أكد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الجمعة أن العمل العسكري ضد كوريا الشمالية "خيار وارد" مشددا على أن سياسة الصبر التي تنتهجها واشنطن حيال بيونغ يانغ انتهت، في حين اتهم دونالد ترامب الصين بانها لا تبذل جهودا كافية في الملف.وأشار الوزير إلي ضرورة وقف برامج كوريا الشمالية الصاروخية والنووية، في تصريحات قوية يبدو أنها تنذر بتغيير كبير في سياسة الولايات المتحدة تجاه الدولة الانعزالية.وقال تيلرسون للصحافيين "لا نرغب بالتأكيد في أن تصل الأمور إلى نزاع عسكري" إلا أنه أضاف "إذا زادوا من خطورة برنامجهم للاسلحة إلى حد يحملنا على الاعتقاد بان الامر بات يتطلب تحركا، فسيصبح هذا الخيار واردا"، مشددا على ان "سياسة الصبر الاستراتيجي التي تنتهجها الولايات المتحدة انتهت".وتأتي جولة تيلرسون الآسيوية بعدما أطلقت بيونغ يانغ صاروخا بإمكانه نظريا بلوغ قواعد أميركية في اليابان.وتنشر الولايات المتحدة نحو 28 ألف جندي في كوريا الجنوبية لحمايتها من جارتها الشمالية إلا أن صواريخ بيونغ يانغ قادرة على الوصول إلى سيول.ويحذر المحللون من أن أي نزاع قد يؤدي إلى تصعيد سريع ويسفر عن عدد كبير من الضحايا.ورغم ذلك، أوضح تيلرسون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكوري الجنوبي يون بيونغ-سي أن "سياسة الصبر التي تنتهجها الولايات المتحدة انتهت،" مضيفا "نبحث مجموعة جديدة من الاجراءات الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية. جميع الخيارات مطروحة".واستخدم مصطلح "الصبر الاستراتيجي" لوصف سياسة الولايات المتحدة في ظل حكم الرئيس السابق باراك أوباما عندما استبعدت واشنطن التعامل مع بيونغ يانغ حتى تقدم الأخيرة التزاما ملموسا لنزع السلاح النووي، على أمل بأن تحدث التوترات في الداخل تغييرا ما.إلا أن نائب وزير الخارجية الروسي ايغور مورغولوف فدعا الجمعة إلى كسر "الحلقة المفرغة" التي تسود طريقة التعاطي مع بيونغ يانغ، مشيرا إلى أن ردود فعل واشنطن القاسية تجاه تجارب كوريا الشمالية النووية تزيد من حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية.وقال لوكالة الأنباء اليابانية "جيجي برس" "نقترح أن يتم النظر إلى الوضع من جوانب عدة لكسر الحلقة المفرغة من التوتر."- للصين دور رئيسي -وتسعى الدولة الشيوعية منذ زمن طويل لتصبح قوة نووية حيث أجرت أولى تجاربها عام 2006 رغم المعارضة الدولية. وأتبعت ذلك بأربعة تجارب أخرى، اثنتان منهما العام الماضي.وتأتي تصريحات وزير الخارجية الأميركي الأخيرة بعدما أعلن من طوكيو أن الجهود المبذولة على مدى 20 عاما لنزع السلاح النووي في الدولة الشيوعية قد أخفقت.وفرضت الأمم المتحدة عدة رزم من العقوبات الدولية على كوريا الشمالية بسبب برامجها الصاروخية والنووية، إلا أن الصين التي تعد حاميتها الدبلوماسية وشريكتها التجارية الرئيسية متهمة بعدم الالتزام بفرضها بشل كامل.وفي حين يتوجه تيلرسون إلى الصين السبت لحثها على بذل مزيد من الجهود لكبح جماح جارتها، اتهم الرئيس دونالد ترامب الصين بعدم بذل ما يكفي في ملف كوريا الشمالية.وقال ترامب في تغريدة على تويتر ان "كوريا الشمالية تتصرف بشكل سيء جدا. انهم +يلعبون+ بالولايات المتحدة منذ سنوات. لم تقدم الصين مساعدة كافية".وتشاطر بكين مخاوف واشنطن بشأن مساعي بيونغ يانغ لبناء ترسانة من الأسلحة النووية، إلا أنها كذلك تلقي باللوم على الولايات المتحدة في تصعيد التوترات.وزاد من تعقيد المسألة قيام الولايات المتحدة بنشر منظومة "ثاد"، الدرع الاميركية المتطورة المضادة للصواريخ، في كوريا الجنوبية.وتصر واشنطن وسيول على أنها لدواع دفاعية بحتة، إلا أن بكين تخشى من أنها قد تقوض قدرتها على الردع النووي وردت بغضب حيث قامت بفرض مجموعة من الاجراءات نظر إليها على أنها انتقام اقتصادي من كوريا الجنوبية.واعتبر تيلرسون أن رد فعل بكين كان "غير ضروري" و"مقلق".وحذر من أن السماح لكوريا الشمالية بالابقاء على مستواها الحالي في تكنولوجيا السلاح سيمنحها "قدرات كبيرة ستمثل تهديدا حقيقيا".- تحت أنظار الشمالية -وكان رئيس الدبلوماسية الأميركية زار في وقت سابق من يوم الجمعة المنطقة منزوعة السلاح التي تفصل بين الكوريتين.وتحت أنظار جنود كوريين شماليين يقفون على أهبة الاستعداد، زار تيلرسون منطقة بانمونجوم الأمنية المشتركة، المحمية من كوريا الشمالية وقوات تابعة للأمم المتحدة تقودها الولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب الكورية بهدنة عام 1953.وراقب جنود الشمال تحركات تيلرسون من جانبهم من الخط الفاصل الذي تميزه كتل من الاسمنت مرصوفة على الأرض. وفي لحظة ما، لم يكونوا إلا على بعد بضعة أمتار عن تيلرسون حيث التقط أحدهم صورا للوزير.ويخشى المسؤولون الاميركيون من التقدم السريع الذي تحرزه كوريا الشمالية في صناعة صاروخ بالستي عابر للقارات قادر على بلوغ الأراضي الأميركية.ويرى محللون أن تعليقات تيلرسون قد تنذر بتغيير كبير في مواقف واشنطن.وقال نائب رئيس معهد الدراسات السياسية في سيول، شوي كانغ، أن الهدف من تصريحاته قد يكون "الضغط على كوريا الشمالية والصين. ولكن بالنظر إلى الأجواء السائدة في واشنطن حاليا، فلا يبدو بأنه +مجرد كلام+."وأضاف "علينا أن نرى إلى أي مدى يرغبون بالمضي قدما بالخيار العسكري (...) ولكن ما يحاول إظهاره هو أن واشنطن ليست مهتمة بالانخراط في حوار مع كوريا الشمالية."وأما دانيل بينكستون، المحاضر في جامعة تروي في سيول، فحذر من أنه رغم قدم معداتهم عدم قدرتهم على خوض حرب طويلة الأمد، إلا أن الكوريون الشماليون "سيقاتلون للدفاع عن بلدهم في حال تعرضت إلى هجوم."وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أثار مخاوف دول المنطقة خلال حملته الانتخابية حين اعلن أنه على اليابان وكوريا الجنوبية ان تبذلا جهودا إضافية للدفاع عن أراضيهما.إلا أنه منذ فوزه في الانتخابات التقى مرتين برئيس وزراء اليابان شينزو آبي وحرص على تقديم الدعم الكامل، وهو ما أعاد تيلرسون التأكيد عليه.
مشاركة :