«العثماني» وفرص تشكيل الحكومة المغربية

  • 3/24/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

استمعد. إدريس لكريني تصدّر حزب «العدالة والتنمية» الانتخابات التشريعية المغربية الخاصة بمجلس النواب بتاريخ 7 سبتمبر/‏أيلول 2016 بعد فوزه ب125 مقعداً من أصل 395،ولذلك قام الملك محمد السادس بتاريخ 10 أكتوبر/‏تشرين الأول 2016، بتكليف عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية تشكيل الحكومة الجديدة.ورغم المفاوضات الماراثونية التي باشرها هذا الأخير مع عدد من قادة الأحزاب السياسية؛ فإنه لم ينجح في تشكيل تحالف حكومي يسمح بتجاوز حالة الانتظار التي طالت نحو خمسة أشهر.أمام طول مدّة المفاوضات والمشاورات؛ كان الرهان على الخروج بتشكيلة حكومية منسجمة في مستوى التحديات؛ كسبيل لتجاوز الهشاشة التي ميّزت التجربة الحكومية السابقة بعد خروج حزب الاستقلال منها؛ وبروز ارتباك على مستوى تحمّل المسؤولية الحكومية الجماعية بصدد حصيلتها النهائية. غير أن استمرار تباين مواقف عدد من الأطراف المعنية بهذه المشاورات؛ خلق أجواء من التباعد في المواقف، اقتنعت معها مختلف القوى السياسية أن الأمر وصل إلى الباب المسدود؛ وأنه لم يعد هناك مجال للانتظار مرة أخرى؛ بعد أن استنفدت محاولات رئيس الحكومة المعيّن الذي قاد هذه المفاوضات. وانسجاماً مع المقتضيات الدستورية؛ قام الملك محمد السادس بإعفاء بنكيران؛ وعيّن محلّه الدكتور سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية.ويعكس التعيين الجديد الذي سبقته مجموعة من الإشارات الملكية الداعية إلى التسريع بتشكيل التحالف الحكومي؛ وهو ما يجسّد الرغبة الملكية في البحث عن خيار بأقل تكلفة من بين خيارات أخرى كانت مطروحة لتجاوز هذه الوضعية. وبغضّ النظر عن العوامل المسؤولة عن عدم التوصل إلى توافق بين الأطراف المعنية بهذه المشاورات في هذا الخصوص، يمكن القول إن هناك مجموعة من المعطيات والمؤشرات التي تحيل إلى أن مهمة رئيس الحكومة الجديد ستكون أقل صعوبة. فالعثماني الذي واكب المفاوضات التي أجراها سابقه، ووقف على صعوباتها ؛ معروف بانفتاحه، وخبرته السياسية التي تعزّزت تحت محكّ العمل الحزبي، والبرلماني، والحكومي؛ وكذا ميوله التوافقية؛ بما جعله يحظى باحترام داخل مختلف الأطياف الحزبية، كما أن التوجه الملكي الأخير الذي سعى من خلاله إلى الموازنة بين احترام مقتضيات الدستور وإرادة المواطن من جهة؛ مع الحرص على استمرار سير المؤسسات وتجاوز حالة الجمود الذي طال أكثر من اللازم؛ يعكس الرغبة في الإسراع بتجاوز هذه الوضعية باستحضار المشترك وتحديات المرحلة بكل أبعادها، ويبدو أن الأحزاب المعنية بهذه المفاوضات ستستحضر هذا الأمر بالنظر لتكلفة الخيارات الأخرى سياسياً ومالياً؛ وخصوصاً ما تعلق منها بإمكانية إعادة الانتخابات التشريعية في حال فشل العثماني في مهمته. كما أن هذه الأخير أكد في أعقاب اجتماع الأمانة العامة لحزبه المنعقد قبل أيام، أنه سيفتح مشاوراته المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة مع جميع الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب تباعاً، حسب النتائج المحصلة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، ولم يستثن في ذلك أي حزب، وهو ما يحيل إلى إمكانية تجاوز بعض الإشكالات التي رافقت المفاوضات السابقة في علاقتها بفتح الحوار مع حزبي «الأصالة والمعاصرة»، و«الاتحاد الاشتراكي» في هذا الخصوص. وتشير أجواء المشاورات الأولية التي انطلقت قبل أيام، إلى أن مجمل الأحزاب المعنية بها؛ غيرّت إلى حدّ ما من خطاباتها، وعبرت عن مرونة واضحة في هذا الخصوص؛ فحزب العدالة والتنمية لم يضع شروطاً مسبقة أمام هذه المفاوضات؛ والأمرنفسه بالنسبة لحزب «التجمع الوطني للأحرار». فيما حرص الرئيس المعين على استقبال مختلف الأحزاب التي رحبت بهذا التعيين، وعبرت عن مواقف تبرز اقتناع الجميع بأهمية الإسراع في تجاوز الإشكالات المطروحة، والتأكيد على التواصل المستمر؛ بما يحيل إلى إمكانية تشكيل الحكومة في أقرب الآجال؛ التي غالباً ما ستضم الأحزاب التي حظيت بالمشاركة في التجربة الحكومية السابقة (حزب الاستقلال؛ وحزب الأحرار؛ وحزب التقدم والاشتراكية؛ وحزب الحركة الشعبية)، إضافة إلى حزب الاتحاد الدستوري.لا تعني هذه المعطيات أن مهمّة «العثماني» ستكون سهلة بكل تأكيد؛ ولكن طبيعة المرحلة؛ وحجم الإشكالات المطروحة داخليا في علاقتها بالملفات الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية؛ وكذا الخارجية في ارتباطها بتطورات قضية الصحراء المغربية؛ والتوجهات الجديدة للسياسة الخارجية في محيطها الدولي بشكل عام والإفريقي على وجه الخصوص، كلها عوامل تقتضي استثمار هذا التأخّر في بناء حكومة منسجمة وقوية. وهو ما يسائل رئيس الحكومة المعين والأحزاب السياسية المعنية بهذا الأمر؛ بما يتطلبه ذلك من استحضار المصالح العليا للوطن والمواطن، في مقابل تجاوز التركيز على الحسابات الحزبية الضيقة. drisslagrini@yahoo.fr

مشاركة :