حوار: فهيد العديم 2017/03/23 r خالد أكاديمي، وشاعر، وكاتب، ومحاور، لن أسأل عن «البخت» ولا عن هذه «الصنايع»، لكن أياً منها تجد فيه «خالد» بوضوح؟ - أنا حيث أكون متصالحاً مع نفسي! r صورة الأستاذ الجامعي في الذاكرة الجمعية متعال ومتجهم و«متفاصح» أيضاً، هل حاول الدكتور خالد أن يخرج من هذا القالب؟ - ما زلتُ في أول الطريق.. لكنني جعلتُ نصبَ عيني صورة غازي القصيبي حين كان أستاذاً جامعياً. وعلى من يريد تمثّلَ هذه الصورة العودة إلى كتابه: «حياة في الإدارة»، أو إلى شخصية «محارب الخيزراني» في رواية الشميسي لتركي الحمد. r المتابع يعرف سعة أفقك تجاه الشعر، لكنك لا تبتعد كثيراً بصفتك شاعراً عن محور «الأدب الإسلامي»، أليس ثمة تناقض؟ - أنا باحثٌ باختصار.. ولستُ شاعراً باختصار أيضاً.. وكتبتُ في نقد الأدب الإسلامي– من خلال صحيفة الجزيرة - ما أغضبَ بعض أساتذتي؛ لذلك لا يبدو لي هذا السؤال دقيقاً. r يكتب «المطوّع» قصيدته مستسلماً لقمع الواعظ، فيخرج نصه على هيئة خطبة موزونة، أي النقاد الذاتيين تود التخلص منه أثناء الكتابة؟ - أستطيع التفاهمَ مع الرقيب الداخلي/ الذاتي.. مشكلتنا جميعاً مع الرقيب الخارجي، الذي لا يسمع ولا يرى، ويصرّ على أن يكون (الشاهد) و(الشهادة)! r الملاحق الأدبية في الصحافة، ماذا ينقصها لتكون أدبية بالفعل؟ - الخروج من ضيق الأدب إلى سعة الثقافة.. والاعتماد على (خدّام) الثقافة لا على (مستخدميها)! r في المهرجانات الثقافية تدور الندوات بين «أداء واجب، ومزارق طيب» سواء في العناوين أو الدعوات، أين يكمن الخلل، في القائمين عليها أم في الأنظمة؟ - في المؤطِّر والإطار ومن تأطّر به اختياراً أو اضطراراً، وسنستمر معاً في تلمّس وجوه الخلل حتى نبلغ (المكتب الفسيح)! r الآن في عصر «أدب السوشيال ميديا» الذي يتطلب الاختصار والومضة، ألا ترى أنكم تكتبون قصائد لقارئ لم يعد موجوداً وتؤذنون في مالطا؟ - الشاعر المتألق فوق هذه الحدود التي يضعها الراصد.. جاسم الصحيّح - على سبيل المثال - شاعرٌ قبل مواقع التواصل الاجتماعي وشاعر بعدها.. وإن استمر فسيكون شاعراً مقروءاً ومسموعاً في مرحلة ما بعد البعد أيضاً! r الشعراء يتبعهم الغاوون، أنتم الشعراء من تتبعون؟ - أنا الغاوون! r كيف توازن بين صرامة الأكاديمي وشغب الشعر؟ - لكل مقام مقال.. r (الرقابة) أكثر كلمة يردّدها الإعلاميون بتذمّر، لو ضمنت لك رفع السقف ما الجملة التي ستصرخ بها؟ - نحن أمة تحنّ إلى الموتى حتى لو كانوا من أعدائها.. سنصرخ وقتها: «أين الرقابة؟ أين الرقابة؟» وسترى! r ملامح تصطحبها معك صباحاً كتعويذة ليومك؟ - تمشي الهوينى وخيلُ الله تحرسُها وشَعْرُها خلفَها يطوي المسافاتِ في عينِها حورٌ دانتْ له لغتي وأسلمتْ عنده أعتى حكاياتي! r تكتب مقالًا طويلاً كليل امرئ القيس، هل تعتقد أن القرّاء سيقرؤون مقالاً طويلاً؟ - لكل مقالة قارئ افتراضي قد يكون واحداً.. فإذا قرأ هذا الواحد فكلّ الناس قد قرؤوا! r هل المبدع قلق لأنه يبحث عن الأفضل، أم أنه قلق بالفطرة ويهرب للكتابة طلباً للشفاء؟ - كأنني سمعتُ مبدعاً يقول: أنا بين مثالٍ لا يطاوعني، وواقع لا أطاوعه.. فما ظنّك براحلٍ لا ينتهي؟ r هل ترى إمكانية تحويل المناهج الدراسية إلى مناهج مشوّقة بلغة رشيقة جاذبة؟ - نعم، لكن لن نطير إلى مثل هذه الجزيرة إلا بجناحين: الإرادة الصادقة، والإدارة الواعية.. r لو مُنحت صلاحية وزير تعليم ما أول قرار ستتخذه؟ - صياغة رؤية جديدة للتعليم، يشارك فيها كل معلم، ويعيها جيداً كل مواطن، وتعمل من أجلها كل الجهات! r وأول قرار تلغيه؟ - كلّ القرارات السابقة التي تتعارض مع هذه الرؤية.. r برأيك ماذا ينقص جامعاتنا لتلحق بركب الجامعات المتقدمة؟ - أن تعي جيداً أنها جامعات، وأنّ مدارها على البحث العلمي، الذي يجيب عن سؤال ملحّ لم نجب عنه بعد، أو لم نجب عنه بما يكفي! وبالمناسبة: لن تجد في دفاتر التاريخ جامعة واحدة استطاعت أن تحقق معناها وهي في حقل (الصدى)! r شخصية عندما تتذكرها تردد: (وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر)؟ - ابن باز وغازي القصيبي - رحمهما الله-.. إذ لو كانا على قيد الحياة لما انفلت (المشهد) من جانبيه! باختصار: النماذج كالأنجم يُهتدى بها! r ألا ترى أن أغلب الكتّاب تنازلوا عن بعض قناعاتهم ليكسبوا الجمهور الذي بالنهاية هو من سيفرضهم على الإعلام؟ - (الأغلب) تحتاج إلى قراءة.. لكن باختصار: ثمة كتّاب يمارسون كل شيء إلا الكتابة! r فكرة تراودك منذ زمن ولم تستطع الكتابة عنها؟ - كل فكرة لا أستطيع أن أقول فيها إلا نصف الحقيقة! r لمن تقول: أعطني حريتي؟ - لكلّ من يحاول تقييدها.. باسم الدين أو السياسة أو المجتمع! r لو لم يكن مشجب الصحوة موجوداً، أي مشجب سنعلّق عليه تأخر ركبنا؟ - الصحوة بعض تاريخنا، ولا حصانة لها! وأما لعبة المشاجب فستظلّ (حاضرة) ما دمنا (غائبين)! r كشاعر ما القمّة التي تقول لها سأصلك قريباً؟ - لا تطرح هذا السؤال إلا على شاعر شاعر! وذكّر الأشباه بقول أبي القاسم الشابي: «يعش أبد الدهر بين الحفر»! r بين المقالة والقصيدة والنقد، عمّ تبحث؟ - عن إجابة لسؤال.. تفتح البابَ لسؤال جديد! r يتحدث كثير من المبدعين عن الطقوس، أنت ما الذي يلزمك لتنجز نصاً؟ - أن أتخلّص من وهم الطقوس! r العالمية تمر عبر ماذا؟ - الوعي بالذات. r لو كانت المدن قصائد، على أي بحر ستكون مدينة الرياض؟ - على بحر الرمل.. r ولو كان هذا العالم ديوان شعر، أين ستكون قصيدتك؟ - في النهر الذي يفصل بين عذاباتِ ماضٍ وخوفِ غدٍ! r ما الذي فقدته في طفولتك وتستمتع بالبحث عنه في متاهات الأدب؟ - العالَم الذي يستجيب لذوق فرد! r ماذا يريد المثقف من الإعلام، غير (البرستيج) بالطبع؟ - لكلّ غايته، وأما أنا فلا أرى في الإعلام إلا وسائل متعدّدة مهيّأة لإيصال رسالة ما! r في طفولتك، من أشعل فيك جذوة الشعر؟ - كل شاعر كان يملك موهبة الإلقاء! r ماذا يفعل المبدع عندما تموت قضيته؟ - يصرخ.. r على بعد بضع خطوات من السؤال الأخير، ما الذي تفكر به الآن تحديداً؟ - في المبدعين الذين ماتت قضاياهم، في الذين يصرخون اليوم! r خذ قلماً واكتب قصيدتك الأخيرة.. فيمن ستكتبها؟ - في الذي اكتشفنا بعد موته أننا (الورث) لا (الورثة)! r لو طلبت منك أن تصف مجتمعنا بجملة واحدة ماذا ستقول؟ - مجتمع ظالم مظلوم! r بصدق، هل تخشى أن تواجه سؤالاً يضطرك لقول الحقيقة التي تتحاشى قولها؟ - لا؛ لأنّ بيني وبينها خشية السائل.. أنت واهمٌ حين تظنّ أن مشكلتنا فقط في عدم قدرتنا على الإجابة! r دعني أختبر لياقتك الإعلامية وأطلب منك أن تضع مانشيتاً لهذا الحوار؟ - اختبرني دون أن تخبرني.. بيني وبين مفردة (اختبار) ذاكرة سوداء! r مما سبق ما السؤال الذي توجست منه؟ - هذا السؤال.. r سأترك لك تلويحة ما قبل الختام: - هو شكر صادق لك أستاذ فهيد، ولليمامة وفريقها الجميل. r وأخيراً: ماذا تقول لهؤلاء: r الكاتب محمد الهويمل: - لا تكن كالتي نقضت غزلها من بعد قوة! r الشاعر جاسم الصحيح: أسْلمتَ حرفَكَ للعذابِ وحُسْنِهِ فاكتبْ فأنتَ العاقلُ المجنونُ! r الناقد سعيد السريحي: اسمك المجرّد من (الدال) أخطر من اسمك المتدثّر بها، فكن الشهادة الأصدق على مرحلة لا تُرى أطرافُها!
مشاركة :