«خارج اللعبة».. الإنسان لعبة يلهو بها المستغلون

  • 3/25/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة:محمد ولد محمد سالمتستعار لعبة الشطرنج في أحيان كثيرة للإشارة إلى درجة من الاستغلال والتحكم يجعل الأفراد أو المجتمع أو الدول مجرد بيادق بيد لاعب كبير يحركهم كيفما يشاء، ويسخرهم لمآربه الذاتية، وهذه الرمزية في لعبة الشطرنج هي ما سعت مسرحية «خارج اللعبة» التي عرضت مساء أمس الأول على خشبة مسرح معهد الشارقة للفنون المسرحية إلى استغلالها، وتوسيعها، والمسرحية من تأليف عبدالله صالح، وإخراج مرتضى جمعة لفرقة مسرح دبا الحصن، وهي تعرض خارج المسابقة، في مهرجان أيام الشارقة المسرحية في دورته السابعة والعشرين، وتعتبر أولى تجارب هذا المخرج الشاب في «الأيام»، وسبق لجمعة أن خاض عدة تجارب إخراجية في مهرجان دبي لمسرح الشباب.في عمق الخشبة نصبت منصة عالية يتدلى منها سُلّمان وعليهما أربعة أشخاص يتصارعون ثم ينتهي صراعهم بسقوط اثنين وتدحرجهما مع السلمين إلى الأسفل، حيث تغلق إضاءة المنصة، وتضاء طريق نزول الشخصين حتى ينتهيا إلى أرضية الخشبة، وأثناء ذلك يتناوبان على التذمر مما حل بهما من عقاب، وعلى التحسر على رميهما خارج اللعبة بعد هذا العناء، وعندما يستقران في الأسفل، يبدأان في جدال، يظهر منه أنهما بيدقان من بيادق لعبة الشطرنج، وأن أحدهما ينتمي إلى الفريق الفائز، والآخر ينتمي إلى الفريق الخاسر، ورغم تذمر بيدق الفريق الفائز من رمي اللاعب له خارج اللعبة، فإنه لايزال يستعلي على البيدق الآخر الذي ينتمي إلى الفريق المهزوم، ولايريد أن تربطه به أية رابطة، حتى وهما في ذلك الوضع المزري الذي تساويا فيه، أما بيدق الفريق المهزوم، فيعير رفيقه بأنه الآن أصبح شيئاً تافهاً لا قيمة له، وأن اللاعب الذي كان يستخدمه قد تخلى عنه ورماه بعيداً، كما ترمى أية قطعة بالية، وتلتحق بهما أيضاً فتاة من بيادق الفريق المهزوم، تصطف إلى جانب زميلها في الفريق.بعدها يتدحرج من الأعلى رجل يحمل علامة الفريق المنتصر، تتعرف إليه البيادق الثلاثة بسرعة فهو الوزير، ويستغربون كيف خرج من اللعبة، برغم منصبه الحساس، والمركزي في رقعة الشطرنج، ويحاول الوزير أن يمارس سلطته في ذلك المكان كما كان يمارسه داخل اللعبة، ويطالبهم بأن يحترموه، ويقدروه كما كان مقدراً داخل اللعبة، لكنهم يسخرون منه.أثناء الجدال والمشادة، يحدث إظلام وانفجار، وتتحول طبيعة الشخصيات، ويظهرون من دون علامات الشطرنج، فنكون أمام أشخاص يمثلون بشراً، ويكشفون خبث الوزير الذي كان يتلاعب بحياتهم، ويتخذهم مجرد قطع يلعب بها كما يشاء، ويسخرها لمصلحته الخاصة.في المسرحية إشارات إلى جوانب من الواقع الواقع العربي، حيث القمع والاستغلال في مناطق عدة، وحيث يتحول الإنسان إلى مجرد بيدق في يد لاعبين كبار، وقد اشتغل المخرج باجتهاد على عناصر السينوغرافيا، خاصة من خلال المنصة العليا التي تمثل رقعة الشطرنج، وفي نفس الوقت تمثل الطبقة العليا في المجتمع، وكل من خرج عليها يكون في الحضيض، لكنّ التحول من حالة البيادق إلى الطبيعة البشرية في منتصف العرض لم يكن مقنعاً، فما معنى أن يكون للبيادق تاريخ اجتماعي يمتلكون فيه أسرة وأرضاً ومتحفاً؟ فقد كان الأولى أن يظل الصراع داخل اللعبة، ومرتبطاً به، لأنها هي وحدها التي تبرر وجود بيادق، وكما قال دي سوسير؛ فإن المهم في لعبة الشطرنج أن لا تحيل على ما هو خارجها، ولا على تاريخها، بل على علاقات القطع داخلها، وقد أدخل ذلك التحول العرض في متاهة سردية طويلة، لم يكد يخرج منها، وأفقده وضوح الرؤية، ورغم محاولة الممثلين إثارة الحيوية في العرض، إلا أن نقص التجربة كان واضحاً على بعضهم، خاصة الممثلة.

مشاركة :