يعد البيت الفني للمسرح واحدا من أجهزة الدولة المنوطة بتجديد الخطاب الديني؛ حيث إنه يمتلك قوة ناعمة من خلال العروض المسرحية التي يقدمها؛ وقد زادت أهمية السعي لتجديد الخطاب الديني في الأونة الأخيرة بعد تكرار عدد من أعمال العنف التي تشنها الجماعات الإرهابية باسم الدين سواء في مصر أو في العالم أجمع وذلك عقب اندلاع ما يسمى بثورات الربيع العربي.
وضع البيت الفني للمسرح خطة للمساهمة في هذه المبادرة من خلال عدد من العروض التي تناقش قضايا مثل الإرهاب والتنوير من خلال حبكات درامية تكشف مساوئ الخطاب الديني التقليدي الذي أدى إلى انتشار الإرهاب والتطرف في المجتمع؛ وتلك المعالجات الدرامية فتحت تساؤلات عدة حول مدى تأثيرها على المتلقي هل سيستقبلها بمحمل إيجابي أم سلبي؛ وهل تناول مثل هذه القضايا بشكل مباشر وسطحي في إعمال مسرحية سيمكنها من ترك أثر عميق في نفس المتلقي أم سيأخذ منها "إفيهاتها" وفقط؛ وهل إذا كانت معالجتها بشكل معقد وعميق يقلل من انتشارها واقتصارها فقط على طبقة مثقفة معينة من طبقات الشعب؛ كثرة هذه التساؤلات قد تحيل البعض للظن بأنه لا توجد خطة دقيقة لدى البيت الفني تجاه جمهوره؛ لذا تستعرض "البوابة" عددا من العروض التي قدمها البيت الفني مؤخرا وتماست مع هذه القضايا بالتحديد؛ لكنها اختلفت طرق معالجتها؛ وبالتالي اختلفت في طرق التلقي ومدى الاهتمام وتحقيق رسالتها...
مسرحية "المحاكمة"
يحاول المسرح أن يظل بابا للتنوير خاصة فى الفترات الحالية، فنلاحظ أن معظم الأعمال المسرحية سواء كانت داخل مؤسسات الدولة أو مسرح مستقل أو مسرح جامعات، تعيد النظر فى فترات الحكم التى مرت على مصر؛ بداية من الحديث عن عرض "المحاكمة" الذى يقدم للمرة الثانية، حيث عرض للمرة الأولى فى مسرح ميامى وكان من بطولة أشرف عبد الغفور
آحمد فؤاد سليم، والأن يقدم على مسرح الطليعة بالعتبة مع الفنان أشرف عبدالغفور وحمادة شوشة، الذى قد يخاطب شريحة ما بسبب طبيعة الأحداث التى كتبها مؤلفى النص "جيروم لورانس / روبرت إي لي" مأخوذة عن حادثة حقيقية لمدرس قرأ فصلا من كتاب "أصل الأنواع" لدارون على تلاميذه، فتم فصله وإحالته للمحاكمة، ولكن المخرج طارقا لدويرى قدم فى تلك المحاكمة الفصائل المتعددة فى الساحة الساسية والثقافية، ويدعو العرض إلى فهم الدين على نحو صحيح وطرح الأسئلة حوله، ويمزج العرض بين المتعة الفكرية والبصرية..
مسرحية "بس أنت مش شامم"
ونجد عرض " بس أنت مش شامم" يخاطب شريحة أوسع من عرض المحاكمة، العرض من بطولة فتحى عبدالوهاب ومحمد عادل ومن إخراج عبير لطفى،و أعتمد على الضحك والكوميديا وأن كانت سوداء بعض الشئ، ولكن اتسم بالمباشرة والوضوح فى تقديم فكرته التى تدور حول حال مصر فى 3 حقب زمنية مختلفة وهى أواخر السبعينيات، وفترة التسعينيات، والفترة الحالية، ليوضح تكوين المواطن المصرى المختلف فى كل فترة، والذى كان تواجد التيار الدينى المتشدد أحد أركان العمل المسرحى.
مسرحية "واحد تاني"
وعرض "واحد تانى" للمخرج شادى سرور، الذى تدور أحداثة فى مستشفى المجانين الذى يذهب لها الكاتب الذى يقوم بدوره الفنان أحمد صيام على أنها فندق يستطيع داخله أن يمارس عمله ككاتب، وتحدث جريمة قتل وتظهر التيارات المختلفة فى المجتمع من إسلام سياسى وشرطة وأيضًا مشجعى كرة القدم المتعصبين، ليخلق حالة من القلق بشكل كوميدى حول المجتمع وتياراته الفكرية المختلفة.
والعديد من الأعمال المسرحية التى تعيد النظر فى مفهوم الخطاب الدينى من خلال شخصيات وأحداث العمل، لكى تبدأ فى استقبال مفهوم للدين بعيدا عن طبيعته المتشددة كما كانت من قبل.
مشاركة :