عندما كان أنفيلد معقلا لمانشستر يونايتد في ليلة استثنائية

  • 3/28/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

المشهد الأغرب في تلك الليلة كان عندما شوهد جماهير تحمل أوشحة حمراء وبيضاء وتملأ مدرج "كوب" وتهتف "يونايتد .. يونايتد". اعتدنا طوال تاريخ كرة القدم الإنجليزية على أن جماهير ليفربول تمتلك عداوتين ضاريتين في إنجلترا. العداوة الاولى ضد الجار الآخر بجوار نهر ميرسيسايد، نادي إيفرتون، والذي اعتاد أن يلعب على ملعب "أنفيلد" في السنوات الأولى من تأسيسه في عام 1884، قبل أن ينتقل إلى "جوديسون بارك" نتيجة لخلافات على ملكية أرض ملعب "أنفيلد"، ومن ثم يتأسس نادي جديد وهو "ليفربول" الذي خاص مباراته الأولى على معقله الرسمي حتى يومنا هذا في عام 1892، وهو عام تأسيس النادي. أما العداوة الثانية فتمتد لمدينة مانشستر، حيث اعتاد جماهير الريدز التناوش مع جماهير الشياطين الحمر طوال السنوات فيما يخص الزعامة على أندية انجلترا، ومن أكثر تحقيقا للألقاب، وتمتد المناوشات لأمور أخرى. "أولد ترافورد" تمثل معقلا للعدو بالنسبة لجماهير ليفربول، وهو نفس ما يمثله ملعب "أنفيلد" بالنسبة لجماهير مانشستر يونايتد. ولكن في ليلة استثنائية، أصبح "أنفيلد" هو معقل لمانشستر يونايتد لمرة واحدة، وأخيرة. كيف تسلسلت الأحداث وصولا لهذه النقطة؟ ما بين الستينات والسبعينيات، ازداد عنف حركات الـ"هوليجانز" في كرة القدم تحديدا. العديد من المناوشات والمشادات والعنف في الملاعب، وأيضا خارج الملاعب حين تلتقي الجماهير المتعادية وجها لوجه. مانشستر يونايتد تحديدا عانى من فئة جماهيره المنتمية للـ"هوليجانز" في تلك الفترة، بل وعاقبهم في أكثر من مرة بمنعهم من الحضور. ولكن في المباريات التي تقام خارج "أولد ترافورد"، كانت تلك الحركات تسافر بأعداد كبيرة، فلا يتم حل المشكلة. في نهايات موسم 1970-1971، شهدت إحدى مباريات مانشستر يونايتد على "أولد ترافورد"، وكانت ضد نيوكاسل، عنفا كبيرا من الـ "هوليجانز" الذين أقلوا العديد من الأشياء إلى أرض الملعب، وكان من ضمنها سكين حاد. نتيجة لذلك، عوقب مانشستر يونايتد بلعب أول مبارتين له من الموسم الجديد على ملاعب محايدة. وتم تحديد الملاعب فعليا. مباراته الأولى ضد أرسنال، حامل اللقب في الموسم السابق وصاحب الثنائية المحلية، وستقام على ملعب ألد الأعداء في "أنفيلد رود". أما المباراة الثانية والتي ستكون ضد ويست بروميتش ألبيون ستلعب على "فيكتوريا جراوند" معقل نادي ستوك سيتي. حدث الأمر بالفعل. مانشستر يونايتد يتوجه لمدينة ليفربول، ويدخل إلى ملعب "أنفيلد" كفريق مستضيف للمباراة، وينتصر على أرسنال بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد في ليلة جمعة منسية لجماهير يونايتد، بل وللاعبين أنفسهم. كانت بداية جيدة للموسم من حيث النتائج تحت قيادة مدير فني جديد، وهو فرانك أوفاريل بعد رحيل سير مات باسبي عن تدريب الفريق بنهاية الموسم السابق. فرانك ماكلينتوك تقدم أولا لأرسنال في الشوط الأول، ولكن مانشستر يونايتد قلب تأخره إلى فوز في الشوط الثاني عن طريق أهداف آلان جولينج وبوبي شارلتون وبريان كيد. آلان جولينج، وهو لاعب سابق لمانشستر يونايتد ومسجل لهدف في مباراة أرسنال الاستثنائية تلك، تم سؤاله عن هذه المباراة ضمن تقرير لصحيفة "جارديان" البريطانية في عام 2010. "متى حدثت تلك المباراة؟ لا يمكنني أن أتذكر!. استضفنا أرسنال في مباراة على ملعب أنفيلد؟ هذا لا يصدق" هكذا كان رد فعله، ولم يصدق ذلك إلا حين تم عرض صور من المباراة، وصورة له وهو يحتفل بهدفه. أليكس ستيبني حارس مرمى مانشستر يونايتد في هذه المباراة، وقد لعب 400 مباراة بقميص الفريق، لم يتذكر تلك الواقعة بشكل محدد. "أتذكر في تلك الفترة أننا عوقبنا بخوض مبارتين بعيدا عن أولد ترافورد. ولكن لا أتذكر المنافسين أو الملاعب التي خضنا اللقاءات عليها". وأضاف "أتذكر مباراة أخرى فزنا بها في أنفيلد عام 1969، عندما تفوقنا على ليفربول بنتيجة 4-1". ثم تابع "مباراة واحدة التي أتذكر أننا خضناها كمستضيفين بعيدا عن أولد ترافورد، وكانت ضد سانت ايتيان في كأس أندية أوروبا عام 1977، في ملعب بلايموث" وكان الاتحاد الأوروبي قد عاقب مانشستر يونايتد بخوض مباراة خارج ملعبه في تلك الفترة، بسبب شغب في مباراة الذهاب في فرنسا. شخص واحد من الشاهدين على الحدث هو من يتذكر تلك المباراة. "صوت الأنفيلد" كما يلقبونه.. جورج سيفتون. سيفتون كان المذيع الداخلي لملعب "أنفيلد" خلال تلك المباراة، وكان قد بدأ العمل قبل أسبوع فقط من هذه الليلة الاستثنائية. ويقول سيفتون: "لقد كانت أمسية يوم جمعة. وكانت مباراة إضافية على الملعب لذلك الأسبوع. أتذكر حين كان نصف الملعب فارغا." وأضاف "لقد كان غريبا ألا يتم تشغيل أغنية "لن تسير وحدك أبدا" في بداية المباراة.. لقد ظلت الأغنية الرسمية للفريق لسنوات. من الغريب رؤية ملعب أنفيلد كملعب محايد". ثم اختتم حديثه "ولكنني كنت سعيدا. لقد كانت المباراة الثالثة في مسيرتي، وربحت منها المزيد من الأموال في جيبي. لقد كنت شابا في ذلك الوقت وزوجا جديدا". بالتأكيد أنت كقارئ تستعجب كيف مرت المباراة بذلك الهدوء، وكيف لم يمثل اللعب على "أنفيلد" مشكلة كبيرة لمانشستر يونايتد في ذلك الوقت. بيتر روبنسون السكرتير العام السابق لنادي ليفربول والذي ساهم في استضافة وتنظيم تلك المباراة، أجاب عن السؤال في تقرير "جارديان". "العداوة بين ليفربول ومانشستر يونايتد في تلك الوقت لم تكن كبيرة. العدو الكروي الأكبر في ذلك الوقت كان إيفرتون. لا يمكنني تذكر أي أزمات كبيرة حدثت في تلك الوقت" وأضاف "الأمور كانت أهدأ كثيرا عن الوقت الحالي بين الناديين. أدرك جيدا أن هذا المشهد لا يمكن أن يتكرر الآن بأي حال من الأحوال". ربما كانت الأجواء الرسمية ما بين الناديين لطيفة في تلك الفترة، ولكن الأزمات بين جماعات الـ"هوليجانز" لكلا الفريقين لم تكن هادئة. عناوين الصحف في الليلة التالية للمباراة تحدثت عن استبعاد قرابة الـ1000 مشجع من الملعب بسبب الشغب، وكذلك تحدثت عما حدث خارج الملعب. شغب من بعض جماهير ليفربول حليقي الرأس، واشتباكات والقاء للطوب على جماهير مانشستر يونايتد. العديد من نوافذ البيوت تم تحطيمها، على حد وصف الصحف البريطانية. ظلت المعركة بين الهوليجانز وبضعهم البعض مستمرة لسنوات. وكذلك معاركهم مع الدولة في بريطانيا في ذلك الوقت. وكرويا، كانت الاجراءات يتم اتخاذها بنقل المباريات لملاعب محايدة، وصولا لبناء شباك حديدية فاصلة بين الجماهير والملاعب، وهو ما حدث في ملعب "أولد ترافورد" تحديدا في السبعينيات. في النهاية، كانت تلك الليلة الاستثنائية عقابا وخسارة كبيرة لمانشستر يونايتد حتى من الناحية المادية. 27.500 متفرج فقط حضروا المباراة، وحصل ليفربول على 15% من حصيلة بيع التذاكر. وكذلك حصل أرسنال على نسبة من أرباح المباراة ماديا، وهو النظام الذي ظل متبعا حتى عام 1980.

مشاركة :