يقوم مركز تطوير الطفل التابع لمستشفى الرميلة بمؤسسة حمد الطبية بدور كبير في رعاية أطفال متلازمة داون وإعادة دمجهم في المجتمع من خلال برنامج تأهيلي للتدخل المبكر يقوم بتنفيذه عدد من الاختصاصيين بالمركز. وينصح الاختصاصيون أسر أطفال متلازمة داون بضرورة التدخل التأهيلي المبكر لتحسين حالة أطفالهم ومتابعة علاجهم وتأهيلهم بشكل مستمر حتى يصبحوا عناصر فعالة بالمجتمع. وقد نجح برنامج التدخل المبكر بمركز تطوير الطفل في تأهيل الطفلة «هيا راشد النعيمي» ذات الخمسة أعوام وهي من أطفال متلازمة داون، وذلك بعد خضوعها لبرنامج متكامل من التأهيل والعلاج على أيدي فريق متخصص من ذوي الخبرة والكفاءة من العاملين بالمركز. وتقول خلود العجمي -والدة الطفلة «هيا»-: علمت بإصابة هيا بمتلازمة داون عقب ولادتها، وكانت تعاني من انتفاخ وانقلاب بجفن عينها اليسرى، ما استدعى إجراء عملية جراحية وفي تلك الأثناء أخبرني الأطباء بإصابتها بمتلازمة داون، وبعد نجاح العملية الجراحية بعشرة أيام تم تحويلها مباشرة من مستشفى النساء عند عمر الأربعة أشهر لبدء العلاج الطبيعي بمستشفى الرميلة، ثم تم تحويلها لمركز تطوير الطفل لبدء مرحلة التأهيل والتدريب». خلود العجمي: أطالب بدعم إضافي لتعليم الأطفال المصابين تعد تجربة هيا وأسرتها من التجارب الإيجابية التي تبعث الأمل لدى الأمهات اللاتي يعشن ظروفاً مماثلة؛ حيث تقول والدتها: «فور علمي بحالتها لم أحزن كونها من أطفال «داون» واتخذت قراراً على الفور بالحصول على إجازة تفرغ من عملي لمدة ثلاث سنوات لبدء مرحلة تأهيلها حتى تستطيع أن تحيا حياةً طبيعية بين أقرانها، وبفضل الله فإن هيا لا تعاني من أي مشاكل صحية أخرى مثل الكثير من حالات داون، وبدأت المتابعة ثلاثة أيام بالأسبوع في المركز وتلقت خلال فترة تأهيلها علاجا متكاملا (طبيعي، وظائفي ونطق وتخاطب وتربية خاصة) على أيدي فريق من أمهر الاختصاصيين بمركز تطوير الطفل الذين اهتموا بحالة هيا اهتماماً بالغاً، ولم يجدوا مللاً من مساعدتي والرد على استفساراتي الدائمة حتى الآن، وبدأت في اقتناء الكتب والبحث عبر الإنترنت لجمع كافة المعلومات حول متلازمة داون. وتستطرد والدة «هيا» قائلة: «عانيت كثيراً حتى التحقت ابنتي بالمدرسة، فعندما توجهت بها لتسجيلها بنفس مدرسة شقيقها الأكبر تم رفض الطلب دون رؤيتها أو تقييم حالتها، وعندما توجهت بها إلى مدارس ذوي الاحتياجات الخاصة تم رفضها؛ نظراً لأن حالتها طبيعية وإذا التحقت مع غيرها من حالات داون قد تتطور حالتها للأسوأ، ونصحني الاختصاصيين بالتقديم في المدارس العادية، فتوجهت للعديد من المدارس وللأسف تم رفض طلبي وتقدمت بشكاوى عديدة حتى تم قبولها حالياً بصفوف التمهيدي بإحدى الروضات المستقلة التابعة لوزارة التعليم بعد إقناعهم بضرورة دمجها مع أطفال طبيعيين، وتجد «هيا» الآن محبة كبيرة بين معلماتها؛ لذا أطالب بالمزيد من الدعم لتعليم أطفال متلازمة داون من خلال تزويد المدارس بمختصين مؤهلين للتعامل مع هذه الحالات، أو توفير مدارس أكاديمية متخصصة لهم وبدعم من الدولة، في ظل ارتفاع تكاليف المراكز الخاصة وعدم خضوع المدارس التي تهتم بأطفال متلازمة داون لنظام القسائم التعليمية الذي توفره الدولة لأبناء القطريين بالعديد من المدارس الخاصة، الأمر الذي يمثل عبئاً كبيراً على أولياء أمور هؤلاء الأطفال. وتوجهت والدة «هيا» بالشكر لمؤسسة حمد الطبية وكافة الاختصاصيين بمركز تطوير الطفل لما قدموه من رعاية صحية واهتمام بالغ بحالة ابنتها حتى وصولها لهذه المرحلة المتقدمة وتمكينها من العيش حياةً طبيعية بين أقرانها. أبو دواس: التدخل المبكر يحسن الحالات ومن جانبه أكد مروان أبو دواس، اختصاصي تربية خاصة ببرنامج التدخل المبكر بمركز تطوير الطفل أن حالة «هيا» تعد من الحالات المتطورة والقابلة للتعلم؛ فهي تعي وتدرك ما حولها شأنها شأن الأطفال الطبيعيين، وتخرج في الأماكن العامة وتشارك الأطفال في اللعب وتتعامل بشكل طبيعي مع أفراد عائلتها؛ حيث شهدت حالتها تطوراً سريعاً وملحوظاً مع التدخل المبكر والتدريب المستمر منذ كان عمرها أربعة أشهر، وأشاد بالتجربة الإيجابية لحالة «هيا» وأبويها اللذين لم يدخرا جهداً في مساعدة الاختصاصيين للوصول بها لهذه المرحلة المتقدمة من التأهيل والعلاج نظراً لتعاونهما الدائم وتطبيقهما لكافة التعليمات والتوجيهات. ونصح أبو دواس الأهالي بضرورة التدخل المبكر لتحسين حالة أطفالهم ذوي متلازمة داون ومتابعة علاجهم وتأهيلهم بشكل مستمر مع الاختصاصيين حتى يصبحوا عناصر فعالة بالمجتمع؛ فأطفال داون يعشقون الحياة ويحبون الآخرين ويسعدهم التقدير والاحترام.;
مشاركة :