على الصفحة الأولى من الزميلة "الحياة" بالأمس خبر فضائحي يستحق وحده أن يكون "مانشيت" كل العام بأكمله، إن توافرت لدينا الإرادة لهزيمة أركان الفساد المالي والإداري. يقول الخبر الصاعقة إن مؤسسة سعودية تطالب شركة صينية بمبلغ 780 مليون ريال لأتعاب عمولة و"سمسرة" على أحد المشاريع، إذ مهدت هذه المؤسسة الوطنية لأبناء الصين الحصول على سبعة مليارات للفوز بمناقصة المشروع. المحامي السعودي التابع لهذه المؤسسة، يطلب من الشركة الصينية مبلغ "180" مليون ريال كأتعاب، وكل هذه الأرقام مأخوذة ومستقاة ومستلة من أوراق الدعوى القانونية للمؤسسة السعودية ضد الشركة. وبحسبة الصديق العزيز الغالي "لؤي مطبقاني"، فإن مبلغ العمولة الذي تطالب به المؤسسة السعودية يكفي لثلاثة مستشفيات من الطراز الفاخر. أتعاب المحامي "الفرد" تكفي لبناء 36 مدرسة نموذجية بأعلى وأغلى المسطرة العالمية لبناء المدارس. وسأضيف لحسبة صديقي، وبالآلة الحاسبة بين يدي، أن عمولة وسمسرة مشروع واحد مثل الفضيحة المدوية بعاليه، تكفيان لتوظيف ألفي جامعي سعودي مدى الحياة، فماذا يمكن أن نقوله عن سمسرة وعمولة مئات المشاريع المليارية الأخرى التي لم تصل قضاياها لصفحة أولى أو أخيرة، هنا لب المقال وجوهرة الفكرة: نحن وصلنا مع قضايا الفساد المالي المكشوف إلى الحد من الجرأة أن تتقدم مؤسسة وطنية بدعواها القانونية إلى المحكمة لتطالب بثلثي مليار عن أتعابها لتسهيل حصول شركة أجنبية على الفوز بالمشروع. في قبضة الكف اليسرى تقول مصادري إن هيئة مكافحة الفساد لديها اشتراك سنوي بمئتي نسخة من ذات الصحيفة، التي نشرت بالأمس هذه الفضيحة الرقمية المجلجلة، وهنا يبرز سؤال الخاتمة: كم هي أعداد أوراق الصفحة الأولى من الزميلة "الحياة"، التي تحولت بالأمس إلى "سفرة" إفطار في مكاتب هيئة مكافحة الفساد؟ هل قرؤوا الخبر على السفرة؟
مشاركة :