاً من تركه عرضة للطيش ولتأثير الجماعات والتنظيمات المتطرفة التي تسوق له فكرها على شكل رسائل دينية، يسهل عليه تقبلها إن لم يجد ما يشبع نهمه المعرفي وفضوله الديني. التسامح التسامح ليس سلوكاً مستجداً في حياة الإماراتيين، فقد كان ولا يزال يمثل جزءاً أصيلاً من التراث الإماراتي والسلوك اليومي والتربية، ولعل أبرز الأدلة عليه، هو وجود الآلاف المؤلفة من الأجانب والوافدين، الذين يعيشون على أرض الإمارات حتى قبل نشوء الدولة الاتحادية، وقبل مظاهر الدولة في زمن الإمارات المتصالحة. السعادة لم تبدأ علاقة شعب الإمارات بالسعادة مع تأسيس وزارة دولة للسعادة، فهي تعود إلى ما قبل ذلك بكثير، حين اختطت قيادة الدولة نهجاً قائماً على تحقيق السعادة للمواطن والمقيم، وهو ما تم إنجازه حين أظهرت مؤشرات عالمية معتمدة، أن شعب الإمارات أسعد شعب في المنطقة العربية، وتطمح الدولة حالياً لتحقيق نفس الهدف على المستوى العالمي، ولا يتعلق بالرفاه المادي، لكنه يتجاوزه إلى تحقيق وسائل الرفاه المعنوي، سواء على شكل جودة الخدمات المقدمة، أو البنية التحتية المتطورة، أو غرس مفاهيم التمدن والتحضر في السلوكيات العامة، وصولاً إلى تحويل مراكز الخدمة الحكومية إلى مراكز لإسعاد المتعاملين. القراءة حفلت الإمارات بمجموعة واسعة من المبادرات الوطنية للتشجيع على القراءة كفعل وطني، وبدأت المبادرات على مستوى محلي، كما حصل في الشارقة، التي قدمت مبادرة مكتبة الأسرة منذ حوالي عشر سنوات، وتتالت المبادرات، إلى أن تم تتويجها بتخصيص عام 2016 كعام وطني للقراءة، الذي صدر في نهايته القانون الوطني للقراءة، كأول قانون من نوعه على مستوى العالم، كما تم تنفيذ العديد من المبادرات الهامة في هذا الشأن، من بينها اعتبار وقت القراءة جزءاً من الواجب الوظيفي للموظفين في الدوائر الحكومية. التفكير الإيجابي يتم على الصعيد الوطني، تشجيع المواطنين على اعتماد أساليب التفكير الإيجابي والإدارة الإيجابية، وتعقد العديد من الإدارات والمؤسسات، ندوات وأنشطة للجمهور، لتدريبهم على الاستفادة من أنماط التفكير الإيجابي، لتحسين حياتهم وتطوير سلوكياتهم الشخصية والوظيفية، إذ إن التفكير الإيجابي يغير طريقة التعامل، فبدلاً من التمترس خلف المشكلة واعتبارها عائقاً للتقدم، تصبح المشكلة تحدياً يجب التغلب عليه بطريقة ذكية. الحوار استمراراً لمنطق ديمقراطية المجالس، سعت الدولة إلى فتح قنوات مختلفة للحوار مع الشباب، بهدف الاستماع إليهم والتعرف إلى همومهم ومشاركتهم في صنع القرار، وتقديم الحل لمشاكلهم، وهو الحوار الذي تم تتويجه بتكليف فتاة شابة بعمر 22 عاماً، بمنصب وزيرة دولة للشباب، وتأسيس مجلس الإمارات للشباب، الذي يتبع له مجالس فرعية في كل إمارة، تخوض جميعها في حوارات معمقة مع مجلس الوزراء الاتحادي، حول ما يهم أبناء الدولة دون حواجز أو قيود. تحصين الطلبة في الخارج ولحماية الطلاب الدارسين خارج الوطن من الأمواج الفكرية والثقافية العاتية التي تواجههم، تم تنظيم سلسلة ملتقيات دورية في أهم العواصم التي يوجد فيها الطلبة الإماراتيون المبتعثون للالتقاء بهم والاستماع إليهم ولهمومهم، إضافة لتنظيم مجموعة من الندوات وورش العمل حول كيفية التعامل مع المخاطر الفكرية والثقافية في بلدان الاغتراب، وتحصينهم بالثوابت الدينية والوطنية الإماراتية، والبعد عن المغريات التي تفسدهم، وما ينتج عنها من مخالفات قانونية، تجعلهم عرضة للابتزاز والاستغلال، وكذلك للعقوبات القانونية. صندوق الزواج تعتبر مؤسسة صندوق الزواج، واحدة من أقدم مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي أنشأتها الدولة، بهدف تيسير الزواج بالنسبة للشباب المواطن، لكن دوره الاجتماعي والتحصيني تجاوز مجرد تيسير سبل الزواج، إلى التهيئة النفسية والاجتماعية، من خلال الدورات التدريبية التي يعقدها للمستفيدين من خدماته وزوجاتهم. مشاريع الإسكان ومن المبادرات المهمة في اجتذاب الشباب ومنحهم الاستقرار النفسي والعائلي لتأسيس سكنهم العائلي الخاص، وعلى الأخص الشباب من ذوي الدخل المحدود، فبدلاً من الانتظار لعقود طويلة أو الاقتراض، وما يجره ذلك من معاناة، فإن برامج الإسكان الحكومية، التي تنفق عليها الدولة عشرات المليارات من الدراهم، تمثل البديل الوطني الأفضل. برامج التشغيل من المعلوم أن البطالة تعتبر من أهم الأدوات التي تستخدمها التنظيمات المتطرفة لاجتذاب الشباب إليها، وإلى أفكارها البائسة، وعملت الإمارات على مواجهة البطالة بين شبابها في وقت مبكر، من خلال برامج تشغيل وتوظيف على المستويين المحلي والاتحادي، وصلت ذروتها بتحويل وزارة العمل، إلى وزارة للموارد البشرية والتوطين، بمهمة دستورية واضحة، تتمثل في قيادة الجهود الرسمية لتوطين الوظائف وتوفيرها للشباب المواطن، خاصة أن بعض الدراسات تشير إلى أنه سيدخل سوق العمل نحو 10 آلاف مواطن سنوياً كحد أدنى، ويوجد في الإمارات اليوم برنامج طموح يتبع مباشرة لصاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، هو برنامج «أبشر»، الذي يدعم السياسات والاستراتيجيات والإجراءات الحكومية في مجال التوطين الجهود التشريعية سنّت الدولة مجموعة من التشريعات الصارمة، كان أبرزها قانون مكافحة الجرائم الإرهابية، متبنياً رؤية شاملة لمفهوم الإرهاب، كونه يشتمل على مواد تغطي كافة المحاور المتعلقة بهذه الآفة، فضلاً عن تضمنه عقوبات رادعة في وجه كل من تسول له نفسه المساس بالأمن والاستقرار في الوطن والمجتمع، وتضمَّن القانون 70 مادة، شملت كل ما يتعلق بالجرائم الإرهابية والتنظيمات الخاصة بها، وتوصيف الجهات التي تتورط فيها وترتكبها، والعقوبات التي نص عليها، في حال تم ارتكاب الجرم الإرهابي تحت طائلة بند الإرهاب، الذي قد تصل عقوبته حد الإعدام. وفي نوفمبر من نفس العام، تم تعديل قانون مكافحة جرائم غسل الأموال، لتنشأ بموجبه بالبنك المركزي، وحدة معلومات مالية لمواجهة غسل الأموال والحالات المشبوهة، ترسل لها تقارير المعاملات المشبوهة. الأمن الوقائي لم تكتفِ الدولة بالشق التشريعي، بل عمدت إلى القيام بمجموعة من الجهود الوقائية الهادفة إلى استئصال الفكر الضال وممارساته الإرهابية، حيث تم تأسيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، لكي تعمل كنقطة تنسيق للجهود الوطنية في هذا المجال، ثم أصدرت الدولة في 2014، قائمة بالتنظيمات الإرهابية، ضمت 85 تنظيماً حول العالم، ولاستكمال جهود الدولة الوقائية في هذا السياق، صدر في يوليو 2015، قانون خاص لمكافحة مظاهر التمييز والكراهية، احتوى العديد من المواد التي تجرّم التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل العرقي، يتصدى لأي محاولات لازدراء الأديان في الداخل، ويجرم التعدي على أي من الكتب السماوية بالتحريف أو الإتلاف أو التدنيس أو الإساءة بأي شكل من الأشكال، إلى جانب تجريم التخريب أو الإتلاف أو الإساءة أو التدنيس لدور العبادة أو المقابر. سيادة القانون لم تتوانَ الجهات الإماراتية المختصة عن تطبيق القانون بحق كل من تطاول على الدولة وأمنها وأمانها، وخاصة من ربط ذلك بالأفكار الهدامة والمتطرفة، كما حصل مع التنظيم السري للإخوان المسلمين، حيث إن تطبيق القانون، وما تلاه من شفافية المحاكمة وعلانيتها، ساهم في إحداث ردات فعل إيجابية لدى المواطنين، الذين كانوا ينخدعون بأكذوبة التدين عند أعضاء هذا التنظيم، وساهمت علانية المحاكمة، في توعية الناس على مخاطر هذه التنظيمات، وكيف تستخدم الدين للإيقاع بالبسطاء والتغرير بالسذج، حيث تعرّف المواطنون إلى حقيقة فكر هذه الجماعة التخريبية، وإلى الأساليب الملتوية التي تستخدمها في تجنيد الأعضاء والتغرير بهم. كشف الأضاليل وترافق مع محاكمة هذه التنظيمات، حملات إعلامية وندوات جماهيرية واسعة، لتثقيف الجمهور وكشف الأضاليل التي يتعرضون لها من قبل هذه التنظيمات، وأجهزة الدعاية التابعة لها، وتم تنظيم العديد من الندوات العامة والبرامج التلفزيونية، وصولاً إلى إطلاق مسلسل تلفزيوني خاص، بعنوان «خيانة وطن»، هدفت جميعها إلى كشف الأضاليل وتوضيح الحقائق للناس، حتى لا يقعوا ضحية أي خداع تمارسه هذه التنظيمات الإرهابية. استقرار أصبحت مشاريع الإسكان موجودة في كل مدينة إماراتية، وأدّت هذه المشاريع دوراً مهماً في تحقيق الاستقرار النفسي والأسري، الذي يمثل حائط صد مهماً في مواجهة الأفكار الظلامية والمتطرفة. المواجهة الإماراتية مع الإرهاب بين ضرار بالهول أن المواجهة الإماراتية مع الإرهاب، اختارت مساراً مختلفاً عن بقية الدول، تمثل بشكل رئيس في إخماد العوامل المسببة للتطرف، ومحاربة العوامل الكامنة التي تسمح للإرهاب والتطرف العنيف بالتسلل إلى المجتمع قبل وصولها، دون إغفال أدوات العصر الضرورية من تشريعات وأمن وقائي ويد القانون الضاربة، وتحدد هذه الدراسة أهم العناصر التي تشكلت منها الاستراتيجية الإماراتية، التي اعتمدت على تقوية وتعزيز الصف الوطني الداخلي، في ما يمكن أن يطلق عليه تسمية «التراصّ الذكي»، نظراً لما أدى إليه من تراصّ المواطنين الإماراتيين خلف قيادتهم، ودفاعاً عن بلدهم، فأفشلوا كافة مخططات التطرف والشر التي تحطمت على صخرة التراصّ الإماراتي الصلبة، وارتدت على أعقابها خاسئة». مسميات جديدة في السياقات المعاصرة ذكر ضرار بالهول أن التطرف والغلو والإرهاب، مسميات جديدة في السياقات المعاصرة، وإن كانت مضامينها قديمة، سبق أن عانى منها المسلمون في عصور الإسلام المختلفة، ورأينا كيف استنسخ متطرفو اليوم، سلوكيات وفكر الخوارج في حربهم الإرهابية على الأمة، وما ينتج عنها من إجرام وتقتيل بعيد كل البعد عن عدالة الإسلام ورسالته، وبما أن الإمارات جزء من محيطها وعالمها، فإنها كأي دولة أخرى، تتأثر بالمتغيرات المستجدة في عالم اليوم، وخاصة مع انتشار وسائل التقنية الحديثة والتواصل الاجتماعي، وما أدى إليه من تسهيل انتقال الأفكار المتطرفة ووصولها إلى بيوتنا دون استئذان، لذلك، كان من الطبيعي أن يكون للأفكار المتطرفة صدى معين في الدولة، وأن نجد من بين أبنائنا، وحتى المقيمين بيننا، من ضلّ الطريق، ونجح الشيطان في إغوائه، فالتحق بهذا الركب الضال فكراً وسلوكاً. منهجية وسطية تتسم بالشمولية أكد ضرار بالهول مدير عام مؤسسة «وطني الإمارات» أن دولة الإمارات العربية المتحدة اعتمدت منهجية وسطية، لكن بشمولية، في تعاملها مع التطرف بمستوياته المختلفة، بعدم الخضوع لما يريده التطرف من مغالاة في البعد عن المسار القويم، أو التنكر للدين الحنيف وقيم المجتمع، مع عدم المبالغة في الخلط بين «التطرف» و«التديّن»، حيث تعاملت الإمارات العربية المتحدة، مع التطرف باعتباره حالة متكاملة، تحتاج إلى التعامل معها بشكل متكامل، وليس فقط من منظور المعالجة الأمنية وحدها، وربما تكون المعادلة التي انطلقت منها الإمارات بسيطة جداً، حيث قامت تجربتها على مكافحة العوامل التي تجعل للتطرف موطئ قدم في المجتمع الإماراتي منذ البداية، بحيث لا يجد التطرف هذا الموطئ عند محاولته التسلل إلى الإمارات، وإذا وجد، فإنه لا يستطيع البقاء. تجربة إماراتية ناجحة في التصدّي للتطرف قال ضرار بالهول: «في إحصائية رسمية، ظهر أن عدد الإماراتيين الموجودين في سوريا للقتال مع التنظيمات الإرهابية هناك بالكاد يتجاوز الـ 10 أشخاص، ولعل هذا الرقم، يمثل دليلاً ذا أهمية بالنسبة لقراءتنا لنتائج التجربة الإماراتية في مكافحة التطرف، وإذا أضفنا لذلك محدودية الأعداد التي حوكمت داخل الدولة، على خلفية تبني أفكار متطرفة أو ارتكاب أفعال ذات صلة بالتطرف، فإن الصورة تصبح أكثر وضوحاً، وهي أن التجربة تقدم نتائجها بنفسها نجاحاً في إبعاد شبح التطرف عن هذا البلد الآمن، ومن يدرس المجتمع الإماراتي بدقة، يلحظ أيضاً غياباً لأي خطاب كراهية، أو تحريض طائفي أو ديني أو عرقي، كما أن الممارسات العامة السائدة بين المواطنين، أو بينهم وبين المقيمين، تكاد تتشابه في بعدها عن الاستفزازات وسلوكيات العنصرية والبغضاء».

مشاركة :