أكد رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين حسن الناصر، خلال مشاركته اليوم، في منتدى التنمية في الصين لعام 2017 الذي يعقد في العاصمة بكين، أن تعزيز العلاقات التاريخية الراسخة بين المملكة العربية السعودية والصين، يمكن أن يصل إلى آفاقٍ أبعد من خلال مجموعة كبيرة من الفرص التجارية والاقتصادية الجديدة التي تشمل التعاون في مجال الطاقة، ونقل المعرفة والتقنية، والصناعات الصديقة للبيئة والقائمة على الابتكار. وجاء انعقاد منتدى التنمية في الصين هذا العام مباشرة في أعقاب الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، إلى الصين, حيث شارك الناصر في المنتدى بكلمة أمام الوزراء والمسؤولين الصينيين وقادة مؤسسات دولية ورؤساء شركات عالميين، في جلسة شدَّد خلالها على أن المملكة تُعدُّ نقطة انطلاق مثالية لمبادرات الصين الاقتصادية الاستراتيجية الأساسية، الرامية إلى تحقيق الازدهار للتجارة بين الشرق الأوسط وآسيا، مما يوفر حلقة وصلٍ تجاريةٍ حيويةٍ مع المناطق الأخرى التي تحيط بالبلدين. وقال الناصر: " منذ فترةٍ ليست بالقصيرة، دأبنا في المملكة وباهتمامٍ بالغٍ، على متابعة المبادرات الاقتصادية الاستراتيجية الأساسية الثلاث التي أطلقتها الصين تحت اسم: " الانفتاح على العالم"، و"الحزام والطريق"، و "صُنع في الصين عام 2025"، وقد زاد هذا الاهتمام بعد إطلاق "رؤية المملكة 2030" العام الماضي، نظرًا للقواسم المشتركة التي تجمع بين الرؤية وهذه المبادرات الثلاث. ولذلك، فإن ثمة فرصًا هائلة يمكن استغلالها من قبل بلدينا وشركاتنا". وتطرق إلى حديث فخامة الرئيس الصيني، أثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى الصين، حيث دعا إلى تعميق أوجه التعاون في شؤون الطاقة", مؤكدًا أن أرامكو السعودية مستعدة للتعاون فيما يتعلق بالفرص الاستثمارية التي تعزز من تقارب البلدين الكبيرين. وأبرز الناصر ثلاثة محاور يمكن أن يسفر عنها هذا التعاون وتستفيد منها الشركات العاملة في مجموعة كبيرة ومختلفة من الصناعات, ويتعلق المحور الأول بتحسين التدفقات الاستثمارية المتبادلة بين البلدين، وهذا الأمر من شأنه أن يصب في مبادرتي "الانفتاح على العالم"، و"الحزام والطريق"، وكذلك رؤية المملكة 2030, ويمكن للشركات الصينية الاستفادة من موقع المملكة الاستراتيجي على طريق الحرير البحري، من خلال تأسيس منصاتٍ للتصنيع، والخدمات اللوجستية، والأبحاث والتطوير، لا سيَّما على الساحل الغربي. وانطلاقًا من هناك، تستطيع هذه الشركات الوصول بسهولة إلى أسواق منطقة الشرق الأوسطــ وشمال أفريقيا عمومًا، والاتجاه شمالًا إلى أوروبا، كما سيسهل عليها الاستفادة من وفرة إمدادات الطاقة والبتروكيميائيات في المملكة". وتناول المحور الثاني، الذي يتسق في الواقع مع الالتزام تجاه اتفاقية باريس بشأن تغيّر المناخ، متوقعًا أن تظل المواد الهيدروكربونية المورد الذي يلبي نسبة كبيرة من الطلب العالمي على مصادر الطاقة الأساسية، مشيرًا إلى أن ذلك يعني أن الحاجة إلى جميع مصادر الطاقة ستستمر لعدة عقود من الآن, مفيدًا بأنه على الرغم من أن معظم الهيدروجين لا يزال يُستخلص من الغاز حاليًا، فمن الممكن العمل على زيادة معدلات استخلاصه من النفط والفحم. وقال المهندس الناصر: "إن من شأن هذا الإنجاز أن يطلق ثورة تقنية في مجال النقل في المستقبل، وأن الشوط الذي قطعته السيارات التي تعمل بخلايا الوقود الهيدروجيني لا يقل كثيرًا عن السيارات الكهربائية، وأن هذه الخلايا قادرة أيضا على إحداث ثورة تقنية في مجال توليد الطاقة الكهربائية". وأضاف: "ستسهم خلايا الوقود الهيدروجيني، إذا ما اقترنت بتقنية استخلاص الكربون واستغلاله وتخزينه، في تمكين المملكة من تحويل مواردها الهائلة من النفط والغاز إلى طاقة حركية وكهربائية نظيفة قائمة على استخدام الهيدروجين". أما المحور الثالث فيتركز حول استخدامات النفط التي "لا تتضمن الحرق" لتحويله إلى مجموعة متنوعة من المواد الجديدة, وقال الناصر: " إننا في أرامكو السعودية متحمسون على وجه الخصوص إزاء مبادرة "تحويل النفط الخام إلى كيميائيات"، التي تستهدف تحويل النفط الخام بصورة مباشرة إلى مواد بتروكيميائية دون المرور بمرحلة التكرير. وهذه المبادرة بمقدورها أن تغيّر مشهد المنافسة في مجال اللقيم البتروكيميائي وتساعد في تطوير مواد جديدة متقدمة، فضلًا عن إمكانية توفر استخدامات جديدة في هذا الخصوص، لافتًا إلى ذلك سينعكس أيضًا على مبادرة "صُنع في الصين عام 2025"، إذ تشكل المواد الجديدة جزءًا من مجالات التركيز العشرة المتعلقة بالمبادرة. وإلى جانب مشاركته في منتدى التنمية في الصين لعام 2017، تضمّن جدول أعمال المهندس أمين الناصر التوقيع على مذكرتي تفاهم بين أرامكو السعودية وكلٍّ من مجموعة نورنكو، وشركة أيروسن, حيث جاءت مذكرة التفاهم مع مجموعة نورنكو من أجل التعاون الاستراتيجي، وبحث فرص الاستثمار في التكرير والمعالجة والتسويق في الصين ويشمل ذلك بحث فرصة تطوير مصفاة ومرافق كيميائية. في حين جاءت مذكرة التفاهم مع شركة أيروسن من أجل استكشاف فرص هندسة وتصميم وتصنيع أنابيب البلاستيك الحراري المقوى وملحقاتها، والتعاون في مجال الأبحاث والتطوير. وعقد الناصر اجتماعاتٍ ثنائية مع عديدٍ من قادة الكيانات الرئيسة في الصين، حيث التقى برئيس مجلس إدارة سينوبك، وانغ يوبو، ورئيس مجلس إدارة مجموعة واندا، وانغ جيانلن، ونائب رئيس مجلس إدارة اللجنة الصينية لمراقبة وإدارة الأصول المملوكة للدولة، هوانغ دانهوا. كما حضر أعمال منتدى الاستثمار السعودي الصيني، الذي توج بحضور كريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، خلال زيارته إلى الصين. كما حضر الناصر مراسم الحفل الختامي لمعرض طرق التجارة في الجزيرة العربية الذي شرّفه خادم الحرمين الشريفين وفخامة الرئيس الصيني, وكان المعرض قد انطلق في جولة آسيوية في ديسمبر الماضي برعاية من أرامكو السعودية، بدءًا من الصين. وحضر الناصر ايضًا مراسم حفل تدشين فرع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في جامعة بكين التي منحت خادم الحرمين الشريفين الدكتوراه الفخرية, وتقوم رسالة المكتبة على تحفيز التواصل الثقافي بين العالم العربي وبين الصين، وكذلك دعم الباحثين، ومن المتوقع أن يكون لها دورٌ كبير في تنمية العلاقات المشتركة وتعزيز جسور التواصل الحضاري والثقافي والإنساني بين البلدين. الجدير بالذكر أن منتدى التنمية في الصين هو أرفع ملتقى صيني للحوار بين القيادات العليا في الصين وممثلي الشركات العالمية الرائدة، والمنظمات الدولية، والعلماء من داخل الصين ومن خارجها. وهذا هو المنتدى الثامن عشر منذ انطلاق المنتدى لأول مرة في عام 2000. وتناول منتدى هذا العام، الذي عُقد تحت شعار "الصين والعالم: التحوُّل الاقتصادي من خلال إصلاحاتٍ هيكلية"، قضايا بالغة الأهمية فيما يتعلق بالصين والعالم في هذا الوقت الذي يتزايد فيه الغموض الذي يكتنف مسائل عالمية عديدة، وتشمل هذه القضايا الاقتصاد والصناعة، والعلاقات الدولية، والسياسات العامة، والتنمية المستدامة، والصحة والرفاهية، والموارد المالية، والتقنية والابتكار. وقد ركزت نقاشات المنتدى هذا العام على أهمية الابتكار وأولويته في تحفيز الاقتصاد الصيني وبالتالي الاقتصاد العالمي التي تعد الصين بحجمها الكبير قطبا من أقطابه.
مشاركة :