الإعلام المهني يهزم وسائل التواصل في معركة المصداقية

  • 8/3/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

محمد الماحي شهد عصرنا موجات متعاقبة من التغييرات السريعة في العديد من مناحي الحياة، وحصل الشيء نفسه في الإعلام، فخلال العقود الثلاثة الأخيرة شهدنا سلسلة مستجدات ومتغيرات في أنماط ورسائل الاتصال الجماهيري، سواء الإعلام الرسمي، أو الخاص، شملت اللغة والمحتوى، ومع دخول وسائل التواصل الاجتماعي على عرش السلطة الرابعة، ظهر العديد من السلبيات والإيجابيات في المحتوى واللغة على ما يطرح على منصاته.ورغم إيجابيات «مواقع التواصل» في سرعة الوصول إلى المعلومة أو الخبر، بغض النظر عن العوائق الجغرافية والمسافات، إلا انه لا يمكن التعامل معها كمصدر موثوق للمعلومة؛ خاصة وأنها أصبحت أداة لنشر الشائعات، أو بث الكراهية والفتن والتعصب، إضافة إلى استخدام هذه المنصات لممارسة ما اصطلح عليها ب«غسل الأخبار» من خلال اختلاق إشاعات والتعامل معها كحقائق، ما يعيد الرونق للإعلام المهني صاحب المهنية والمصداقية.أكد إعلاميون وأكاديميون مشاركون في الدورة الثامنة لمنتدى الاتصال الدولي، التي عقدت مؤخراً، قدرة مواقع التواصل الاجتماعي على الانتشار والنفاذ سريعاً، وعبور القارات، بل والدخول إلى المنازل وفي الأوساط كافة، من دون عوائق، مشيرين إلى أن هذه الميزات لا تمكنه من إلغاء الإعلام المهني.ولفتوا إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر إعلاماً فردياً، يعتمد على آراء شخصية، وليس على أخبار تُستقى من مصادر موثوقة، وبينوا أن تنافس المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي على سرعة نقل المعلومة لتسجيل السبق في ذلك، رغم كونهم أفراداً وليسوا وكالات أنباء، أفقد هذه الوسائل مصداقيتها، وأسهم في انتشار أخبار عارية عن الصحة، منها أخبار موجهة من جهات ما لتحقيق غايات معينة، مؤكدين على أهمية التكامل بين وسائل الإعلام المهنية، ومواقع التواصل، وأن السنوات الماضية شهدت ظهور وسائل اتصال متعددة، ومختلفة، ولم تلغِ دور الصحف، والراديو، والتلفزيون. الوجود الحكومي وتقول مريم السركال مديرة قناة ماجد للأطفال: إن وسائل الإعلام المهنية المطبوعة والمسموعة والمرئية من دون شك هي الأكثر مصداقية من وسائل التواصل الاجتماعي، أو ما يسمى بالإعلام الجديد الذي انتشر بقوى في العالم العربي، واندفعنا وتمادينا في هذا الاندفاع على خلاف الدول الغربية.وهنالك تحديات للإعلام المهني، وهي توظيف وسائل الاتصال الجديدة في خدمة مؤسساته حتى يتغير شكل مواقع التواصل الاجتماعي تغيراً جذرياً، حتى يأخذ أدبيات وأخلاقيات الإعلام المهني الذي ما زال يمتلك القدرة، والشهرة، والخبرة.إن العفوية تلعب دوراً كبيراً في وصول رواد منصات التواصل الاجتماعي إلى قلوب الجمهور، والتأثير فيه، ولذلك لا يحظى الذين ارتبطوا بالعمل في الإعلام التقليدي بالجماهيرية نفسها عند تواصلهم مع الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لافتقادهم العفوية التي يتمتع بها غيرهم، وتبرز هنا أهمية تحقيق التكامل بين الجانبين.ولا يزال دور الحكومات العربية في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد غامضاً، قد يؤدي الوجود الحكومي في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال التشريعات التي تحولها الى مؤسسات، أو شخصيات اعتبارية، من افتراضية الى تغيير شكل المحتوى واللغة، ففي المستقبل القريب، إذا كان هناك توظيف مثالي لوسائل التواصل الاجتماعي من قبل الحكومات العربية فسيكون هناك وجه آخر مختلف تماماً للإعلام الجديد عما نعيشه اليوم.ضوابط أخلاقية أما احمد البلال الطيب، رئيس تحرير جريدة أخبار اليوم السودانية، فيرى أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبار يزداد باطراد، ومن الطبيعي الإقرار بدورها في سرعة توصيل المعلومة وهي ميزة عامة لكنها ليست كافية، لأن ما يتم بثه في مواقع التواصل الاجتماعي من معلومات مثل تغريدات «توتير»، ومشاركات مجتمع «فيس بوك»، تأتي بمعلومات غير وافية، وفي أغلب الأحيان تكون منقوصة، وغير دقيقة.إن وسائل الإعلام الرسمية تبقى مسؤولة عن المعلومات التي تنشرها، وهي في العادة تستقيها من نخب إعلامية جامعية تنقلها، ووفقاً لأسس علمية وضوابط أخلاقية وقانونية تحتكم لها في نهاية المطاف.وأقر بأن مواقع التواصل الاجتماعي تتجه لمنافسة وسائل الإعلام التقليدية، بيد أنني أرى الإعلام الجديد وتحول كل فرد الى إعلامي، أو ترديد هذه المقولة أربك الساحة الإعلامية، بل وجعل من كلمة إعلام مرادفاً لبث الشائعات وترويع الناس وأضعف موقفاً فيه نوعاً ما. استهلاك التكنولوجيا من جهته، قال بدر ورد، مؤسس تطبيق لمسة: إن وسائل التواصل الاجتماعي تتميز عن الإعلام المهني لكونها ذات تفاعلية عالية جداً خلال لحظات، وتعمل على إنشاء حوارات جماعية تضم أعداداً كبيرة من المشاركين، كما أن هذه الوسائل تعطي القوة لأي فرد من الجمهور ليصبح وسيلة إعلامية مستقلة.وتزايد الإقبال على هذه الوسائل وتنوع أدواتها سيزيد من سلبياتها التي لا سبيل في تجنبها والتغلب عليها إلا في حال تكثيف التعليم وحملات التوعية.وفي العالم العربي ما زال جهد التعليم والتوعية الإيجابية عن الشبكات الاجتماعية محدوداً جداً، مقارنة بالغرب للأسف، حيث نعمل على استهلاك التكنولوجيا لا المساهمة في تطورها، كما أن شركاتنا الناشئة ليس لها دعم، ونسبة التعليم والقراءة محدودة، أضف لذلك أن سوقنا الإعلانية صغيرة جداً مقارنة بالغرب، وهذا يمنع نجاح معظم مشاريع الإعلام الرقمي.إن التطور الذي تشهده صناعة الإعلام ككل ستنتج عن اندماج الإعلام المهني ووسائل التواصل الاجتماعي تدريجياً، بحيث يستفيد كل منهما من قوة الآخر وميزاته، ليبقى الرابح هو الجمهور.

مشاركة :