ناقش أعضاء منظمة التجارة العالمية خمسة مقترحات جديدة أو محسَّنة للمضي قدما في مفاوضات تجارة الخدمات، أربعة من هذه المقترحات تهدف إلى التأكد من أن إجراءات الترخيص المحلي لتجارة الخدمات والمعايير التقنية لتأسيس الخدمات لا تشكل حواجز غير ضرورية أمام التجارة، في حين يتصل اقتراح واحد بتأسيس اتفاقية لتيسير التجارة للخدمات، بمعنى البدء في العمل على وضع اللبنات الأساسية الأولى للاتفاقية.وناقش الأعضاء في أول اجتماع يعقده فريق عمل منبثق عن مجلس الخدمات منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قضايا تتعلق بالتجارة الإلكترونية، وخفض الحواجز وإلغاء العقبات أمام مورِّدي الخدمات الذين يسعون للوصول إلى الأسواق الأجنبية.وفي نهاية سلسلة من اجتماعات الفريق العامل المعني بالأنظمة المحلية التي بدأت في مقر المنظمة في جنيف في 14 آذار (مارس) الجاري واختتمت أمس، رحبت رئيسة الفريق، كاتارزينا ستيكز، "بولندا" بـ "العمل الجاد" و"المشاركة الكبيرة" التي أبدتها الدول الأعضاء في هذه الاجتماعات، وشجعت الوفود على تعميق المحادثات، بما في ذلك على المستوى غير الرسمي.وقدمت ثمانية أطراف "أستراليا، كولومبيا، الاتحاد الأوروبي، اليابان، كوريا الجنوبية، المكسيك، نيوزيلندا، وتايبيه الصينية" مقترحاً لزيادة شفافية التدابير التنظيمية التي تؤثر في التجارة في الخدمات. واقترحت تعزيز شفافية الأحكام التي تدعو أعضاء منظمة التجارة إلى إتاحة المعلومات والبيانات التجارية والمالية والاقتصادية لمقدمي الخدمات. كما دعت الدول الأعضاء إلى نشر مسودة لوائحها التنظيمية المتعلقة بتجارة الخدمات على شبكة الإنترنت بغية السماح للأطراف المعنية بالتعليق عليها. وهنا، أكدت بعض البلدان النامية محدودية مواردها لنشر المعلومات وإقامة نظام للرد على التعليقات.وتم تقديم اقتراحين — واحد من أستراليا، وكندا، وكولومبيا، والاتحاد الأوروبي، واليابان، والمكسيك، والآخر طرحته هونج كونج "الصين"، وشيلي، وسويسرا، ونيوزيلندا – يتعلقان بسؤال: كيف يُمكن لأعضاء منظمة التجارة أن يطوروا تدابيرها التنظيمية، وضمان أن تكون معقولة ونزيهة، وتستند إلى معايير موضوعية وشفافة؟ واختلف الأعضاء حول ما إذا كان من الضروري إجراء اختبار يضمن ألا تكون تلك التدابير مرهقة أكثر من اللازم، وما إذا ينبغي أن يتم في المستقبل إدراج هذه الضوابط في الأنظمة المحلية. وقالت عدة وفود "إنه من غير الواقعي السعي إلى الحصول على توافق في الآراء بشأن هذه المسألة".وتعلق اقتراح آخر حول ماهية الخطوات التي ينبغي لأعضاء المنظمة اتباعها للحصول على الأذونات الرسمية لعمل موردي الخدمات "تم تقديمه من قِبل عشرة أعضاء: أستراليا، وشيلي، وكولومبيا، والاتحاد الأوروبي، واليابان، والمكسيك، والنرويج، وبيرو، وكوريا الجنوبية، وتايبيه الصينية". وكرر بعض الأعضاء قلقه بشأن اقتراح يقضي أن تكون هناك "نافذة واحدة" لتبسيط إصدار التراخيص لشركات الخدمات، على غرار "النافذة الواحدة" في اتفاق تيسير التجارة في البضائع عن طريق تبسيط الإجراءات الجمركية. وقالت الدول العشر "إنها ستكون سعيدة لمواصلة مناقشة موضوع "النافذة الواحدة" في تجارة الخدمات مستقبلاً".بدورها، قدمت الهند مسودة نص "اتفاق تيسير التجارة في الخدمات". واستند النص، الذي حصلت "الاقتصادية" على نسخة منه من الوفد التجاري الهندي، إلى تقارير سابقة كانت نيودلهي قد طرحتها للمناقشة في اجتماعات سابقة. وتتناول مسودة الاتفاقية المقترحة مجموعة أوسع من التدابير التنظيمية التي تؤثر في تجارة الخدمات في إطار اتفاقية منظمة التجارة العالمية "الاتفاق العام" للتجارة في الخدمات "جات". ويهدف النص إلى الحد من الاختناقات، وتبسيط الإجراءات لتسهيل التجارة في الخدمات، وإقامة توازن بين التزامات الدول أمام منظمة التجارة ومصالحها الوطنية، وتحديد فترة انتقالية للبلدان النامية قبل الامتثال للأحكام، و"تشجيع" أقل البلدان نمواً للقيام بذلك، دون إلزامها.ودعا عديد من البلدان النامية إلى أن تُكرِّر الاتفاقية المقترحة لتجارة الخدمات أحكام المعاملة الخاصة والتفضيلية للبلدان النامية الواردة في اتفاق تيسير التجارة للبضائع، التي دخلت حيز النفاذ في 27 شباط (فبراير) 2017. وطرحت المجموعة الإفريقية تساؤلات حول المزايا التي يقدمها الاقتراح للبلدان الإفريقية، وقالت "إنها تقوم بتحليل تأثير الاتفاق المقترح في تنازل البلدان الأقل نمواً عن قطاع الخدمات".وأعرب بعض أعضاء المنظمة، على رأسها الهند والفليبين وبنجلادش وسريلانكا، عن اهتمامه بمناقشة حركة الانتقال المؤقتة للمهنيين والعمال عبر الحدود "تعرف باسم الوضع 4، حسب مصطلحات منظمة التجارة"، أو بمعنى آخر تحرير حركة انتقال العمالة والمهنيين مثلما يتم تحرير تجارة السلع، وتقديم ضمانات اجتماعية كالتأمين الصحي، وحقوق التقاعد للعمالة المهاجرة. غير أن بعض الأعضاء تساءل عما إذا كان هذا ممكناً في ظل المناخ السياسي الحالي. وأعرب آخرون عن القلق حول قضايا الهجرة، بما في ذلك إدراجهم في الضمان الاجتماعي، وتيسير مسألة حصولهم على تأشيرات دخول متعددة، وعدم فرض رسوم عالية على تأشيرات الدخول. وأعرب بعض الأعضاء عن تحفظات حول الأحكام المتعلقة بتدفقات المعلومات عبر الحدود، وتيسير حركة المرضى وإمكانية حصولهم على التأمين.ومن أهم الشواغل التي أثارتها الدول الأعضاء، قالت كوريا الجنوبية "إن بعض التدابير التي تبنتها الصين ذات الصلة بالسياحة وخدمات التوزيع، تؤثر مباشرة في مورديها"، وقالت "إن هذه التدابير لا تتسق مع التزامات الصين أمام منظمة التجارة العالمية". وشككت الصين في وجود مثل هذه التدابير.وسجلت روسيا قلقاً يتعلق بتدبيرين سُنَّا أخيرا من قِبل أوكرانيا في مجال الخدمات المالية، قالت "إنهما يتعارضان مع اتفاقيات منظمة التجارة". وقالت أوكرانيا "إن التدبيرين متوافقان مع منظمة التجارة"، مؤكدة أنها ستعود إلى هذه المسألة مستقبلاً.وكررت روسيا أن التدابير المتعلقة بإصلاح نظام نقل الغاز في أوكرانيا يواصل انتهاك التزامات أوكرانيا بموجب الاتفاق العام بشأن عدم التمييز "مبدأ معاملة الدولة الأكثر رعاية". وأكدت أوكرانيا أن ما تتخذه من تدابير يمتثل مع التزاماتها إزاء منظمة التجارة العالمية.وناقش الأعضاء أربع أوراق تهدف إلى أحياء المفاوضات بشأن التجارة الإلكترونية تركزت على الوقف المؤقت للرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية والمطالبة بجعله وقفاً دائماً.وعادة ما تجدد الدول الأعضاء التزامها بعدم فرض رسوم جمركية على التجارة الإلكترونية في كل مؤتمر وزاري "يُعقد كل سنتين". وكان آخر تمديد للوزراء قد جرى في المؤتمر الوزاري في نيروبي في كانون الأول (ديسمبر) 2015.وناقش الأعضاء السماح بالتوقيعات الإلكترونية كوسيلة لتحديد الهوية الرقمية للمستخدمين، وقضايا تتعلق بالتوثيق الإلكتروني، وزيادة الشفافية في التجارة الإلكترونية، وتشجيع مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في التجارة في الخدمات.واتفق الأعضاء على عقد حلقة عمل بشأن الجوانب المتصلة بخدمات التجارة الإلكترونية، وحلقة دراسية بشأن الحواجز التي تعوق وصول موردي الخدمات إلى الأسواق الأجنبية من خلال "الوضع 4" من الاتفاق. وستُستأنف المناقشات بين أعضاء المنظمة حول تجارة الخدمات والتجارة الإلكترونية في حزيران (يونيو) المقبل.Image: category: عالميةAuthor: ماجد الجميل من جنيفpublication date: السبت, مارس 25, 2017 - 03:00
مشاركة :