انعدام المصداقية هاجس الخبراء في قمة الغارديان لتغيير وسائل الإعلامشكلت مشكلة التحايل في نشر الإعلانات مادة ساخنة للمناقشة في “قمة الغارديان لتغيير وسائل الإعلام”، إلى جانب تهديد الأخبار الزائفة لمصداقية وسائل الإعلام الرقمية وبحث الحلول الكفيلة بإجبار غوغل وفيسبوك على معالجة هذه المشكلات.العرب [نُشر في 2017/03/23، العدد: 10580، ص(18)]وجهات نظر تعكس القلق المتزايد من الأخبار المزيفة لندن - تصدّعت العلاقة بين الجمهور ووسائل الإعلام بشكل واضح بعد التطورات الأخيرة، مثل نشر الإعلانات المزيّفة على المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وبدء الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إرساء منهاج سياساته عبر تويتر، فأصبحت مشكلة انعدام المصداقية الهاجس الأكبر للشخصيات البارزة في عالم الإعلام. واجتمع أكثر من 700 ممثل لدور النشر والمحطات التلفزيونية والمنصات الرقمية ووسائط الإعلام حول العالم لإيجاد حلول لهذه المشكلات في “قمة الغارديان لتغيير وسائل الإعلام”، التي عقدت في لندن يومي 15 و16 مارس الجاري، وفق تقرير لديفيد بينيدي نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية. وشكلت مشكلة التحايل في نشر الإعلانات مادة ساخنة للمناقشة مع انتشار الإعلانات الرقمية على مواقع الويب في غير المكان المناسب لها. لا سيما بعد الضجة الأخيرة التي أثارتها بعض الإعلانات ذات المحتوى المتطرف والمحرض على العنف، في وقت تقاتل فيه الصحف ومحطات التلفزيون من أجل الحصول على نصيب أكبر من إيرادات الإعلانات التي تهيمن عليها كل من غوغل وفيسبوك. وتحدث جوني هورنبي مؤسس شركة “ذا آند بارتنرشيب” في جلسة حول مشكلة “التحايل في نشر الإعلانات الرقمية” عن الكثير من العلامات التجارية التي تظهر في مواقع سيئة. وسلط هورنبي الضوء أيضا على بعض الأبحاث التي صدرت عن شركته وعن شركة أدلوكس، المتخصصة في كشف الإعلانات المضللة. وتبيّن نتيجة لذلك أنه من المتوقع أن تحصد الإعلانات الرقمية أرباحا تصل إلى حوالي 80 مليار دولار على مستوى العالم هذا العام، منها 16 مليار دولار عن طريق التضليل والنصب. فعلى سبيل المثال تتم إعادة توجيه المستخدمين عبر الإنترنت الذين دفعوا المال مقابل نشر إعلانهم بشكل احتيالي لنشر إعلاناتهم على مواقع مزوّرة. ونصح هورنبي العلامات التجارية باستخدام برامج التحقق لتحديد أماكن ظهور إعلاناتها على الإنترنت. وأعرب عن شعوره بالأسف حيال المشكلات التي تحدث في غوغل وفيسبوك اللتين تسيطران على نصيب الأسد من إيرادات الإعلانات على الإنترنت.جوني هورنبي: تطوير الصناعة يحتاج إلى تعاون العملاء والوكالات معا ودعا إلى تنظيم إضراب من قبل المستخدمين إذا لم يتم حل المشكلة قائلا “يحتاج تطوير الصناعة إلى تعاون العملاء والوكالات معا، ويجب علينا فعل أي شيء تجاه تلك المشكلة. إذا لم تفعل غوغل وفيسبوك (تستحوذان على 60 بالمئة أو 70 بالمئة من مجمل الإيرادات) شيئا لحل تلك المشكلة، سنفعل نحن وسنقاطع نشر إعلاناتنا بواسطتهما لمدة أسبوع أو شهر”. وسيظل هنا التساؤل قائما عمّا إذا كانت مقاطعة الإعلان على غوغل وفيسبوك ستقلل من عمليات التحايل في نشر تلك الإعلانات. ولكن المبادرة توضح في النهاية كيف أن تلك المشكلة تشغل حيزا كبيرا من تفكير صاحبي العلامات التجارية والوكالات. وفي الوقت نفسه، تشكل الأخبار الزائفة تهديدا كبيرا لمصداقية الكثير من وسائل الإعلام الرقمية. فباستخدام بعض العناوين الرئيسية الجاذبة للمستخدمين للضغط عليها، تجني تلك المواقع الإخبارية الوهمية الكثير من المال على غرار الإعلانات الرقمية الزائفة. وتلعب “اتهامات التزييف” كذلك دورا مهمّا في إضعاف الثقة في وسائل الإعلام الإخبارية بشكل عام. ورأى هاميش نيكلين، كبير موظفي الإيرادات في صحيفة الغارديان، أن الأخبار المزيّفة لا تشكل تهديدا على الصعيد الإعلامي فقط وإنما على الصعيد المجتمعي أيضا. وأضاف “إذا كان أقوى الناس تأثيرا على كوكب الأرض يستخدمون الأخبار المزيّفة وقلب الحقائق كأسلحة للتعتيم على الحقيقة وضعضعة القيم التي لا يزال الكثيرين منا يحملها بكل اعتزاز؛ فمن المؤكد أن الحقيقة نفسها تحتاج إلى بعض الحماية”. وقد أدت أحداث العام الماضي، مثل انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة والاستفتاء الذي جرى بخصوص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى زيادة الضغط على استخدام جميع المواقع الإخبارية المعروفة من قبل المستخدمين. حيث شهد موقع الغارديان زيادة في حركة المرور لأكثر من 33 بالمئة في العام 2017 مقارنة بالعام 2015، ووصل عدد الزيارات اليومية للموقع إلى أكثر من 30 مليون مستخدم لليوم الواحد من هذا العام. ويطرح سؤال ملح في هذا الإطار، ما هو الإجراء الذي يجب اتخاذه بشأن نشر الأخبار المزيفة؟ وكان من ضمن أحد المقترحات أنه يجب على غوغل وفيسبوك تزويد المستخدمين بمعلومات عن مصادر الأخبار. فعلى سبيل المثال، يجب تأمين تاريخ نشأة ذلك المصدر وتصنيف مصداقيته، حيث أن الكثير من المواقع الإخبارية يتم إنشاؤها أسبوعيا. وقال باتريك ووكر، مدير شراكات وسائل الإعلام في فيسبوك لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، في إحدى الجلسات “ما يجعلنا نأخذ الأخبار المزيفة على محمل الجد، هو أننا نقدّر جيدا مدى زيادة اعتماد المستخدمين على فيسبوك كوسيلة لنشر أخبارهم”. وأضاف ووكر أن شبكات التواصل الاجتماعي سهّلت المهمة على الكثير من المستخدمين لنشر أخبارهم الوهمية. بالإضافة إلى أنه تم إنشاء بعض المواقع لتعمل كطرف ثالث في التحقق من صحة الأخبار المنشورة، حيث يُطلب من الصحافيين الرجوع إلى تلك المواقع للتأكد من صحة الخبر من عدمه. ومن المقترح أيضا أنه سيتم وضع علامة “قيد الجدال”على الخبر غير المتأكد من صحته. وستقترح الشركة أيضا البحث عن مصادر إخبارية بديلة في حال ظهور تلك الأخبار “محور الجدل” على صفحات المستخدمين. وفي جلسة أخرى، قال جيف جارفيس، أستاذ الإعلام في كلية الدراسات العليا للصحافة التابعة للكنيسة، إن “بعضا من أسباب صعود دونالد ترامب والشعبوية اليمينية تلقى على عاتق وسائل الإعلام الليبرالية التي فشلت في التعاطف مع الأميركيين المحافظين”. لكن واحدة من الجمهور الحاضر حذرت من مخاطر التعاطف مع وجهات النظر القومية والشعبوية قائلة “كان نتيجة تعاطفكم مع وجهة نظر طرف واحد أن أصبح الطرف الآخر أكثر حدة وأكثر تعسفية وأكثر عدوانية. إنكم تشجعونهم على ممارسة سلوك أكثر سوءا”. ورد جارفيس “أنا لا أقترح تشجيعهم بحتمية قبول رسالتهم، وإنما يجب على الأقل أن نفهمهم ونحتويهم”.
مشاركة :