مراجعة الحسابات والرضا عن الذات

  • 3/22/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أحب أن أكرر دائماً على مسامع من أعرف أن عمري 45، وما زلت أكتشف نفسي، وأكتشف قدراتي وأعيد حساباتي، والقصد أن رحلة اكتشاف الذات لمن أراد هي رحلة طويلة لا تنتهي عند عمر معين، خاصة لمن أراد الاستمرار فيها، علَّه يتعرف على نفسه، ويجد مبتغاه في هذه الحياة. لن يكون الوقت متأخراً أبداً على أي واحد منا لعمل ذلك إلا بعد أن تأتي تلك اللحظة التي يفارق الإنسان فيها الحياة، تلك اللحظة هي اللحظة التي لا تصحيح بعدها، ولا تعديل، إلى تلك اللحظة كثير من الأشياء تظل ممكنة، ولو أن الخيارات تصبح أقل وأقل مع تقدم العمر وتغير الظروف. أحياناً حتى وإن كان الإنسان صغيراً في العمر يجد نفسه في ظروف قاهرة لا تعطيه الكثير من المساحة للتحرك والطموح والحلم، من يعيش في ظروف حرب أو ظروف فقر أو ظروف حصار لديه خيارات محدودة، ومع ذلك يظل إصرار الإنسان على الحياة وعلى الحلم وعلى العمل وعلى الاستمرار دافعاً قوياً للوصول إلى طموحه ولتحقيق أهدافه. في أي ظروف كنا، وربما في ظل الظروف القاهرة أكثر يكون هناك حاجة ماسة لدراسة أنفسنا، لمعرفة نقاط قوتنا وضعفنا، فبدون ذلك سنظل عاجزين عن التحرك بشكل صحيح، أو التحرك بالاتجاه الصحيح. بدون دراسة الذات، يظل الإنسان معتمداً على رسائل الآخرين وأحكامهم، وما يرونه من زواياهم هم، فإذا اعتمدنا على تلك الأحكام والرسائل أصبحنا كما يريد الآخرون، أو كما يرسم الآخرون، أو كما يتخيل الآخرون لنا أن نكون. قد يكون الأمر سهلاً لمن يكون في مهنة الطب أو التعليم، فيكون تدرجه المهني وخطته في الحياة مرسومة بفعل انتمائه إلى مهنة تخضع لمنظومة من قوانين معينة ترسم خطة الترقي المهني والعلمي، لكن الأمر يكون أكثر صعوبة لأصحاب التخصصات الأخرى والمجالات الحرة، وحتى أولئك الذين لم يكملوا دراساتهم الجامعية. إلى أين يتجه الواحد منا؟ وأين يجد نفسه وسط خيارات كثيرة أو حتى وسط خيارات أقل أو حتى وسط ظروف قاهرة؟ ربما علينا أن نتقبل أن الإجابة لن تأتي بغضون 24 ساعة أو 48 ساعة، لكنها تبدأ بإصرار الإنسان على البحث وعلى ترك خياراته مفتوحة. قد تكون الأحلام التي حملناها في رؤوسنا أصلاً هي أحلام الغير، قد تكون مهندساً؛ لأن والدك رغب في أن تكون مهندساً، أو قد تكوني معلمة؛ لأنه كان الأنسب لأسرتك أن تكوني معلمة، لا يهم ماذا عملت إلى الآن، الأهم هو أين تتجه وكيف تصل إلى درجة من الرضا على ذاتك بعملك بالمجال الذي فعلاً تجد نفسك فيه، وبتحقيقك لأهدافك. لن تجد الرضا إلا بتحقيق أهدافك أنت، أما العمل على تحقيق أهداف الآخرين فسيكون مجرد عمل وروتين مضنٍ ومتعب، ولذا فتحقيق أهدافك قد يعني تغييراً في مسارك، وشجاعة لاتخاذ قرار التغيير، مهما قررت أن تفعل، فلابد من التوقف ولا بد من إعادة الحسابات، ولا بد من التفكر في أصل أحلامنا ومصدرها، وخطواتنا ودرجة اقترابنا من الرضا عن أنفسنا. عندما نقرر البحث عن مستقبل مختلف، علينا أن ندرك أن بداية التغيير بطيئة، وأن الخطوات ستكون صغيرة، ومثلما يقولون طريق الألف ميل يبدأ بخطوة كذلك التغيير يبدأ بخطوة صغيرة، تليها خطوات صغيرة، وبالتالي فملامح الطريق لا تظهر للكثير إلا بعد أن يكون المرء قد مضى وقطع شوطاً لا بأس به أحياناً. الخطى إلى الأمام تحتاج وقفة مع الذات، وتحتاج مراجعة وحساباً للأهداف وللخطوات؛ لنتأكد أننا نحقق أحلامنا نحن، وليس أحلام غيرنا، وحتى نحدد اتجاهنا في المستقبل، والمستقبل الذي نطمح إليه يأتي بخطوات صغيرة، لكنها مجتمعة قد تقودنا إلى المكان الذي نطمح إليه. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :