غادر نحو 1500 شخص معظمهم من المدنيين، أمس السبت (18 مارس/ آذار 2017)، حي الوعر، آخر معقل للفصائل المعارضة في مدينة حمص في وسط سورية، تنفيذاً لاتفاق ترعاه روسيا، ومن شأن اتمامه على مراحل أن يسمح للقوات الحكومية بالسيطرة الكاملة على المدينة. وقال محافظ حمص طلال البرازي لوكالة «فرانس برس»: «إن عملية إخراج أول دفعة استكملت»، لافتاً إلى ان «1479 شخصاً بينهم 423 مسلحاً خرجوا من الحي». وتعد هذه أول دفعة من المقاتلين والمدنيين الذين سيتم إخراجهم من الحي، بموجب اتفاق أعلنت الحكومة السورية والفصائل المعارضة التوصل إليه برعاية روسية يوم الثلثاء الماضي، ويقضي بخروج الآلاف على دفعات عدة خلال فترة أقصاها شهرين. وشاهد مراسل لـ «فرانس برس» صباح أمس العشرات من مقاتلي الفصائل، يحمل كل منهم سلاحاً فردياً، ومن المدنيين بينهم غالبية من الأطفال، وهم يستعدون للصعود إلى الحافلات الحكومية الخضراء اللون عند أطراف الحي بعدما أحضروا حقائبهم وحاجياتهم معهم. ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان عدد الأشخاص الذين سيخرجون من الحي عند استكمال الاتفاق بنحو 12 ألف شخص، بينهم 2500 مقاتل. ويسيطر الجيش السوري منذ بداية مايو/ أيار 2014 على مجمل مدينة حمص بعد انسحاب نحو ألفي عنصر من مقاتلي الفصائل من أحياء المدينة القديمة بموجب تسوية مع الحكومة، إثر عامين من الحصار الخانق والقصف. وانكفأ المقاتلون الباقون إلى حي الوعر إلى جانب آلاف المدنيين. وخرج العام الماضي، مئات المقاتلين على ثلاث دفعات، بموجب اتفاق تم التوصل إليه في ديسمبر/ كانون الأول 2015، بإشراف الأمم المتحدة، إلا أنه لم يتم استكمال تنفيذ بنوده. وتعرض الحي وهو آخر نقطة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حمص، إلى غارات عنيفة منذ نحو شهر، أوقعت عشرات القتلى، وفق المرصد. وأشرف عناصر من الشرطة العسكرية الروسية على عملية إخراج المقاتلين وعائلاتهم من الحي، وفق مراسل «فرانس برس» الذي أفاد بوجود سيارات روسية مركونة عند أطراف الحي المحاصر منذ نحو ثلاث سنوات. وينص الاتفاق على انتشار قوات روسية (بين ستين ومئة عنصر) في الحي من أجل الإشراف على تنفيذ الاتفاق وعلى سلامة السكان الموجودين أو الراغبين بالعودة. وأكد عقيد روسي يشرف على تنفيذ الاتفاق في حي الوعر لـ «فرانس برس» أمس أن «الجانب الروسي هو الضامن لتنفيذ الاتفاق»، موضحاً «من أجل هذا أتت القوات الروسية إلى سورية لمساعدة أصدقائنا وعودة الحياة الآمنة إلى هذا البلد». ومن شأن استكمال تنفيذ اتفاق حي الوعر أن يسمح للجيش السوري بالسيطرة الكاملة على مدينة حمص، ثالث أكبر مدن سورية، والتي كانت تعرف بـ «عاصمة الثورة السورية» عند بداية النزاع قبل ست سنوات، بسبب خروج مظاهرات سلمية كثيفة فيها آنذاك. وبحسب بنود الاتفاق، من المقرر أن يتوجه المقاتلون وعائلاتهم إلى ريف حمص الشمالي أو إلى مدينة جرابلس الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة المدعومة من تركيا في ريف حلب أو إلى محافظة إدلب (شمال غرب)، التي يسيطر عليها ائتلاف فصائل متطرفة. وتسيطر القوات الحكومية على معظم محافظة حمص باستثناء مناطق في ريف حمص الشمالي تحت سيطرة الفصائل المعارضة، وأخرى في ريف حمص الشرقي حيث يسيطر تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» على مساحات واسعة بينها حقول نفط وغاز. إلى ذلك، قال الكرملين أمس إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ناقش هاتفياً الأزمة السورية مع رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف بعد اختتام محادثات السلام السورية من دون إجراء أية مفاوضات جوهرية. وأضاف الكرملين في بيان أن بوتين ونزارباييف تبادلا وجهات النظر بشأن جولة المحادثات السورية الثالثة التي انعقدت في أستانا عاصمة كازاخستان الأسبوع الماضي لكنه لم يتطرق إلى التفاصيل. واختتمت جولة من محادثات أستانا يوم الأربعاء الماضي من دون إحراز تقدم بعد أن قاطعت جماعات معارضة الاجتماع.
مشاركة :