شعرية النوع الأدبي واختلاف وظائف الكتابة بقلم: علي حسن الفواز

  • 3/28/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

شعرية النوع الأدبي واختلاف وظائف الكتابة تظل الحاجة إلى المعرفة أمرا وجوديا، مثلما هي ضرورتها للديمومة والإضافة والتجاوز. هذه العلائق التي تخص المعرفة تدعونا دائما إلى دأبٍ دائم على البحث عن مظانها، وعن أسرارها وأسفارها ومتونها، وصنّاعها، وبما يجعل الفعل المعرفي علميا أو أدبيا.العرب علي حسن الفواز [نُشر في 2017/03/28، العدد: 10585، ص(15)]دراسات مُحكّمة وجدت في ملف الشعرية سؤالها الخصب مجلة فصول المصرية التي تصدرها الهيئة العامة للكتاب في عددها 98 الأخير، تضعنا أمام هاجس معرفي ونقدي، وأمام قراءة تلامس أكثر هواجسنا الثقافية إثارة للجدل، والتي تُعنى بـ”شعرية النوع الأدبي”، ومن منطلق إعادة النظر بقراءة “الثوابت والمتغيرات”، وبوصف أنّ الحاجة إليها لم تعدْ أدبية بحتة، بل صارت جزءا من الحاجة المعرفية، ومن سيرورتها الاجتماعية والثقافية الفاعلة، والتي تستدعي على الدوام مواجهة ركودها، والبحث عن تقعيدات تخصُّ المناهج والمفاهيم، ولإعطاء النقد الأدبي هويته المعنوية والعلمية. ضم هذا العدد العديد من الدراسات المُحكّمة، التي وجدت في ملف الشعرية سؤالها الخصب، ومجالها النقدي والبحثي الرئيس، للتعريف والتوصيف، وفتح أفقٍ معرفي لمقاربات تتعاطى مع إشكالات الجنس الأدبي، والتجنيس الشعري وشعرية الحوار، والسيرة الأدبية، وشعرية الرواية التاريخية وغيرها، فضلا عن وجود ملفات أدبية أخرى تخصّ القصة القصيرة جدا، ومتابعات الإصدارات الجديدة والمؤتمرات والقراءات الحرة. يثير الباحث المصري عبدالرحيم الكردي أسئلة مرجعية حول طبيعة مصطلح الشعرية، وعن قابليته للتغاير والمجاورة، ومدى علاقته بالمناهج الحديثة، وهل ستُسهم هذه العلاقة في خلخلة ما هو قارٌّ في أذهاننا من تصورات وإشاعات، فالباحث يأخذنا إلى مساحات واسعة، وإلى قراءات يستجلي من خلالها الكثير من الأطروحات التي أثارها العقل الأدبي العربي تاريخيا، أو في لحظة تناصّه مع الآخر. كما يثير الباحث المغربي عبدالرحيم جيران أسئلة تدخل في سياق البحث المنهجي عن الجنس الأدبي، وعن علاقة المصطلح بالنشأة، أو بتطورها عبر الممارسة، وهذه القراءة بقدر حيازتها المنهجية، إلّا أنها سعت إلى تقديم ما يشبه الدرس السوسيونقدي في تتبع ظاهرة الجنس وتحولاته، وتوسّع أغراضه عبر الاستعمال، وعبر التثاقف، وعن طبيعة إشكالاته المنهجية على مستوى اللغة، أو على مستوى وظائفها الثقافية والاتصالية، فضلا عن علاقة الجنس بالنص. ويطرح الشاعر والباحث الفلسطيني عزالدين المناصرة أسئلة تقارب ما يسميه “شعرية التهجين” التي هي جوهر إشكالية التجنيس، إذ يجد في الكثير من المواضع قرائن تخصّ اختلاط الأجناس، أو تعالقها، أو حتى تصنيفها، وهذا المبحث يستدعي بالضرورة بحثا في الأصول أولا، واستشرافا لما تستغرقه الكتابة الأدبية الجديدة من تغايرات ثانيا، تلك التي مسّت الخصائص والأغراض، وأفضت بها إلى مجال من الصعب السيطرة على قاموسه وتقاناته، لا سيما في ما يخص علاقة الشعر بالسرد، وبالظاهر الشكلاني، مع الحمولات المتشظية للمعنى والدلالة والتخييل والحكاية. وحول شعرية الحوار يستدعي الباحث اللبناني لطيف زيتوني جملة من الأفكار التي تناقض موضوعات الحوار وعلائقه في الشعر والرواية والمسرح، وما هي التجنيسات التي يمكن إسباغها على النص المكتوب؟ وهذا السؤال يفتح شهية الحديث عن أفكار تلامس هوية النص الشعري الجديد، ومفهوم الشعرية بشكل خاص، وعلى وفق فهم مرجعيات الحوار المفتوح، وهندسة الكتابة، وطبيعة الإخراج الطباعي، والسينوغرافيا وتوزيع البياض والفراغ، وغيرها. من جانبه أشار الباحث فهد إسماعيل البكر إلى موضوع “تفاعل الأنواع الأدبية” في مراسلات محمود درويش وسميح القاسم، والتي وجد فيها مجالا لتوصيف تجنيسي يخص الشعر والقصّ والسيرة والرسالة والشكل، وهي موضوعات تصلح للكشف عن “جوانيات” مهمة في العقل الفلسطيني، وفي شعرياته. و”شعرية التفاعل النصي” هي الدراسة الإجرائية التي كتبها الناقد التونسي أمين عثمان حول رواية “تعويذة العيفة” لتوفيق العلوي، تؤكد على موضوعة التفاعل بوصفه مغامرة أسلوبية، وتقانة أراد من خلالها الباحث أنْ يوسع نظرته لآليات الكتابة، ولدلالة هذه الشعرية في التغاير التجنيسي للنصوص، روايةً كانت أم قصيدة، إذ ما عاد النص يتحمل لعبة الانغلاق، ولا عزلة الكاتب نفسه. كما أثار الباحث التونسي الميلود حاجي في دراسته للمجموعة القصصية “أجنحة الدقائق الخمسة” للقاصة ابتسام خليل، الأسئلة ذاتها التي يتعالق عبرها السردي والشعري، وعبر تلاقح الأنواع، أو عبر لعبة الخرق والتجاوز، وبما يصنع لنا حيزا نصوصيا يتسع لتمثلات تخص المتن القصصي، أو حتى تقانات القص.

مشاركة :