انتخب «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» بالإجماع، أمس، مارتن شولتز رئيساً له، لمحاولة إزاحة المستشارة أنجيلا ميركل (محافظة) من السلطة، في انتخابات سبتمبر (أيلول) المقبل، التي يأملون إثرها في تولي السلطة. وتقدم شولتز (61 عاماً)، الذي كان قد تولى رئاسة البرلمان الأوروبي لـ5 سنوات، في استطلاعات الرأي حتى بات اليوم تقريباً في المستوى نفسه من نيات التصويت لميركل التي تتولى قيادة البلاد منذ 2005. وكان الحزب الاشتراكي الديمقراطي متأخراً عنها بـ15 نقطة في بداية 2017. واختار ناشطو الحزب بالإجماع مارتن شولتز رئيساً لهم، إدراكاً منهم لأهمية هذا التقدم في نيات التصويت. وهي سابقة في تاريخ الحزب، حيث كان الرقم القياسي المسجل في التصويت لرئيس له يعود إلى 1948 (99.71 في المائة). وبعيد انتخابه قال شولتز: «ابتداء من الآن، تبدأ المعركة، لنصبح الحزب الأول في البلاد، ونستعيد المستشارية»، وأضاف كلمته: «أريد أن أصبح مستشاراً»، مكرراً رغبته بالعمل على هزم المستشارة الحالية ميركل، الساعية لولاية خامسة. ويخلف شولتز بذلك وزير الخارجية الألماني ونائب المستشارة سيغمار غابريال الذي ترأس الحزب الاشتراكي الديمقراطي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2009. وقبل انتخابات 24 سبتمبر، التي تتساوى حظوظ الحزب الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الديمقراطي بزعامة ميركل فيها حالياً في نيات التصويت بأكثر بقليل من 30 في المائة، ستنظم ثلاثة انتخابات إقليمية تشكل اختباراً لشعبية الحزبين. وأول هذه الانتخابات سينظم في مقاطعة السار (غرب) الصغيرة خلال أسبوع، حيث يهدد الاشتراكيون الديمقراطيون، الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحاكم منذ 18 عاماً. وإزاء تنامي شعبية شولتز، تتابع ميركل بهدوء تحركات منافسها. وقد قالت يوم الجمعة الماضي إن «المنافسة تحفز الأعمال». لكن مصدراً في محيطها قال في جلسة إن «الوضع صعب». وقبل أشهر فقط، ورغم الانتقادات لوصول أكثر من مليون لاجئ إلى ألمانيا، لم تكن فرضية إزاحة أقوى امرأة في العالم أمراً وارداً. لكن مارتن شولتز غير المعطيات، وشكلت مسيرته شبه الكاملة في بروكسل في البرلمان الأوروبي التي كان يمكن أن تكون نقطة ضعف، ورقة رابحة إذ إنه لم يتحمل وزر سياسة حكومة الائتلاف الحالي الذي يشارك فيه الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ليظهر بمظهر رجل السياسة الجديد. ورأى الخبير في السياسة الألمانية مايكل سبرينغ، في مقال بصحيفة «يودويتشه زيتونغ»، أن «شولتز وجه جديد في المستوى الداخلي، ويأتي ترشحه في ظرف يتسع فيه شعور الملل من ميركل». وأضاف: «شولتز يتحدث بوضوح، ويحسن استخدام المجاز. وميركل ليست خطيبة مفوهة. شولتز شخص عاطفي، في حين لا تظهر ميركل أية عاطفة». كما أن مسيرته غير الاعتيادية، والأصول المتواضعة لابن الشرطي الذي غادر المدرسة قبل الحصول على البكالوريا، وكان مدمناً على الخمر أثناء شبابه، مع صراحته، كل ذلك يتيح له الظهور بمظهر ابن الشعب. وهو ينوي خصوصاً تعديل إصلاحات مثيرة للجدل لسوق العمل كان أدخلها المستشار السابق غيرهارد شرودر بين 2003 و2005. وكانت إصلاحات شرودر قد سمحت لألمانيا بخفض البطالة إلى مستويات تاريخية، لكنها أدت إلى جيل من «العمال الفقراء» الذين يعانون من أوضاع هشة. في المقابل، يتهمه حزب ميركل بإشاعة «شعبوية» يساري. وانعطافة شولتز يساراً التي جعلته يلقب في الصحافة بـ«روبن هود»، لم تمنع الحزب أمس من الإشارة إلى مرشحه المفضل في الانتخابات الفرنسية إيمانويل ماكرون. ويشكل هذا الدعم لماكرون نكسة للمرشح الرسمي للحزب الاشتراكي الفرنسي بنوا آمون الذي يخوض حملته وفق خط أكثر يسارية من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني.
مشاركة :