كان أحد تلك الأيام التي يصل فيها ابني طالب المرحلة الإبتدائية الى البيت محملا بالشكوك والتساؤلات حول ما يلقن له في المدرسة ضمن مناهج الدين الوزارية. وإذ حمدت الله على أنه يشكك ويتساءل ويسأل ويفكر ويمنطق، شعرت بالأسى على ما سيؤول إليه حال طلاب ينتهجون السمع والطاعة العمياء إما كسلا منهم أو تثبيطا من ذويهم، خاصة ونحن نعلم ما آل إليه كثر ممن كانوا قبلهم ودرسوا ذات مناهجهم واتبعوا نفس نهجهم. ستقولون تم تطوير المناهج، وسأقول لكم اقرأوا المناهج!جاء يتساءل وهو محبط، كيف لي أن أحب الرسول أكثر من حبي لك ولأبي وأخي ونفسي، لا أستطيع فأنا لم أره ولم أسمعه ولم أصاحبه، أنا لا أعرفه شخصيا! وما لبث أن بدأ ينفعل وهو يبرر لنفسه عدم استطاعته الإلتزام بما بدى له مفتاح الجنة وعماد الدين، واسترسل يصف الظلم الواقع بإعتباره غير مؤمن فقط لأن قلبه لم يتعلق بالرسول قدر تعلقه بأمه! راقبته وأنا هادئة ومبتسمة فقد اعتدت هذا الموقف وعندما انتهى طمأنته بأنه مؤمن وليس لأحد من البشر لا بدليل ولا بغيره أن ينكره ما بينه وبين ربه، ثم استرسلت أبين له المقصود بالحب في تلك النصوص والذي هو بديهيا إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في ما جاء به من عند الله. وبنظرة على منهج الحديث للمرحلة وجدت ما يفيد بأن عدم محبة الرسول وآل بيته من كبائر الذنوب!وبذكر آل البيت، هل تعلمون أن بعض الأشراف ممن كانوا قبلنا وممن هم بيننا يعتبرون أنفسهم من آل البيت المقصودين بالمحبة؟ بل أن منهم من يعتقد أننا نصلي ونبارك عليهم في صلاتنا! ومنهم من أخذته العزة بالتشريف حتى وضع صفة “الشريف” قبل إسمه الأول وكأنها دلالة على شهادة علمية أو مكانة وظيفية أو شرف يتفرد به دون البقية من غير الشرفاء أو من لا شرف لهم! ومنهم العقلاء بلا شك الذين لا تقف ثقتهم في أنفسهم عند إرث أو إسم وإنما يستمدون قيمتهم من علم وعمل وخُلُق ومن هؤلاء أصدقاء لي أعتز بهم. الشاهد في الموضوع هو هل تجب علينا محبة الأشراف عن بكرة أبيهم، وهل جميعهم أخيار منزهون ويستحقون هذه المنزلة، وهل في عدم محبة أحدهم نرتكب كبيرة من كبائر الذنوب؟! ولست هنا بصدد التشكيك في نسبتهم للرسول لا من قريب ولا من بعيد وليس في الخوض في ذلك سوى جدل عقيم وهدر لوقت ثمين، وإنما موضوعي هو التشكيك بتميز منزلتهم عمن سواهم من المسلمين في ظل دين شامل ورب عادل وقرآن يقول “فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره” و”إن أكرمكم عند الله أتقاكم” ، ورسول زاهد يقول “لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى” كما أنه صلى الله عليه وسلم كان قد نهى آصحابه عن كتابة حديثه وأمرهم بالأخذ بالقرآن فكيف يستساغ بعد ذلك أن يطلب لنفسه أو لآل بيته حبا أو شرفا!ذلك غيض من فيض يفيض بذكر المناهج الدينية في شتى المراحل وقد كتبت فيها مقالات وكتب غيري. أما آن الأوان لأن تُراجع مناهج الدين بجدية؟ وأن نستبدل ثقافة الأفضلية بالإسم بثقافة الأفضلية بالعمل!الرأيتماضر الياميكتاب أنحاء
مشاركة :