الفاتيكان - يستقبل البابا فرنسيس أول حبر أعظم متحدر من أميركا اللاتينية الجمعة القادة الأوروبيين عشية الاحتفال بالذكرى الستين لتوقيع معاهدة روما المؤسسة للاتحاد الأوروبي، بينما يمر التكتل بأزمة وجودية وضعت وحدته على المحك. وغالبا ما يتطرق البابا إلى خطر تصاعد الأحزاب الشعبوية المناهضة للهجرة. وسيستقبل الجمعة الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرنسوا هولاند الذي اهتز موقعه وتتدهورت شعبيته، والمستشارة الألمانية المسيحية - الديمقراطية المهددة في الانتخابات بسبب سياستها لاستقبال المهاجرين. وسيكون مقعد رئيسة الوزراء البريطانية شاغرا بعد أن صوتت بلادها لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. وأمام السفراء الأجانب لدى الكرسي الرسولي شدد البابا في يناير/كانون الثاني على أن الاتحاد الأوروبي لا يزال "فرصة فريدة للاستقرار والسلام والتضامن بين الشعوب". وكان الاتحاد الأوروبي منح في مايو/ايار 2016 البابا جائزة شارلوماني التي تكرم الشخصيات المميزة الداعمة للوحدة الأوروبية. وكان البابا حث القادة الأوروبيين الذين اجتمعوا في الفاتيكان على العودة إلى جذور المشروع الأوروبي. وقال حينها "لم تصبح مشاريع الآباء المؤسسين من الماضي فهي اليوم مصدر وحي أكثر من أي وقت مضى لبناء جسور وإسقاط الجدران. أحلم بأوروبا لا تعتبر فيها الهجرة جريمة". وخفف البابا من تصريحاته الداعية لفتح أبواب أوروبا للمهاجرين وانتقدها كاثوليك أوروبيون بشدة. ولدى عودته الخريف الماضي من زيارة للسويد المعروفة باستقبالها المهاجرين، أقر بأنه من حق الحكومات أن تدرس بدقة قدراتها على الاستقبال لدمج هؤلاء الأجانب بصورة جيدة. وبات يذكّر أيضا بواجب المهاجرين على "احترام قوانين وثقافة وتقاليد" الدول المضيفة. لكن بالنسبة للبابا وهو ابن مهاجرين، فإن "الهوية الأوروبية كانت ولا تزال هوية دينامية متعددة الثقافات" قادرة على استيعاب "أكثر الثقافات تنوعا". والعام الماضي دعا القادة الأوروبيين إلى أن "يتجرؤوا" لإحداث تغيير جذري للنموذج الاقتصادي بحيث لا يكون مخصصا لـ"عدد محدود" من الأشخاص معربا عن قلقه خصوصا من هجرة الشباب إلى الخارج. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2014 خلال زيارة لستراسبورغ مقر البرلمان والمجلس الأوروبيين أكد البابا أنه "يبدو أن الأفكار الكبرى التي أوحت أوروبا في الماضي لم تعد تثير اهتماما وحلت مكانها البيروقراطية". وفي خضم ذلك يطرح سؤول بقوة: هل سيحث البابا الجمعة مجددا القادة الأوروبيين على الحفاظ على وحدة أوروبا؟. ولطالما شجع الفاتيكان والباباوات المثال الأوروبي لكنهم انتقدوا في المقابل العلمانية التي تنسي في رأيهم "الجذور المسيحية" لأوروبا. وخلال جلسته العامة الأولى في ساحة القديس بطرس في أبريل/نيسان 2005 شدد البابا بنديكتوس السادس عشر على الجذور المسيحية لأوروبا "التي لا يمكن التخلي عنها". وفي العام 2004 في عهد البابا يوحنا بولس الثاني "أسف" الفاتيكان لعدم ذكر "الجذور المسيحية" التاريخية للاتحاد الأوروبي في الدستور الأوروبي الجديد. وكانت سبع دول من الاتحاد الأوروبي طلبت عبثا إدراج فقرة عن الجذور المسيحية لأوروبا في المسودة. وسيلتقي القادة السبت في القاعة نفسها في روما التي وقعت فيها معاهدة روما في 1957. وهذا الأسبوع قال المسؤول الثاني في الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين في حديث لصحيفة لا ستامبا الايطالية إنه في حينها "كانت الدول الست الموقعة عليها ترى في الإرث المسيحي المشترك أحد العناصر الرئيسية لبناء المجموعة الأوروبية الاقتصادية".
مشاركة :