لماذا تقف دول الخليج ضد نظام الأسد؟ - مقالات

  • 3/20/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

• أعرف أن ما سأقوله من كلام إنما أقوله على حدّ السيف، وأنه بالتأكيد سيُفهم من البعض أو الكثير على غير مراده، أو أنه دفاع عن نظام الأسد أو غيره من الاتهامات المعلّبة التي يطلقها البعض لهوى في النفس. كما أنني أعلم أن من واجبي كخليجي أن أقف مع أنظمة البلاد خصوصاً في أوقات الحروب والمواجهات. ولأن الخليج اليوم على فوهة المواجهة مع أعداء كثر، فإن مثل هذا الكلام قد يصعب قوله، وأعرف تماما أن الكويت، والكويت خصوصاً، لها موقف قد يغاير مواقف غيرها، لا بسبب ما يسميه البعض حياداً او نأياً بالنفس، بل بسبب إدراكها مراعاة اتخاذ سياسة التوازن في الداخل والخارج من دون أن تكون هذه المعرفة اتهاماً لأحد بعدم اتخاذ سياسة التوازن... ولهذا كله أعلم أن كلامي هذا سيُقال على حدّ السيف، لكني سأقوله.• لماذا تقف دول الخليج ضد نظام الأسد في سورية وتعمل على إسقاطه؟ أقول هنا «دول الخليج»، وأعني أكثرها حسب الظاهر لأي متابع ولا أعنيها كلها بالطبع، هذا السؤال قد يحيّر أي خليجي متابع منصف لا يتأثر بما يُقال من دون تدقيق أو تمحيص!• المعلن في وسائل الإعلام وحسب تصريحات المسؤولين والساسة المنادين بإسقاط هذا النظام، أن نظام الأسد يجب أن يزول لأنه نظام قمعي قتل وشرّد شعبه وبطش به أيما بطش، وأنه مع هذا البطش لم يعد له مكان في سورية، أليس هذا ما نسمعه يومياً؟• الغريب أن نظام البعث منذ أن حكم سورية والعراق وهذا هو ديدنه مع شعبه... القمع والبطش والقتل والتشريد. ولست هنا بحاجة أبداً لإعادة تذكير القارئ بكل القصص التي يعرفها عن حكايات التنكيل والبطش في سورية والعراق منذ أكثر من ٥٠ سنة، هي تاريخ حكم البعث فيهما. كان النظام هناك يبطش ويقمع ويقتل ولم تكن لدينا أدنى مشكلة في هذه السياسة لإنها - كما كنا نقول - سياسة داخلية لا شأن لنا بها!• إن كنا نقول أن الوضع اليوم تغيّر عما كان عليه من قبل لقيام معارضة تطالب بالإصلاح وما كان يجوز مواجهتها بهذا القمع والقتل، فنحن نفعل بـ «داعش» ما يفعله النظام السوري بمعارضيه! ويعلم الجميع أن منتسبي «داعش»، إما سوريون أو عراقيون أو خليجيون! ويعلم الجميع أيضا أنهم - حسب زعمهم - إنما ينادون بالإصلاح! المعارضة التي نسميها نحن معتدلة، لا يراها نظام البعث هكذا، ولذا فهو يواجهها بكل بما أوتي من سلاح! نحن نعلم أيضا أن بعض الميليشيات المعارضة - غير «داعش» - متطرفة ولا تقل عنها إرهاباً، ولو سمحت لها الظروف بالتمدد كما سمحت لـ «داعش» لقاتلناها كما نقاتل «داعش» ضربا وقصفا. النظام السوري يفعل الشيء نفسه... مع الاختلاف فقط في تحديد المتطرف الإرهابي من غيره!• هنا أنا أسأل سؤالاً: ماذا لو قامت ثورة مسلّحة في أي دولة عربية وكان هدفها إسقاط نظام الحكم؟ هل ستواجه بمثل ما واجه به النظام السوري، الثوّار الذين يعملون على إسقاطه، أم أن ردة الفعل ستكون غير؟ الجواب قطعاً هنا معروف، لأننا سنفعل ما فعله نظام الأسد بكل تأكيد! إذاً مسألة القمع والبطش ضد أي من ينادي بإسقاط النظام في أي دولة كانت ويعمل على ذلك عسكرياً، هي ردة الفعل المعتادة والمتوقعة و»الواقعة» في أي بلد، لماذا نقف ضد نظام الأسد إذاً والآن تحديداً!• هل التقارب السوري - الإيراني هو سبب وقوف دول الخليج ضد نظام الأسد؟ أو كما نسميه بالتمدد الإيراني داخل العمق السياسي والجغرافي السوري، هل هذا هو السبب؟ بالتأكيد يجب أن يكون الجواب على هذا السؤال: لا، لأنه وباختصار كان نظام البعث في سورية منذ أن قامت الثورة الإسلامية الإيرانية وهو موالٍ لها، والتقارب بين النظامين السوري والايراني ليس بجديد ولا مستحدث ولم يكن يوما ما سريّاً مثلا بل هو معلن.• ثم وحتى إن كنا نخشى ونحذر من التمدد الإيراني في المنطقة لكن... ما دخلنا نحن في نظام دولة يرغب بالتقارب مع ايران أو ينسق معها سياسته الخارجية؟ من أين أخذنا الحق في التدخل بشؤون سياسات الدول؟ والسؤال الأهم: هل سنتعامل بالطريقة نفسها التي عاملنا بها النظام في سورية مع أي دولة أخرى خليجية أو عربية تتقارب مع إيران؟• هذه الأسئلة المحيّرة لأي خليجي منصف، لن تجد لها جواباً مقنعاً ولن تزول الحيرة التي تملؤها إلا عندما نطرح السؤال الأهم، وهو: هل نحن في الخليج أمام معركة بقاء خصوصاً بعد أن قلبت لنا كثير من مراكز القوى العالمية ظهر المجنّ وتبدلت ولاءاتها؟ وهل يمثّل الموقف ضد النظام السوري أو غيره من المواقف خطوات استباقية للدفاع عن النفس وفرض أمرنا وبقائنا على الواقع والأرض حتى لا يتعدانا أحد خاصة ونحن نخوض معركة البقاء؟ لعلنا نتطرق لهذا السؤال المهم في مقال قادم. لكن النهاية تقول أن وقوف دول الخليج ضد النظام السوري والرغبة في إسقاطه، أمر محيّر سياسياً ويحتاج إلى مصارحة عن الأهداف المخفيّة! @lawyermodalsbti

مشاركة :