تناولت صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" أسباب الخلاف التركي–الأوروبي المتنامي، وانتقدت تصرف الساسة الأتراك، لكنها ذكَّرت بأن الأوروبيين أرسلوا محرضيهم قبل 3 أعوام إلى ميدان كييف. جاء في المقال: يعيش اليوم في أوروبا الغربية أكثر من خمسة ملايين تركي، يحتفظ نحو النصف منهم بهوية وطنه السابق. وكان كل شيء على ما يرام لولا الاستفتاء المقرر إجراؤه يوم 16 أبريل /نيسان في تركيا بشأن توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية. وإدخال تعديلات على الدستور – بما في ذلك إلغاء منصب رئيس الوزراء، وإخضاع القوات المسلحة التركية الكامل لأمرة رئيس الجمهورية. وبالطبع، توجد مبررات كافية لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتعزيز السلطة الرأسية في البلاد – حيث كاد يفقد سلطته و(ربما حياته) في صيف العام الماضي، وذلك إثر محاولة الانقلاب الحكومي الفاشل، الذي نظمه العسكريون بالذات. لذلك أخذ كبار المسؤولين من أنقرة يترددون إلى أوروبا العجوز، لكي يدعوا بشكل شخصي مواطنيهم المقيمين هناك إلى الذهاب إلى مراكز التصويت في الممثليات الدبلوماسية التركية وتأييد تصويت الربيع، الذي سيكون في الواقع "استفتاء ثقة" كاملا لسياسة أردوغان كلها. ولكن السيف التركي اصطدم فجأة بالحجر الأوروبي – فقادة الدول الرائدة في الاتحاد الأوروبي رأوا في "رحلات الدعاية" تدخلا فاضحا في شؤون بلادهم الداخلية. ويوم 11 مارس /آذار الجاري، حظرت أمستردام رسميا هبوط طائرة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي كان ينوي إلقاء كلمة في اجتماع الجالية التركية. وبعد ذلك حاولت المجيء إلى هذا البلد الوزيرة التركية لشؤون الأسرة والسياسة الاجتماعية فاطمة بتول سايان كايا، فاحتجزت بالقرب من القنصلية التركية في مدينة روتردام الهولندية، وأُعلنت "أجنبيا غير مرغوب فيه"، وطردت إلى خارج البلاد. وردا على ذلك، سمى أردوغان هولندا "جمهورية موز"، وقادتها السياسيين "بقايا النازية". وفي إسطنبول، تظاهر حشد من الأتراك تحت شعار "العار للبرابرة الأوروبيين"، وحاصروا هناك القنصلية الهولندية. وفي مدينة إزميت التركية، وعد النشطاء بـ "عصر كل البرتقال" في تلميح الى اللون البرتقالي – رمز البيت الملكي الحاكم في هولندا أورانج-ناسو. أما في مدينة سامسون شمال البلاد، فأخطأ المتظاهرون الأتراك العلم الهولندي، وبدلا منه أضرموا النار بالعلم الفرنسي... وفي محصلة الأمر، منعت السلطات في كل من هولندا، ألمانيا والنمسا أي نشاط للساسة الأتراك على أراضي دولهم ومسيرات التأييد للاستفتاء. يقول الباحث المختص بالدراسات الإسلامية والخبير في معهد الاستراتيجية الوطنية رئيس سليمانوف: "تخيلوا مثلا لو حضر وزير خارجية طاجيكستان إلى روسيا من أجل تحريض أبناء جلدته لمساندة توجه ذي صلة بالوضع في بلاده. من الواضح أن تخيل ذلك سيكون صعبا. في حين أن الخارجية التركية ولأسباب غير مفهومة رأت في ذلك أمرا اعتياديا". وأضاف سليمانوف أن مثل "هذه النشاطات ينبغي إقامتها بعد التوافق والحصول على سماح من قبل الدولة المضيفة، وليس التصرف وكأن هولندا وغيرها من الدول الأوروبية – هي ولايات في تركيا"، - كما أوضح الخبير. بيد أن غضب القادة الأوروبيين في هذه الحالة لا يبدو عادلا. ويكفينا أن نتذكر مدى قوة الدعم الدبلوماسي الكبير، الذي قدمته دول الاتحاد الأوروبي لمساندة من سموهم "المحتجين" في ميدان كييف شتاء عامي 2013 - 2014، حيث أرسل الاوروبيون إلى هناك ممثليهم الرسميين.
مشاركة :