عادل إمام ورسائله "من" الوالي بقلم: سعد القرش

  • 3/25/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

باستثناءات نادرة كان معظم الكتاب يسارعون إلى مديح الزعيمين، مبارك وعادل إمام، والأخير ذكيّ بقدر كاف يضمن له البقاء في صدارة المشهد العام بادعاء تبني أشواق الجماهير.العرب سعد القرش [نُشر في 2017/03/25، العدد: 10582، ص(15)] في منتصف التسعينات من القرن العشرين انتقدت ظاهرة عادل إمام في مقال. كانت مغامرة لزميلي عبدالخالق صبحي في صحيفة يتولى إصدارها كلما تيسرت الفلوس، وساعده على تلك الجرأة محدودية انتشار صحيفته التي لن تصل إلى يدي «الزعيم». في ذلك الوقت كان مسموحا بانتقاد رئيس الوزراء أما انتقاد عادل إمام ورئيس الجمهورية فمحظور ولا تقامر به صحف المعارضة. بعد سنوات كتبت في «العربي» الناصري مقالا عنوانه «عن وهم المونديال وأشياء أخرى»، في 7 ديسمبر2003، بعد أسبوعين من ترنح حسني مبارك وإصابته بإغماءة أثناء خطابه في مجلس الشعب، (19 نوفمبر)، وقلت «لنا أن نتصور أن الوعكة الصحية الطارئة التي ألمت بالرئيس (وفقا للصك الرسمي المصري) قد حدثت عام 2010، أثناء إقامة أربع مباريات أو قبيل بدئها. في مثل هذه الحالة ستنشغل الفضائيات عن مباريات ألغيت ببث مادة مسلية أشبه بملهاة لم تخطر على بال أوسع الكتاب خيالا!»، فاستدعاني مرسي عطاالله رئيس تحرير «الأهرام المسائي» المسخّرة لخدمة عائلة مبارك، وأنا ممنوع من الكتابة فيها، ومعاقب بالنقل إلى قسم الحوادث، وضرب المكتب بيده «معقول؟ عن الرئيس شخصيا؟». باستثناءات نادرة كان معظم الكتاب يسارعون إلى مديح «الزعيمين»، مبارك وعادل إمام، والأخير ذكيّ بقدر كاف يضمن له البقاء في صدارة المشهد العام بادعاء تبني أشواق الجماهير. ففي بداية ثورة 25 يناير2011 سخر من المتظاهرين، وقال إنهم «شوية عيال مضحوك عليهم»، وبعد عاصفة «جمعة الغضب» قرأ بذكاء اتجاه الريح وأدرك أن نهاية مبارك وشيكة فاتصل ببعض الفضائيات معلنا دعمه للثورة واعتذر ضاحكا عن عدم التوجه إلى ميدان التحرير؛ تفاديا لإصابته بضربة «شومة» على رأسه، وتناسى أنه قال «يا ريت جمال (مبارك) يرشح نفسه ويصبح رئيسا لمصر. نحتاج إلى شخص قوي». في عام 1994 عرض فيلم «الإرهابي»، وتحمّس للكتابة الإنشائية عنه حتّى الذين لا يربطهم اهتمام سابق أو لاحق بالنقد السينمائي، فكتب جابر عصفور مقالا عنوانه «في بيتنا إرهابي»، واصفا بطل الفيلم بأنه «ممثل نادر.. وليس سوى عادل إمام من يمتلك القدرة المذهلة على تجسيد هذا النموذج». وقالت حسن شاه «كان عادل إمام عالميا وهو يؤدي دوره». وكتب سمير فريد أن عادل إمام «أول ممثل يستحق أن يحصل على لقب فنان الشعب منذ يوسف وهبي وواجب الدولة أن تحميه وأن تقدره»، ورشحه «ليكون أول ممثل يفوز بجائزة الدولة التقديرية هذا العام»، وكانت أكبر جائزة مصرية آنذاك. إلا أن مقالا واحدا عنوانه «عادل إمام.. من هتاف الصامتين إلى شعارات الحكومة» دفعني للبحث عن كاتبه أحمد يوسف الذي صار صديقي. نشر أحمد يوسف مقاله في مجلة «اليسار» حين كان في مصر يسار قبل تماهيه مع السلطة، وتوقف المجلة الصادرة عن حزب «التجمع». وكنت قد قرأت تصريحا لصلاح أبوسيف يقول إن أحمد يوسف أهم ناقد سينمائي مصري، ونسيت أن أسأله في لقائي الوحيد به في فندق كوزموبوليتان العتيق ربما لأن اللقاء كان صباحا وأربك مواقيتي. وبصدور كتاب أحمد يوسف «سياسة عادل إمام.. رسائل من الوالي»، في سلسلة «كتاب الهلال»، يتاح للقارئ أن يرى، ربما للمرة الأولى بهذا العمق والشمول والموضوعية، السياق الكامل لظاهرة عادل إمام وعلاقته بالسلطة واعتبار أفلامه التي أهملها النقاد في البدايات «منبرا ماكرا تمارس الجماهير من فوقه نوعا من الديمقراطية الساذجة من خلال سخرية عادل إمام من الواقع». وكيف تغيرت نظرة السلطة ومثقّفيها -بتشديد القاف مع الفتح والكسرـ إليه، حين تأكد لها قوة تأثيره، فسعت إلى «توظيف» نجوميته ومنحته الجوائز، وأصبح ناطقا في الأفلام والندوات والاحتفالات بلسانها وصوتا فنيا يعبر عن قضايا الديمقراطية والإرهاب كما يغيّب وعي البسطاء بهذه القضايا. ومن خلال التحليل الفني يرى أحمد يوسف أن للأفلام «الرسمية» لعادل إمام بداية من «اللعب مع الكبار» حتى «حسن ومرقص» رسائل «خفية تتناقض تماما مع رسائل أفلامه الشعبية القديمة». كاتب مصريسعد القرش

مشاركة :