المناطق الكردية في تركيا تحدد مصير استفتاء توسيع صلاحيات أردوغان

  • 3/22/2017
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

رغم أن حزب الشعوب الديمقراطي يحظى بدعم قوي في مناطق الأكراد فلا يزال الرئيس التركي يتمتع بشعبية بين بعض الأكراد من ذوي الميول اليمينية.العرب حميرة باموق [نُشر في 2017/03/22، العدد: 10579، ص(7)]رقم حاسم ديار بكر (تركيا)- تزدحم الشوارع الرئيسية بمدينة ديار بكر التركية بالمتسوقين وبرجال يحتسون الشاي في يوم دافئ من أيام أوائل فصل الربيع فلا تبدو على المدينة علامات تذكر على الدمار الذي جلبته اشتباكات استمرت أشهرا في العام الماضي بين مسلحين أكراد وقوات الأمن؛ غير أن الأزقة الضيقة تغلي بالغضب في حي سور التاريخي الذي شهد بعضا من أسوأ أحداث العنف حيث يحمل الكثير من السكان مسؤولية ما حدث للدولة ولمسلحي حزب العمال الكردستاني. ومن الممكن أن تحدد نظرة الناخبين في سور ومختلف أنحاء جنوب شرق تركيا الذي يغلب عليه الأكراد للصراع الدائر منذ 33 عاما نتيجة الاستفتاء الذي يجري في أبريل بهدف منح الرئيس رجب طيب أردوغان صلاحيات جديدة مطلقة. ويقول خبراء استطلاعات الرأي إن الناخبين الأكراد الذين يمثلون خمس إجمالي الناخبين يمكنهم أن يرجحوا كفة الميزان إذا ما تقاربت الأصوات. ويشير أحد سكان الحي ويدعى شركان، رافضا ذكر بقية اسمه خوفا مما قد يحل به من انتقام، إلى المباني التي بدت عليها آثار القصف وساحات الركام ويقول “امّحت بيوتنا وذكرياتنا وماضينا. والطرفان مسؤولان عن ذلك”. فقد انهار في يوليو 2015 وقف إطلاق للنار استمر عامين ونصف العام بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني فزج بجنوب شرق البلاد في آتون أسوأ أحداث عنف يشهدها منذ العشرات من السنين. وخلال العمليات الأمنية، التي تلت أحدث 2015، سقط نحو 2000 قتيل وتشرد ما يصل إلى نصف مليون حسب تقديرات الأمم المتحدة. ويعتبر الكثيرون من أكراد تركيا البالغ عددهم 15 مليون نسمة مدينة ديار بكر عاصمة ثقافية لهم ويمثل حي سور شبكة الشوارع في قلب المدينة الأثري تحيط به أسوار بازلتية بنيت في عهد الرومان. ويؤيد حزب هدى بار الكردي الإسلامي، الذي يناصره شركان، التصويت بنعم في الاستفتاء لكن شركان يقول إنه ليس واثقا أنه سيصوت على هذا النحو. ويقول حزب الشعوب الديمقراطي، وهو الحزب الرئيسي ذو الجذور الكردية، إن التصويت بنعم سيحكم قبضة زعيم استبدادي عازم على القضاء على المعارضة.الناخبون الأكراد الذين يمثلون خمس إجمالي الناخبين يمكنهم أن يرجحوا كفة الميزان إذا ما تقاربت الأصوات وسجنت السلطات آالآلاف من أعضاء حزب الشعوب بمن فيهم قياداته بتهمة الإرهاب فأصابت قدرته على شن الحملات بضربة كبيرة. ويتهم أردوغان حزب الشعوب نفسه بدعم الإرهاب. وينفي الحزب وجود صلة تربطه بحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا وأوروبا والولايات المتحدة منظمة إرهابية. ويقول خبراء استطلاع الرأي إن حوالي خمس الأكراد أي أربعة في المئة من إجمالي الناخبين لم يحسموا رأيهم في التصويت. وتتباين نتائج الاستطلاعات الأخيرة على مستوى البلاد إذ يقدر بعضها كل من المعسكرين بما يصل إلى 57 في المئة. وتشير أغلبية الاستطلاعات إلى ارتفاع نسبة الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم. وقال فاروق أجار، رئيس شركة أندي-آر للاستطلاعات، “من يستطيع إقناع الأكراد الذين لم يحسموا الرأي سيخرج منتصرا”. ويقول أردوغان والملايين من أنصاره إن تركيا تحتاج مؤسسة رئاسة قوية لتجنب الحكومات الائتلافية الهشة التي مرت بها تركيا في الماضي. أما معارضوه فيشيرون إلى اعتقال أو عزل أو وقف أكثر من 100 ألف من المدرسين والموظفين العموميين وجنود الجيش والقضاة والصحافيين في أعقاب الانقلاب الفاشل الذي وقع العام الماضي باعتبارها أدلة على ميله للاستبداد. رغم أن حزب الشعوب الديمقراطي يحظى بدعم قوي في مناطق الأكراد إذ حصل على أكثر من ستة ملايين صوت أي 13 في المئة من مجموع الأصوات على مستوى البلاد في الانتخابات البرلمانية في يونيو 2015 أي ما يقرب من 80 في المئة من الأصوات في ديار بكر فلا يزال أردوغان يتمتع بشعبية بين بعض الأكراد من ذوي الميول اليمينية. وقال آرون شتاين، الزميل الباحث بالمجلس الأطلسي، “الناخبون الأكراد ليسوا من أصحاب التوجه السياسي الواحد وتغطي ولاءاتهم السياسية مختلف الأطياف”. وقال مهفاهير أوجولكوم، أحد حراس القرى الأكراد المتطوعين وهو يرشف الشاي خارج موقع عسكري في بلدة كولب الريفية على بعد 140 كيلومترا شمال شرقي ديار بكر، “ما دام العلم التركي يرفرف فوقنا فلا حاجة بنا لعلم آخر أو دولة أخرى”. وفي الحملة التي أعقبت الانقلاب الفاشل العام الماضي اعتقلت السلطات العشرات من الصحافيين الأكراد وأغلقت العديد من وسائل الإعلام الكردية. واعتبر عثمان بايديمير النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي، أن ذلك سبب كاف للتصويت بلا في الاستفتاء. وقال “نحن نثق بضمير الشعب. مجرد حظر القنوات التلفزيونية واعتقال مسؤولي حزبنا ووجود قادتنا في السجن له صدى لدى شعبنا”. ويتهم البعض في ديار بكر حزب الشعوب الديمقراطي بالتقاعس عن دعم حزب العمال الكردستاني عندما اشتد القتال. ويقول آخرون إنه يجب عليه أن يقف موقفا أكثر تشددا من الحكومة. غير أنه من المستبعد أن يترجم هذا الشعور بالإحباط إلى تأييد لأردوغان. وقال أجار رئيس شركة أندي-آر للاستطلاعات “من يتركون حزب الشعوب الديمقراطي لا يذهبون تلقائيا إلى حزب العدالة والتنمية” الحاكم. والاختيار واضح للكثيرين من الأكراد مثل حسين جاليس (76 عاما) الذي دمر بيته الذي عاش فيه 53 عاما في ما شهده حي سور من اشتباكات. يقول وهو جالس في غرفة المعيشة بشقة أحد أقاربه “هو خطأ الدولة في أغلبه. انفطرت قلوبنا على حزب الشعوب الديمقراطي أيضا. لكن شعبنا لا يمكنه حتى الآن أن يقنع نفسه بالتصويت بنعم… أقول لا حتى النهاية”.

مشاركة :