بعد عام من جدل واسع حول منع النقاب في جامعة مصرية، ظهرت مطالبات بمنع مماثل للسروال الممزق الذي ترتديه طالبات بالجامعات بشكل لافت، وسط تباين في الآراء بين مؤيد ومعارض. وبرزت تلك المطالبات بكثافة، مؤخراً، في صورة جدل بمؤسسات رسمية ووسائل الإعلام المحلية والتواصل الاجتماعي بين أكاديميين وبرلمانيين، ومعنيّين بالقضية، اعتبر بعضهم هذا الزي "غير لائق بالتقاليد المصرية"، وقارن بين السماح بوجوده وحظر ارتداء النقاب على عضوات هيئة التدريس بجامعة القاهرة، الذي دخل حيز التنفيذ العام الماضي. بين التقاليد والحريات آية النجدي، طالبة بالفرقة الرابعة في كلية الآداب بجامعة القاهرة (حكومية)، رغم رفضها السراويل الممزقة، وعدم رغبتها في ارتدائها يوماً، فإنها ترفض تماماً أن يُصدر قانون أو أمر جامعي بمنعه، قائلة إن "المنع يؤدي إلى مزيد من التضييق على الحريات". وتتعجب آية من حديث برلماني حول منع "البنطلون المقطع" كما يُطلق عليه في مصر، مشيرة إلى أنه "أولى بنواب البرلمان أن يدافعوا عن حق المنتقبات في العمل بالجامعة، لا أن يسعوا إلى اتباع منهج التضييق على الحريات الشخصية". وتضيف آية أن المشكلات التي تواجه الطلاب أولى أن يتم الالتفاف عليها دون أمر الملابس. وتشير إلى أن المشكلات التي يواجهها الطلاب، يتمثل بعضها في نظامٍ تعليمي وصفته بـ"الفاشل"، إلى جانب أنظمة تدريس بيروقراطية، لا تخضع لأي نوع من أنواع الرقابة. في المقابل، تؤيد زميلتها بالكلية نفسها، "أ.م" -متحفظةً على ذكر اسمها لأسباب شخصية- الدعوات البرلمانية الصادرة بشأن منع "البنطلون المقطع" داخل الحرم الجامعي، معللة ذلك بأن ارتداءه "مؤذٍ للعين". بينما يسخر أحمد خير الدين، وهو صحفي ومذيع مصري شاب، من الأمر عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قائلاً إن "الأمر يصلح مشهداً في مسرحية ساخرة، أن البرلمان وجامعة القاهرة والإعلام يناقشون البنطلونات المقطعة، بينما تعاني البلاد فيروساً غامضاً أصاب عائلات كاملة". وكانت وزارة الصحة المصرية أعلنت قبل أيام الاستعانة بخبراء منظمة الصحة العالمية لحل لغز وفاة 3 أطفال إثر أعراض مشابهة للنزلات المعوية الحادة تسبب فيها فيروس غامض أصاب 7 أشخاص آخرين من عائلة واحدة شمال العاصمة قبل أن تعلن الخميس الماضي عدم وجود فيروسات غامضة بعد التأكد من "سلبية" جميع التحاليل.مطالبات برلمانية بالمنع والفترة الأخيرة، شهدت مصر مطالبات برلمانية بارزة بمنع السروال الممزق، وفق تقارير محلية. وطالبت منى عبد العاطي، عضو لجنة التعليم بالبرلمان المصري، في تصريحات صحفية، بمنع عدد من الملابس داخل الجامعة؛ من ضمنها "البنطلون المقطع"، مشددةً على أهمية إقرار زيٍّ موحد لطلاب الجامعات لمنع ما وصفته بـ"الانفلات". واتفق معها أيضاً عبد الكريم زكريا، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، في تصريحات صحفية منفصلة مؤخراً، مؤكداً عزمه التقدم بمشروع قانون يلزم الجامعات والمدارس بتحديد زي موحد لارتدائه؛ لمواجهة ظاهرة الملابس غير اللائقة، خاصة بالجامعات، ومنها "البنطلون المقطع". أما آمنة نصير، العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر (حكومية)، وعضو البرلمان المصري، فقالت إنها إذا رأت طالبة داخل محاضراتها تلبس هذا البنطلون "المقطع (الممزق)" فستطالب بخروجها؛ لأن علم العقيدة والفلسفة (الذي تقوم بتدريسه) له وقاره. واعتبرت الأكاديمية والبرلمانية المصرية، هذا الزي الذي عرفته الفترة الأخيرة بشكل لافت في أوساط الفتيات، لا سيما بالجامعات، "تقليداً أعمى، وجذوره أوروبية، ومنظر قبيح وخالٍ من الجمال، ولا يحترم الجسد الإنساني"، على حد تعبيرها. ولمواجهة هذه الظاهرة محل الجدل الأخير بمصر، أضافت أن "الفتيات بحاجة إلى توجيه تربوي أخلاقي إنساني، باعتبار أن هذا المظهر ليس من شرعنا أو ثقافتنا". وعلى مسافة بعيدة من إقرار قانون أو قرار حكومي في الجامعات بحظر البنطال الممزق، تابعت البرلمانية المصرية أن "الحرم الجامعي له آدابه وأصوله، ولست مع إقرار قانون أو قرار، ولكني مع التوجيه التربوي من قِبل أساتذة الجامعات". قرار بين الدراسة والرفض وفي رد من خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي المصري، عن مطالبات بمنع "البنطلون المقطع"، قال إنه "لابد من الالتزام بقدسية الجامعة وارتداء الزي المناسب لها"، وفق تصريحات صحفية عقب انتهاء اجتماع المجلس الأعلى للجامعات، السبت الماضي. وأضاف الوزير بحسب التصريحات ذاتها، أنه "إذا كان هناك طلب رسمي من مجلس النواب فسيتم دراسته والتوصل لقرار حوله، لكن لن يتم دراسته دون أن يصل الأمر إلى الوزارة بشكل رسمي". فيما نفى جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، وجود "البنطلون المقطع" داخل الحرم الجامعي، قائلاً: "لا يوجد لدينا بناطيل مقطَّعة في الجامعة، والطالبات لا يلبسن مثل هذه الملابس"، وفق تصريحات صحفية، الإثنين الماضي. وفى التصريحات ذاتها، أضاف نصار أن الجامعة لا تتدخل فى الحرية الشخصية للطلاب، وأن تغيير السلوك يجب أن يكون من خلال القوانين والتشريعات. إلا أنه تابع: "الجامعة منعت ارتداء النقاب لعضوات هيئة التدريس داخل المحاضرات، وستمنع ارتداء عضوات التدريس ما يسمى البناطيل المقطعة، إذا حدث ذلك". وكانت جامعة القاهرة قد أقرت في أكتوبر/تشرين الأول 2015 حظر إلقاء عضوات هيئة التدريس بالجامعة، محاضرات وهنّ منتقبات، وأيدت محكمة مصرية القرار في يناير/كانون الثاني 2016. والمجتمع المصري يعرف بتمسُّكه بعادته وقيمه وتقاليده في الغالب، وأحياناً كثيرة ما يبرز ميوله إلى هذا في رفض المساس بالدين وشعائره.
مشاركة :