فيصل مرزا :معهد أكسفورد لدراسات الطاقة ودس السم في العسل!

  • 4/3/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

مباشرة ودون أي مقدمات، بدا من المؤكد أن المؤسسات البحثية الغربية أصبحت مضربا للإعلام النفط الغربي المغرض، الذي طالما شكك في رؤيتنا وقدرتنا على التغيير والتصحيح الاقتصادي، والذي اتخذ من الهجوم المباشر على المملكة إستراتيجية للضغط على صناعة القرار السعودي في ما يتعلق بالنفط وأسواقه، هجوم تجاوز كل حدود اللياقة واستخدمت فيها كل وسائل التضليل وتسيس المعلومات. هذا الهجوم يأخذ أشكالا وصورا، ويأتي من شظاياه ما يمر به المهتمين بصناعة النفط وأسواقه من مقالات إنشائية سلبية عبثية لا تقيم للمهنية وزنا. وأغلب من يتصدر المشهد الهجومي فرقا لها بواعثها وأجنداتها التي أصحبت مكشوفة بدسها السم في العسل، وهي باختصار بين مشكك، مضلل، أو جاهل بحقيقة ما عزمت قيادة الحزم على اتخاذه من خطوات نحو التحول الوطني ودقيق تفاصيل رؤية 2030 المباركة بإذن الله. عندما يطل “معهد أكسفورد لدراسات الطاقة”، لينضم إلى الإعلام النفطي الغربي المغرض والمضلل محاولا القيام بالضغط والتشويش على القرار السعودي السيادي في تنفيذ متطلبات توجهه التنموي الذي تبناه بعد ان استكمل كل ما يلزم له من دراسات وحصر الاحتياجات والقيام بوضع التصورات والاحتمالات، وتهيئة البيئة المثالية. يأتي “معهد أكسفورد ليشكك” في الأرقام التي بنيت عليها بعض الخطط، ليصل بعد ذلك إلى الهدف الأساسي من ورقته –والتي تصور أنه اختار لها أنسب وقت- وهو محاولة إثبات عدم الاقتناع بالخطوات الواضحة نحو التحول الوطني، و”رؤية 2030″. وهناك مصطلحات استخدمت حرفيا كما يروج لها الإعلام النفطي الغربي، مثل استخدام النفط سياسيا وبالتالي تهميش الدور الريادي للمملكة في توازن أسواق النفط وسد العجز في الامدادات على مدى عقود، هذا بالاضافة الى تكرار التشكيك في القيمة السوقية لارامكو السعودية. تحاول ورقة معهد أكسفورد افتراض أن المستثمر الوطني يقيم أرامكو بقيمة أقل من المستثمر الأجنبي، هذا افتراض غريب، أو مزايدة سخيفة، فالتقييم المحلي بينه وبين التقييم الأجنبي الفارق بين صادق يقيم سلعته ومنتهز يبخس سلعة غيره. تقرير معهد أكسفورد النظري والذي هو عبارة عن تجميع لمقالات نظرية سلبية سابقة من الاعلام النفطي الغربي المغرض، جاء بعيدا عن الحقيقة الماثلة على الأرض، وهنا أسئلة أو نقاط يجب أن نطرحها لعلها تثبت ما ذهبنا إليه من قبل أن هناك جهات واقلام مستأجرة تستهدف بلادنا. ورقة معهد أكسفورد جاءت لمحاولة إيهام المتلقي بتوجه واحد محايز ليخدم طرحهم دون إيضاح التوجهات الأخرى المؤيدة للطرح! ما اضطرهم إلى استدعاء ما نسبته الورقة لوكالة “رويترز” بعد إضفاء الأهمية عليه بالتقديم له بأنه ((مقالة نادرة)) ولا ادري كيف تحولت هذه المقالة من مقالة منحازة ومغرضة إلى نادرة: ((في مقالة نادرة؛ حاولت وكالة رويترز تقصي موقف المواطنين السعوديين العاديين بشأن طرح شركة أرامكو. وكشفت هذه المقالة أن هناك بعض “المخاوف بين أجزاء كبيرة من الجمهور ومجتمع الأعمال حول بيع شركة أرامكو” بسبب أن الحكومة تتخلى عن هذه الجوهرة الثمينة للأجانب بقيمة زهيدة في وقت انخفاض أسعار النفط. ويقال ان هذه المخاوف ستنعكس على عملية الطرح، لأن “الحكومة ستكون تحت ضغط لإثبات أن المواطنين السعوديين سيستفيدون من هذا الطرح)). وهناك أطروحات سلبية أخرى طرحها معهد اكسفورد نصيا كالآتي: ((كان هناك الكثير من الشكوك حول تقييم الشركة بنحو 2 تريليو ن دولار، وهي القيمة التي صرح بها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كما ذكر مقال نشر في وكالة بلومبرغ بأن “تقدير القيمة السوقية لارامكو قد يواجه صعوبات)). ((تأثير طرح أرامكو على سياسة إنتاج النفط السعودي، ففي حين أن المملكة-تاريخياً- قامت بدور محوري داخل أوبك، مستخدمةً قدرتها الانتاجية الفائضة بفاعلية، يرى البعض أنه بمجرد إدراج شركة أرامكو في البورصات الاجنبية، فإنه لا يمكنها الدخول في أنشطة تؤثر على أسعار النفط العالمية)). (( تطرح الورقة السؤال حول الدافع الرئيس خلف طرح الشركة، وللإجابة على هذا السؤال غالباً ما تعتبر بديهياً وهو “تحويل المملكة من الاعتماد على النفط من خلال رؤية 2030 ،التي تهدف إلى تنويع قاعدة الاقتصاد السعودي وإيجاد فرص عمل”. لكن كما سيتم شرحه لاحقاً، يعد طرح شركة أرامكو في الأساس لأجل تنويع مصادر الدخل وتعزيز موارد صندوق الاستثمارات العامة، وهذا يختلف جوهرياً عن التنويع “الحقيقي” للاقتصاد، الذي غالباً يتطلب توسيع القاعدة الاقتصادية و الإنتاجية، وإيجاد فرص عمل)). ومن حق كل وطني مهتم أن يطرح هذه الأسئلة على معهد أكسفورد: • لماذا تم اختيار هذا التوقيت بالذات لطرح هذه الورقة، وبعد أن بدأ التقييم الغربي المجحف، والغير العادل لأرامكو السعودية، والذي تطوع به القائمون عليه فور الإعلان عن استهداف البورصات العالمية لطرح أسهمها للاكتتاب، مع احتمالية خيار الإدراج في أكثر من بورصة في آن واحد؟! • أهي محاولة لإخضاع خصخصة أجزاء من عملاق النفط السعودي لاختبارات ومزاج السوق ليحدد القيمة العادلة لأرامكو كنوع من الضغط لرفع نسبة الطرح؟! • هل الهدف من خلال تخفيض قيمة “أرامكو السوقية” هو تعظيم أرباح المستثمرين ( الأجانب) في المستقبل بما يتسبب في حرمان المملكة من حقها في العائدات والمنافع من هذا الخطوة؟! • هل هذه التقديرات الإستباقية المجحفة لأرامكو جاءت لتكون سقفا وأساسا عليه يتم تقييم “أرامكو” في البورصات العالمية؟! وهل ذلك يوحي بأن هناك تواطؤ مع هذه البورصات للتقليل من قيمة “أرامكو” السوقية؟! ليس بدعا أن يحشر الغرب أنفه في الخصوصيات الاقتصادية للدول، ولكن “معهد أكسفورد لدراسات الطاقة” قد اختار التوقيت الذي قدر أنه الأنسب، ولكنه أسقط من حساباته أمرا مهما، هو أن القيادة السعودية الرشيدة والمتزنه لا يملي عليها أي طرف أجنداته تحت أية ذريعة أو حجة فلا الدراسات ولا مزاعم الحرص على الاستقرار العام للأسواق، خصوصا مثل هذه الورقة التي تفوح منها روائح التضليل والتشكيك الرخيص والتجهيل. وكما هو معلوم للجميع، فانه وعلى مدى عقود مضت صرفت المملكة على “معهد أكسفورد لدراسات الطاقة” المبالغ الطائلة، ودعمت أبحاثه وشاركت بفاعلية في منتدياته، وهاهوا ذا يأتي في ورقته التعيسة التي نشرت مؤخرا ليتجاهل بديهيات ومسلمات، ويخلص إلى استنتاجات تثبت أن دراساتهم إما إن تكون مضللة أو تنبع عن تنظير أكاديمي بعيد عن أرض الواقع متجاهلة لهذه الحقائق المهمة: • ان سياسات الطاقة في المملكة هي سياسات ثابتة على مدى عقود، وان أرامكو السعودية عملاق وطني، يعمل بانسجام تام مع توجهات الدولة التي تعمل قيادتها على اختيار أفضل السبل لتحقيقها. • ان أرامكو السعودية بأصولها وبنيتها التحتيه، وضخامة مشاريعها، وكل متراكم خبراتها، قد اكتسبت عبر الأجيال ثقة المواطن السعودي إلى قدر يغني عن كثير من الشكليات النظرية. • ان الإصلاح والنمو الاقتصادي وما يلزم له من الشفافية ومن آليات الحوكمة والانتقال إلى الخصخصة بخطوات ممرحلة مدروسة، هدف للمرحلة معلن من قبل قياداتنا الرشيدة، وفي جميع القطاعات ولا يتعلق الأمر بأرامكو وحدها رغم كل ما لها من أهمية. المتتبع لمثل هذه الدراسات والمقالات من الاعلام النفطي الغربي المغرض، يقف أمام حقيقة لا تقبل الشك، وهي سعي هذه الجهات وغيرها إلى إفقاد المستثمر المحلي قبل الأجنبي الثقة في كل حِزم التحول التنموي للمملكة، وبالتالي الانطلاق المباشر إلى وضع تصورات مربكة للمشهد المتوقع مما يضمن استجابة السوق المستهدف إلى أن كل ماهو معروض من قبل المملكة لابد وأن يكون له تسعيرة متدنية بحجج تنظيرية. خلاصة القول: مملكة الحزم لا تقبل في تنفيذ قراراتها السيادية الاقتصادية المساومة من دول فضلا عن معاهد، فأرامكو السعودية قوة اقتصادية هائلة، هي رهن إشارة قرار القيادة الحكيمة للمملكة .. والمستثمر الأجنبي قبل الوطني يعلم مما سبق من مواقف مدى احترام المملكة العربية السعودية للقرارات السيادية والمواثيق والاتفاقيات، وأنها دائما ما تعمد إلى اختيار أفضل أخلاقيات التعاقد. ولطالما لم تنصف القيمة السوقية العالمية “أرامكو”، فخيارنا الأمثل بيدنا وهو إعادة النظر في الطرح من الأساس، مهما قدرت فيه أنا شخصيا من مصالح من تحسين الأداء والكفاءة ورفع الربحية والشفافية والاستدامة ومستوى الحوكمة لتخفيض الفساد والهدر. إعادة النظر بتمهل تام حتى نصل إلى أن يتم تقييم أرامكو تقييما عادلا أو العمل على تهيئة بدائل أخرى مثل أن يقتصر طرح أرامكو محلياً فقط، لأنه من الواضح أن التقييم الدولي لارامكو جاء مجحفا وان هناك جهات دولية تحاول أن تقلل من قيمة أرامكو لأنها سوف تستفيد من خلال تداول أسهمها لاحقا لأن أي تقييم عالي سوف ينعكس على قيمة السهم وعلى العكس مع التقييم المنخفض، لذلك انصح بالتريث في عملية الطرح حتى تكون عملية التقييم لأصول أرامكو أكثر من ماهي عليه الآن ولعل عام 2020 هو الأمثل مع الموازنة المالية والارتفاع المتوقع لأسعار النفط. الفابيتا الدكتور فيصل مرزا

مشاركة :