جاء التركيز على أسواق النفط الآسيوية كخطوة غاية في الأهمية، ولاشك أن لزيارة خادم الحرمين سلمان الحزم، والجولة الآسيوية التي شملت أهم الإقتصادات الدور الأبرز في حمل كل الرسائل الهامة، والمعاني الشاملة، لتحقيق تحالفات اقتصادية قوية قادمة،حراك لايمكن أن يكون طموحنا بعده أقل من أن نكون في المراكز الأولى والتي لاحت بوادرها بتقدم المملكة المستحق مؤخرا لتكون أكبر مصدر للنفط، وبلا منازع لليابان وكوريا الجنوبية عام 2016. وفي الصين أيضا تقدم لافت، حتى وان كانت روسيا قد زاحمت المملكة في العام الماضي فاعتبرت أكبر مورد للنفط الخام إلى الصين في عام 2016 وذلك عندما صدرت للصين ما متوسطه 1,05 مليون برميل يوميا، بفارق ضئيل جدا 30 الف برميل يوميا فقط عن المملكة العربية السعودية التي جاءت في المركز الثاني مباشرة، حيث تمكنت من تصدير 1,02 مليون برميل يوميا، وهذا فارق بسيط خصوصا عند الأخذ بالاعتبار أن روسيا إنما تصدر نفطها عن طريق خط أنابيب “اسبوا” الممتد أكثر من 4 آلاف كيلومتر من شرق “سيبيريا” إلى المحيط الهادي مرورا بمصافي التكرير الصينية. ولعل الإعلام النفطي الغربي بالغ عندما روج ان السعودية في عام 2016 خسرت موقعها كأكبر مورّد للنفط الخام إلى أبرز سوقين في آسيا وهما الصين والهند، بسبب المنافسة الشديدة من العراق وروسيا. ولعلي فندت مقالا منفصلا في السابق عن صادراتنا للهند ثالث أكبر مستوردي النفط بعد الصين، وهنا أود التركيز أكثر على السوق الصيني ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم! ولاشك أن وجود خط أنابيب اسبو يجعل من المنافسة أمرا صعبا، يضاف الى الطلب القوي من المصافي الصينية المستقلة التي ترى هذه المصافي في روسيا موردا أكثر مرونة من المملكة وتتناسب مع قدرتها الإنتاجية المتواضعة، وبالرغم من هذه التحديات، فقد رسخت أرامكو السعودية في العام المنصرم قدمها في خطوة جد هامة، ومن الواضح أن هناك جهودا تسويقية محمودة جعلت الفارق ضئيلا جدا، و المفاجأة -ولا مفاجآت في أي نجاح يتحقق مع وجود أبنائنا من الكوادر السعودية- في النجاح الكبير والقفزة النوعية مع بداية هذا العام والذي جاء بالرغم من أن تخفيض السعودية للإنتاج تخطى 700 ألف برميل يوميا في شهر يناير، وتخطى 500 ألف برميل يوميا في شهر فبراير، ومع ذلك كله ورغم أن روسيا لم تخفض من الإنتاج سوى ما يزيد قليلا عن 100 ألف برميل يوميا منذ بدء اتفاقية خفض الانتاج، فإن صادرات السعودية من النفط الخام إلى الصين قد حققت أعلى مستوياتها منذ أكثر من عام ونصف لتصل 1,204 مليون برميل يوميا وذلك متوسط شهري يناير وفبراير من هذا العام 2017، وهو المستوى الأعلى من قرابة سنتين، وهذا انجاز يذكر ليشكر. هذه الأرقام تمخضت عنها البيانات التي أصدرتها الجمارك الصينية، وهي تثبت تزامن ارتفاع صادرات النفط السعودية إلى الصين بالرغم من كل التخفيضات الضخمة في الإنتاج السعودي، مما يشير إلى التقدم السعودي الواضح نحو السوق الصيني الكبير والذي تحتدم فيه المنافسة من كل حدب وصوب، حيث لم يبق لروسيا سوى المقعد الخلفي بعد السعودية التي تفردت بجدارة بالمقعد الأول كأكبر مورد للنفط لآسيا في العام الماضي، وقد تحقق ذلك بالرغم من كل ما حصل من تعزيز موسكو وبكين وبشكل ملحوظ للتعاون بينهما في مجال الطاقة بمجموعة واسعة من المشاريع، تبلغ كلفتها مليارات الدولارات. حق لنا أن نفخر بهذا التصدر الذي جاء به أبناؤنا -بتوفيق من الله- رغم المنافسة الحادة، وما تزامن معها من صعوبات تمثلت في خفض الإنتاج، وتحمل عبء توازن أسواق النفط، جاء هذا الانجاز ليعزز أهداف زيارة خادم الحرمين الشريفين لأهم اقتصاديات آسيا، وهنا أعيد للأذهان أمنيتي وهي أن تعزز “أرامكو السعودية” أنشطتها التسويقية لتكون كما يجب رائدة في تسويق النفط بدلا عن البقاء كمجرد بائع، حيث أن هناك يكمن التحدي اللائق بعملاق المملكة والذي توفرت له كل أسباب التقدم والمنافسة بجدارة في كل أسواق النفط الأقليمية والعالمية. د. فيصل مرزا الفابيتا
مشاركة :