أحمد أحمد يطيح بأسطورة حياتو ويفوز برئاسة الكافانتصرت إرادة التغيير في انتخابات الاتحاد الأفريقي لكرة القدم “كاف”، ونجح المغمور الجريء أحمد أحمد، رئيس اتحاد مدغشقر، في إزاحة الكاميروني عيسى حياتو، الذي سيطر على كرسي الرئاسة منذ عام 1988، ما يؤكد أن خارطة كرة القدم في القارة السمراء، سوف تشهد تغييرات جذرية.العرب عماد أنور [نُشر في 2017/03/17، العدد: 10574، ص(22)]أحمد أحمد.. عنوان للتجديد في الاتحاد الأفريقي لكرة القدم القاهرة - في مفاجأة غير متوقعة، أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم “كاف” الخميس عن فوز أحمد أحمد من مدغشقر بمقعد الرئاسة حتى عام 2021، وتفوق على العجوز المخضرم الكاميروني عيسى حياتو، بفارق 14 صوتا، وحصل على 34 صوتا من أصل 54 اتحادا لها حق التصويت، مقابل 20 صوتا فقط لحياتو. وتتناسب مقولة “يفوز باللذات كل مغامر” على موقف أحمد في الانتخابات، حيث أن ترشحه لم يكن يتعدى كونه مجرد فكرة مجنونة، يوصف الرئيس الجديد بأنه شخص قليل الكلام، وينحدر من قرية صغيرة بشمال غرب مدغشقر، وهو على مشارف الستين من العمر، وتم انتخابه رئيسا لاتحاد مدغشقر لكرة القدم للدورة الثالثة على التوالي، وكان عضوا باللجنة التنفيذية بالاتحاد الدولي “فيفا”، لدورتين، وتولى منصب وزير الرياضة سابقا بمدغشقر، ويتولى حاليا منصب نائب رئيس مجلس النواب في بلاده. وفي أول رد فعل له، أبدى أحمد أحمد شكره الكبير لمن ساندوه خلال الفترة الماضية حتى تمكن من الفوز بمقعد الرئاسة الأفريقية. وقال في تصريحات نشرها الحساب الرسمي لرئيس الكاف الجديد على موقع “تويتر”، “بكل عاطفة، أريد شكر كل هؤلاء الذين آمنوا بالتغيير، شكرا لكم ولكل من ساندني دائما، لقد فعلناها، هذا الفوز لنا”. واعتبر مراقبون أن رحيل العجوز حياتو يعني رحيل الفساد والسطوة عن الاتحاد الأفريقي، وأشادوا بجرأة منافسه أحمد أحمد، الذي لم يتردد في اتخاذ قراره، وخوض المعركة الانتخابية الشرسة أمام منافس قوي وعنيد، في وقت لم يجرؤ أحد من قيادات الكرة في أفريقيا على الإقدام على تلك الخطوة.فوز أحمد أحمد يصب في صالح مصر أكثر من أي دولة أفريقية أخرى، باعتبارها تستضيف المقر الرئيسي للكاف معركة لم تنته لم تتوقف معركة الرئيس السابع في تاريخ الكاف عند إعلان فوزه بالمنصب الجديد، لكن تنتظره معركة أخرى أكثر سخونة، أولها الوفاء بوعد قطعه على نفسه منذ اليوم الأول لترشحه في الانتخابات، وقد قال وقتها “لا أعلم إذا كنت مرشحا جيدا أم لا، لكني مرشح التغيير والأغلبية تريد التغيير، وأنا الوحيد الذي يجرؤ على الترشح من أجل التغيير وأعد بهذا”. التغيير هو حلم أحمد الذي يتلاقى مع أحلام غالبية الدول التابعة للكاف، ويبدأ هذا التغيير من فتح ملفات الفساد المتورط فيها الرئيس السابق عيسى حياتو، على رأسها تلك المتعلقة بحقوق البث، وهي الأزمة التي فجرتها مصر خلال الفترة الأخيرة. وكشف الإعلامي المصري أسامة الشيخ لـ“العرب”، عن خطأ فادح في عقد شركة لاجاردير الفرنسية، الحاصلة على حقوق بث بطولات الكاف حتى عام 2028، ووضح أن حياتو قام بتوقيع العقود قبل موافقة المكتب التنفيذي بشهر كامل، وبالرجوع إلى تاريخ توقيعات أعضاء المكتب التنفيذي نكتشف أن العقود باطلة، هذا بخلاف ثغرات أخرى كثيرة. وأضاف الشيخ القريب من كواليس الكاف أن أي محام يستطيع بسهولة اكتشاف هذا الأمر، وإذا لم يتطرق أحد إلى فتح هذا الملف من داخل المكتب التنفيذي للكاف، فمن السهل أن يتقدم اتحاد من الاتحادات الوطنية بشكوى إلى الاتحاد الدولي “فيفا” لطلب إبطال التعاقد، واللجوء إلى مناقصة جديدة عادلة وشريفة. وقال الشيخ إن غالبية الاتحادات الرياضية في دول العالم سعيدة برحيل حياتو عن الكاف، والدليل نجاح أحمد بفارق كبير من الأصوات، حتى أن المعلق التونسي الشهير عصام الشوالي كتب عبر حسابه على “فيسبوك”، “رحيل حياتو عن رئاسة الكاف غمة وانزاحت، فقد ظل جاثما على مقعد الرئاسة منذ 1988”. أيضا جاء المشهد في القاعة التي استضافت الانتخابات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ممتلئا فرحة عارمة من معظم المتواجدين، وإذا كان بعضهم علت الابتسامة وجهه فرحا لفوز أحمد أحمد، فالغالبية ظهر عليها الذهول أمام انكسار أسطورة حياتو. في أحد المؤتمرات الخاصة بحملته الانتخابية أعلن أحمد أنه في حالة فوزه بمقعد الرئاسة سيقوم بإلغاء كافة العقود القائمة على الاحتكار، وإرساء مبدأ الشفافية بين جميع الشركات التي ترغب في الفوز بحقوق البث، وقد مر عام واحد فقط على العقد الجديد الذي وقعه حياتو مع لاجاردير، وهو ممتد حتى عام 2028، ما يشير إلى العمل على مراجعة كافة العقود في الاتحاد الأفريقي. وحتما سيجرى التغيير على خطوات متتالية كي يتم البناء على أسس قوية لعدم تكرار شخصية الفرعون، وأوضحت مصادر لـ“العرب” أن المصري هاني أبوريدة والتونسي طارق البشماوي، ومن قبلهما السويسري إنفانتينو، رئيس الفيفا، كان لهم دور بارز في الإطاحة بحياتو من منصبه الذي استحوذ عليه مدة تخطت عشرة آلاف يوم. وكان إنفانتينوا سندا قويا لأحمد في المعركة الانتخابية، وهو ما تأكد عند حضور إنفانتينو حفل عيد ميلاد رئيس اتحاد كوسافا فيليب تشيانغوا، والحقيقة أن الأمر لم يكن مجرد حضور احتفالية، لكنه اجتماع غرضه الترويج لترشيح أحمد، ورسم خطة نجاحه، خصوصا وأن اتحاد كوسوفا الذي يضم 14 دولة، أعلن دعمه الكامل لرئيس اتحاد مدغشقر، وقد لقطت عدسات الكاميرات فيليب وهو يحمل الرئيس الجديد للكاف احتفالا به. وأمام الدعم الذي حظي به أحمد، وما ترتب عليه من خطط للإطاحة بأسطورة حياتو التي وصلت إلى أعلى درجات التضخم، فشلت محاولات حياتو نفسه في بقائه على مقعد الرئاسة لفترة ثامنة، وعندما استشعر الكاميروني صاحب الـ71 عاما بتأزم موقفه في الانتخابات لجأ إلى خطط بديلة لم تؤت ثمارها. واستشرف حياتو أن لغة الرياضة لن تمنحه الفوز في الانتخابات، وغير وجهته إلى لغة السياسة، وأجرى اتصالات مكثفة وزيارات مكوكية سرية إلى عدد من رؤساء الدول الأفريقية من أجل دعمه في الانتخابات، منهم رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زموما الذي تربطه علاقة وطيدة بحياتو، وأيضا رئيسي الغابون ونيجيريا. كما حدث التغيير على مستوى الاتحاد الدولي، وشهدت الانتخابات الأخيرة (في فبراير 2016)، رحيل السويسري جوزيف بلاتر عن رئاسة دولة كرة القدم، وتولى مواطنه إنفانتينو المنصب خلفا له، بالتالي من المؤكد أن يسير أحمد على نفس خطى رئيس الاتحاد الدولي، فقد وعد بأنه سيسعى للمزيد من الشفافية، والإصلاح والتطوير، وأنه سيجلب خيرة نجوم الكرة الأفريقية الذين اعتزلوا اللعبة للمشاركة في تسيير أعمال الاتحاد القاري بما يخدم مصالح القارة السمراء، وهو ما قام به إنفانتينو فور إعلان فوزه برئاسة الفيفا. أساطير عالمية استعان إنفانتينو بأساطير كرة القدم العالمية، مثل لويس فيغو وماركو فان باستن وبوبان ليكونوا مستشاريه لتطوير كرة القدم، وإيجاد حلول لكافة المشاكل عند الحاجة. من المنتظر أن يعيد الكاف النظر في طرق منح دولة ما شرف تنظيم نهائيات كأس أمم أفريقيا بعد أن أحاط الفساد بطريقة اختيار البلد المنظم في الفترة الأخيرة، وقد حرم حياتو دول شمال أفريقيا من تنظيم البطولة منذ عام 2010، وظلم الجزائر وحرمها من تنظيم البطولة الأخيرة (2017 بالغابون)، وشهد العالم أجمع الحالة المزرية لأرضيات الملاعب التي استضافت البطولة الأخيرة، وهو ما تسبب في إصابة عدد كبير من اللاعبين المشاركين. ويصب فوز أحمد أحمد في صالح مصر أكثر من أي دولة أفريقية أخرى، والتي تستضيف المقر الرئيسي للكاف الذي كشفت الأيام الماضية تزعم حياتو خطة لنقله إلى دولة المغرب بسبب إحالته إلى المحكمة المصرية بناء على دعوى مقدمة من جهاز حماية المنافسة والاحتكار في مصر بزعم أن حياتو خالف قواعد عدم الاحتكار، وهو ما ترتب عليه صدور بيان من داخل الكاف قبل أيام قليلة للرد على الاتهامات المنسوبة لرئيسه (السابق)، وأوضح ما جاء بين سطور البيان مخاوف حياتو من ممارسة العمل في مصر، ومرجح أن تتبدد كل هذه المخاوف فورا في أول زيارة للرئيس الجديد (أحمد) إلى المقر الرئيسي للاتحاد في القاهرة. اتهامات بالفساد تلاحق حياتو على جانب آخر كشف عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة المصري حازم الهواري عن كواليس القرار بتأجيل الانتخابات على المقعد المفتوح في مجلس الفيفا، والمرشح عليه هاني أبوريدة. وكان من المفترض فوز أبوريدة بمقعد مجلس الفيفا للدورة الثالثة بالتزكية، كونه كان مرشحا على أحد الـ3 مقاعد مع مرشحين آخرين فقط، لكن تم اتخاذ قرار بتأجيل الانتخابات على المقاعد المفتوحة إلى مايو المقبل في كونغرس الفيفا بالبحرين. وقال الهواري في تصريحات إعلامية، إنه تم اتخاذ قرار بأن من يسقط في انتخابات المناطق المتحدثة بالإنكليزية، أو الفرنسية يتحول إلى الانتخابات على المقعد المفتوح ضد أبوريدة. في كل الأحوال، سقوط عيسى حياتو سوف تكون له انعكاسات على الكثير من التطورات المقبلة على الساحة الرياضية في القارة الأفريقية، فكما فرح الكثيرون بسقوط العجوز حياتو هناك من غضبوا لسقوطه المدوي، خاصة الذين استفادوا من بقائه لفترة طويلة على رأس الكاف، وبالتالي من المتوقع حدوث تغييرات تتناسب مع طبيعة المرحلة المقبلة، التي قرر الفيفا أن تكون نظيفة وخالية من معالم الفساد. المشكلة أن سقوط حياتو لن يمر مرور الكرام، لكن متوقع أن تتلوه أحداث أشد سخونة إذا جرى إحكام القبضة على عملية محاكمته بتهم تلوث سمعته، الأمر الذي قد يؤدي إلى جر شخصيات أخرى إلى مربع المحاسبة التاريخية. من ناحية أخرى كشف سيكوتو باتل نائب رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم أن “كاف” ينتظر الحصول على بليون دولار كموارد مالية من العقود التسويقية الجديدة، التي تم إبرامها مؤخرا، وذلك خلال الـ12 عاما المقبلة. وقال باتل، خلال الجمعية العمومية للكاف بعد استعراض الموازنة المالية للكاف “قمنا بتوقيع عقود تسويقية جديدة حتى عام 2028، مما يرفع حصتنا من 150 مليونا إلى 290 مليون دولار”. وفي سياق متصل، وافقت الجمعية العمومية للاتحاد الأفريقي لكرة القدم المنعقدة حاليا على الاقتراح المقدم بشأن انضمام زنزبار إلى عضوية كاف. وحصل الاقتراح على الموافقة بالإجماع ليصبح الاتحاد الزنزباري العضو رقم 55 في الاتحاد الأفريقي لكرة القدم.
مشاركة :