أعلن الجيش العراقي، أمس، أن 61 جثة انتشلت من تحت أنقاض منزل فخخه تنظيم داعش في غرب الموصل، مؤكداً عدم وجود ما يشير إلى أن ضربة جوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة استهدفته، رغم إقرار التحالف أول من أمس بوقوع الضربة. ونفت قيادة العمليات المشتركة في العراق تعرض منازل المدنيين لضربات جوية من قبل التحالف الدولي، مشيرة إلى أن المنازل المدمرة في حيي الرسالة والموصل الجديدة دُمرت بالكامل إثر تفخيخها وتفجيرها من قبل المسلحين. وقالت قيادة عمليات «قادمون يا نينوى» في بيان إنها شكلت «فريقاً من الخبراء العسكريين ومن القادة الميدانيين لفحص موقع المنزل الذي ذكرت وسائل الإعلام أنه تعرض لقصف جوي، وتبين أنه مدمر بشكل كامل. وجميع جدرانه مفخخة ولا توجد أي حفرة أو أدلة على أنه تعرض إلى ضربة جوية». وأضاف البيان أن فريق العمليات «اكتشف إلى جوار المنزل المدمر عجلة كبيرة مفخخة منفجرة... وانتشلنا 61 جثة كانت موجودة في المنزل المدمر، وتحدث شهود عيان من المنطقة للفريق عن أن «داعش» فخخ البيوت وأجبر العائلات على النزول في السراديب، واستخدم هذه البيوت لانتحارييه لإطلاق النار باتجاه القوات الأمنية». واختلف البيان العسكري عن تقارير شهود عيان ومسؤولين محليين قالت إن «ما يصل إلى 200 جثة انتشلت من تحت أنقاض مبنى منهار بعد ضربة للتحالف الذي تقوده واشنطن ضد (داعش) قبل عشرة أيام استهدفت مقاتلين وعتاداً للتنظيم في حي الموصل الجديدة». ولا تزال ملابسات الواقعة التي حدثت في 17 الشهر الحالي غير واضحة، وتفاصيلها يصعب التحقق منها، في حين تقاتل القوات العراقية التنظيم المتطرف للسيطرة على مناطق مكتظة بالسكان في الشطر الغربي من الموصل، آخر معقل كبير للمتشددين في العراق. ورغم البيانات العسكرية التي صدرت، فإن الرواية الرسمية التي قدمها التحالف الدولي وقيادة العمليات المشتركة بشأن الحادث تفتقر إلى «التماسك» وتتقاطع في مضامينها، برأي ساسة ومحللين عسكريين. ويتضارب إعلان التحالف تنفيذه ضربات جوية بناء على طلب من الجانب العراقي، مع نفي قيادة العمليات المشتركة أمس توجيه غارات. ويستغرب النائب عن محافظة نينوى، عبد الرحيم الشمري، رواية قيادة العلميات. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الرواية غير صحيحة، وأتعجب من بيان الإخوة في قيادة العمليات، هم غير مسؤولين، الجميع يعرف أن الأميركيين وجهوا الضربة، وأحدثوا المجزرة، فلماذا يبررون لهم؟». وعن تفاصيل الحادث، يقول الشمري إن «مجموعة من المواطنين تجمعوا في منزل أحد المحسنين، وفي تلك الأثناء قام عناصر (داعش) باستهداف القوات الأمنية من خلال الأنفاق التي حفروها عبر المنازل قرب المكان، فاستهدفهم الطيران الأميركي». ورجح أن ارتفاع الحصيلة الرسمية للضحايا إلى نحو 150، مؤكداً تخصيص جلسة مجلس النواب الثلاثاء المقبل لمناقشة الحادث، كما أكد اجتماعه أمس برئيس الوزراء حيدر العبادي، ومطالبته بـ«تشكيل لجنة تحقيق في كارثة الجانب الأيمن (الغربي)» من الموصل. إلى ذلك، أدان «تحالف القوى العراقية»، أمس، الاستخدام المفرط للقوة في عمليات تحرير غرب الموصل. وطالب القائد العام للقوات المسلحة بتغيير قواعد الاشتباك في معارك التحرير. وقال التحالف في بيان: «ندين الاستخدام المفرط للقوة في عمليات تحرير الجانب الأيمن من الموصل، واستخدام القصف الجوي والصاروخي والمدفعي العشوائي الذي تسبب في تدمير منازل المواطنين ومقتل المئات منهم». ودعا إلى «استخدام الخطط العسكرية المتطورة في حرب المدن ومهاجمة الأهداف المتحركة بدقة للحفاظ على أرواح المدنيين الأبرياء الذين يتخذهم (داعش) دروعاً بشرية في ممارسة دنيئة لقتل أكبر عدد منهم». وحمّل العبادي وقادة التحالف الدولي «المسؤولية القانونية والأخلاقية عن حماية المدنيين». وطالب ائتلاف «الوطنية» بزعامة نائب الرئيس إياد علاوي بفتح تحقيق مشترك في «مجزرة الموصل». وشدد رئيس الكتلة النيابية للائتلاف كاظم الشمري على ضرورة «تشكيل لجنة تحقيق مشتركة من التحالف الدولي والحكومة العراقية لكشف ملابسات المجزرة التي وقعت في حي الموصل الجديدة». ميدانياً، كشفت لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة نينوى، أمس، عن أن القوات العراقية تتقدم بحذر في عمليات تحرير الموصل، خشية تعرض المدنيين للخطر من جراء المعارك التي تدور وسط المدينة مع مسلحي «داعش». وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس المحافظة هاشم بريفكاني لـ«الشرق الأوسط»: إن «القوات الأمنية العراقية حذرة جداً في تقدمها لتحرير ما تبقى من مناطق وأحياء الجانب الأيمن من الموصل، خشية تعرض المدنيين للخطر، لكنها تواصل في الوقت ذاته تحرير الأحياء الواحد تلو الآخر». وأضاف أن القوات وصلت أمس إلى مشارف حي اليرموك «وخاضت معارك شرسة ضد مسلحي (داعش) في المنطقة الصناعية القديمة»، مبيناً أن «قوات الشرطة الاتحادية والرد السريع أصبحت على بعد نحو 100 متر من الجامع الكبير». وأعلن قائد عمليات «قادمون يا نينوى» الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله في بيان، أن قوات مكافحة الإرهاب «حررت (أمس) وادي العين الجنوبي ورجم الحديد» في غرب الموصل. وأضاف أن «الفرقة المدرعة التاسعة من الجيش العراقي حررت سد بادوش ورفعت العلم العراقي عليه». وقال المقدم علي جاسم من الفرقة التاسعة المدرعة، إن وحدات من الجيش العراقي اقتحمت مصنعاً للإسمنت في بادوش كان المتشددون قد تقهقروا إليه، بحسب وكالة «رويترز». وتقوم وحدات من الجيش بتطهير قرى إلى الشمال. ونشرت القوات العراقية قناصة على مبانٍ لاصطياد المسلحين في غرب الموصل. وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، العميد يحيى رسول، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «(داعش) بدأ يستخدم المواطنين دروعا بشرية، ونحاول استهدافه بضربات من الرجال القناصة للقضاء عليه». وتابع: «تقدمنا يجري بدقة وحذر للمحافظة على أرواح المواطنين... ونعتمد على استخدام أسلحة متوسطة وخفيفة، وبينها القناصة، لاصطياد عناصر (داعش) وتحديدهم عن المواطنين». واتهم «داعش» بقتل المدنيين العزل، مؤكداً أن «هذا التنظيم الإرهابي يستخدم الصهاريج المخففة... يقوم بجمع المواطنين في بيوت معينة، ثم يبدأ بتفجير هذه العجلات على هذه البيوت». وتابع إن «الغاية هي إيصال رسالة إلى الرأي العام بأن القوات العراقية هي التي تستهدف المواطنين الأبرياء». وفي شرق الموصل، قال الضابط في قوات الشرطة المحلية الملازم محمود الحمداني لـ«الشرق الأوسط»: إن أربعة مدنيين قتلوا وأكثر من خمسة آخرين جُرحوا. كما احترقت 10 متاجر إثر سقوط قذيفتي هاون قصف بهما مسلحو «داعش» سوق النبي يونس في الجانب الأيسر (الشرقي) من الموصل. ورغم تحريره في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، إلا أن شرق الموصل يشهد خروقات أمنية بشكل مستمر من قبل التنظيم وخلاياه النائمة.
مشاركة :