اجتماع مارس تحوّل مفصلي في سياسة «الفيدرالي»

  • 3/16/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

محمد العريانفي إطار دوره ومهمته الطبيعية هيأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المستثمرين والمتداولين لقرار رفع أسعار الفائدة 25 نقطة أساس هذا الأسبوع. وعند الحديث عن تأثيره في الأسواق على المدى البعيد، تجدر الإشارة إلى أن المجلس لن يقتصر على رفع الفائدة بل سوف يوحي للأسواق بأن عهداً جديداً من التشدد في السياسة النقدية قد بدأ سعياً وراء عودتها إلى وضعها المعتاد بعد عشر سنوات من التحفيز. وفي مواجهة رهانات على تحركه في مارس لم تتجاوز نسبتها 30%، تعمد المجلس قيادة توجهات الأسواق ورفع رهاناتها إلى درجة أعلى سواء بالصدفة أو بالتخطيط المدروس. وبدأت بالونات الاختبار في الظهور عبر تصريحات أعضاء المجلس من المحسوبين على الصقور أمثال ويليام دادلي وستينلي فيشر، ثم رئيسته جانيت يلين. ونتيجة لذلك بات المجلس على وشك رفع أسعار الفائدة وهو مطمئن إلى أن الرهانات في الأسواق بلغت 100%.ولم يعد السؤال الذي يتردد في الأسواق ما إذا كان المجلس سيقدم على رفع أسعار الفائدة وهو ما بات مؤكداً، بل حول عدد مرات الرفع هذا العام والمسار الذي سوف تسلكه السياسة النقدية وتأثيرها في أسعار الأصول التي استفادت كثيرا من طول أمد سياسة التحفيز المالي غير التقليدية.وتناغماً مع مد البيانات الإنعاشية التي كان آخرها تقرير الوظائف القوي جداً لشهر فبراير وارتفاع معدلات أجور ساعة العمل قليلاً، سيجد المجلس فرصته في تشجيع الأسواق على الرهان على تغيير في خطط السياسة المالية يتميز بالتحرك التدريجي المنتظم مع استعادة قدرة المجلس على الاختيار.ولا شك أن تكرار التأكيد على ثلاثة قرارات رفع خلال عام 2017 سيشق الطريق بداية نحو تطبيع تدريجي لمعدلات أسعار الفائدة. و يلي ذلك خلال مسيرة الرفع اقتراحات بأن ميزان المخاطر يميل لصالح المزيد من قرارات الرفع وليس القليل منها.وفي إطار رهانهم على هذا المسار سوف يضطر أعضاء المجلس للحديث عن تقليص مخاطر تذبذب الأسواق كي لا يتسبب الرفع في عرقلة النمو الاقتصادي. وسوف تترافق المتابعة الدورية للظروف المالية مع تذكير الأسواق بشكل منتظم بأن المجلس استعاد مرونة سياسته خاصة ما يتعلق «بالتقلبات الاستثنائية» التي تؤثر في الاقتصادات والسياسات الأمريكية والأوروبية. وسوف يكرر المجلس القول إن السياسة تستعيد زمام المبادرة لإجراء التصحيح المطلوب عند الطوارئ، فضلا عن كونها تقود الأسواق ولا تنقاد لها.وفي كل ذلك سوف ينتقل المجلس من ذهنية التحرك التكتيكي القائم على البيانات الاقتصادية المرحلية إلى ذهنية التحرك الاستراتيجي الذي يتيح له استعادة زمام قيادة الأسواق وتوجيهها بدلا من الاستجابة لها. وهذا تغيير لا يمكن تعطيله بالبيانات العارضة، بل إن نجاحه النهائي وبالتالي تأثيره الدائم في الأسواق، مرتبط بعدد من العوامل الداخلية والعالمية التي لا يتحكم بها المجلس.فعلى الصعيد الداخلي مطلوب من المجلس أن يضمن التناغم والتنسيق بين مخاطر النموذج الأول من الخطأ وهو الذي يتجاوز حدود المرحلة الحالية لارتباطه بتنفيذ سياسات إدارة ترامب الجديدة الداعمة للنمو الاقتصادي من خلال ثلاثية الإصلاح الضريبي والإنفاق على مشاريع البنى الأساسية وتخفيف القيود القانونية، ومخاطر النموذج الثاني من الخطأ، وهو تشديد السياسة النقدية مسبقاً، استجابة لحالة عدم الاستقرار في الأسواق والحمائية التجارية أو إرث سنوات طويلة من النمو الضعيف غير الشامل، بما فيها السياسات النزقة غير المدروسة التي أثرت سلبا في الإنتاجية وغيرها من محركات النمو الفعلي.ولا ننسى أن هناك عوامل عالمية مستمرة في التفاعل. فلكي يبلغ المجلس هدفه المرسوم في تطبيع أسعار الفائدة، لا بد أن يضمن تعاون بنوك مركزية أخرى في تقليص أو إلغاء برامج التيسير الكمي كي لا يحول الدولار القوي دون انتعاش الأنشطة الاقتصادية الأمريكية داخليا ويتسبب في تآكل أرباح الشركات وبالتالي يؤجج دعوات الحماية التجارية ويبدد جهود تناسق السياسات المالية العالمية.تذكروا أن اجتماع لجنة الأسواق المفتوحة في مارس 2017 سيبقى محاولة جدية - بل الأكثر جدية حتى الآن- يقوم بها المجلس ليتخلى عن فكرة «الفائدة الأدنى لفترة أطول» التي شكلت العمود الفقري في السياسة غير التقليدية. لكن النجاح في جميع الأحوال لا يتوقف على جهود المجلس وحده، بل يتطلب من الساسة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين واليابان تحمل مسؤولياتهم في إدارة اقتصاد العالم. * كبير مستشاري شركة أليانز

مشاركة :