بدأت المملكة المتحدة الاربعاء عملية تاريخية للخروج من الاتحاد الاوروبي بعد تسعة اشهر من استفتاء قسم المملكة وأضعف المشروع الاوروبي الذي تاسس في اعقاب الحرب العالمية الثانية.وسلم السفير البريطاني لدى الاتحاد الاوروبي تيم بارو رسالة الطلاق التي وقعتها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مساء الثلاثاء، لرئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك لتنطلق بذلك رسميا آلية الخروج من الاتحاد الاوروبي.وعلق توسك في تغريدة على الصورة التي خلدت لحظة توقيع الطلاق وستدخل التاريخ وتغير مصير المملكة، كاول بلد ينفصل عن الاتحاد بعد 44 عاما من زواج مزعج، "ما من سبب ليبدو وكأنه يوم سعيد في بروكسل أو لندن".واضاف مخاطبا المملكة المتحدة "نحن من الآن، نشتاق اليكم".ودعت ماي في الرسالة الى اجراء مفاوضات الخروج بالتزامن مع مفاوضات العلاقات التجارية المستقبلية بين الطرفين، رغم أن الاتحاد الاوروبي قال أنه لا يمكن مناقشة هذه العلاقات الا بعد التوصل الى اتفاق بشأن بريكست.وسرعان ما رفضت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل طلب ماي وقالت في برلين "يجب أن توضح المفاوضات أولا كيف سنفكك علاقتنا المتشابكة" مضيفة "فقط بعد معالجة هذه المسألة، يمكننا أن نبدأ الحديث عن علاقتنا المستقبلية، في وقت قريب بعد ذلك على ما آمل".كما دعت ميركل إلى مفاوضات "نزيهة وبناءة" مع بريطانيا.وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت الابيض شون سبايسر "نحترم رغبة الناخبين البريطانيين ومملكة فخامتها في اتخاذ خطوات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي".وأضاف "اذا كان مستقبل العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، نريد أن تظل المملكة المتحدة قائدا قويا في أوروبا".واعلنت ماي امام النواب البريطانيين ان "عملية الانفصال مسار يتم بناء على رغبة الشعب البريطاني، المملكة المتحدة ستغادر الاتحاد الاوروبي. انها لحظة تاريخية ولن تكون هناك عودة الى الوراء".واضافت "ان افضل ايامنا هي تلك القادمة" من اجل "بريطانيا عظمى عالمية فعلا" داعية البريطانيين الى "الوحدة" للحصول على "افضل اتفاق ممكن".وتابعت "سنعزز العلاقات التي توحد الامم الاربع للمملكة المتحدة" في وقت تهدد فيه التطلعات الاستقلالية لاسكتلندا والازمة السياسية في ايرلندا الشمالية وحدة المملكة.واضافت ماي ان مصير الثلاثة ملايين اوروبي المقيمين في المملكة المتحدة سيكون "اولوية" في المفاوضات المعقدة التي تبدأ في الاسابيع القادمة.بدوره قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان "لا عودة" عن الخروج من الاتحاد الاوروبي وانه "لا يمكن ان يستغرق اكثر" من سنتين.واضاف ان الخروج "سينتهي باتفاق تجاري بين المملكة المتحدة واوروبا، ونتمنى ان يكون افضل اتفاق تجاري ممكن، سواء لأوروبا او للمملكة المتحدة".وقال هولاند انه اذا كان بريكست "مؤلما على الصعيد العاطفي" للاوروبيين، فسيكون "مؤلما على الصعيد الاقتصادي" للبريطانيين.وبدا نايجل فاراج الزعيم السابق لحزب "يوكيب" المناهض لاوروبا واحد ابرز مهندسي الخروج من الاتحاد، مسرورا وقال "ان الاتحاد الاوروبي لن ينهض (من هذه الضربة). نحن اول المغادرين.هذا تاريخي. والآن نحن من يتولى زمام الامور". - "عراقيل منذ الان" - واشارت المتحدثة باسم ميركل الى انه "لا يجب ان ننسى ان المملكة المتحدة تبقى شريكا في الحلف الاطلسي وفي اوروبا".ونشرت الحكومة البريطانية مساء الثلاثاء صورة للحظة توقيع ماي على رسالة الطلاق بعيد تسليمها الى توسك. وتفتح الرسالة المفاوضات للتوصل الى اتفاق الخروج من الاتحاد التي يفترض ان تدوم سنتين.وفي 28 آذار/مارس 2019 تنفصل المملكة المتحدة عن الاتحاد الاوروبي اي بعد نحو ثلاث سنوات من استفتاء 23 حزيران/يونيو 2016 عندما ايد 52 بالمئة الخروج.ويقول محللون ان الجدول الزمني الموضوع يبدو طموحا اكثر من اللازم مشيرين الى تشابك الاواصر التي نسجت طوال اربعة عقود وبالنظر الى تعقيدات الملفات التي تشمل الجوانب المالية والتجارية اضافة الى الحدود والتعاون الامني والقضائي.وقالت ماي في رسالتها الى توسك انه على بروكسل ولندن "العمل بكد" للتوصل الى اتفاق.ورد المجلس الاوروبي ان الاتحاد "سيتصرف بشكل موحد ويحافظ على مصالحه" في عملية التفاوض.وترفض ماي ضمان حقوق نحو ثلاثة ملايين اوروبي يقيمون في بريطانيا بينما هدفها الاساسي يقوم على الحد من الهجرة القادمة من الاتحاد الاوروبي.وألمح الوزير المكلف ملف بريكست ديفيد ديفيس الاربعاء الى ان لندن لن تدفع الفاتورة التي سيقدمها الاتحاد الاوروبي او على الاقل لن تدفعها كاملة.وقال لهيئة الاذاعة البريطانية ان الحكومة "لا تعترف بالمبالغ الكبيرة جدا احيانا التي تروج في بروكسل".وقال مسؤول اوروبي كبير ان المفوضية الاوروبية قدرت قيمة الفاتورة بين 55 و60 مليار يورو.- بلا اسف -وإزاء هذه الخلافات ورغبة بروكسل في تاكيد ان المملكة المتحدة لا يمكنها الحصول على اتفاق افضل "خارج الاتحاد الاوروبي مما لو كانت في داخله" وذلك لتفادي انتقال عدوى الخروج الى دول اخرى، هناك مخاوف فعلية بعدم التوصل الى اتفاق بين الطرفين.وتؤكد ماي أنها لا تخشى هذا الاحتمال، قائلة "عدم التوصل الى اتفاق يظل افضل من توقيع اتفاق سيء". لكن الاوساط الاقتصادية ترى ان ذلك سيكون السيناريو الاسوأ بما ان نصف المبادلات التجارية لبريطانيا تتم مع الاتحاد الاوروبي.في الوقت الحالي، الاقتصاد البريطاني متين، فنمو اجمالي الناتج الداخلي ثابت عند 1,8 بالمئة في 2016، ويمكن ان يبلغ 2 بالمئة العام 2017.في اسكتلندا، وافق النواب الثلاثاء على اجراء استفتاء جديد حول الاستقلال بعد استفتاء اول في ايلول/سبتمبر 2014.وأعلنت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن ان "الظروف تغيرت مع بريكست"، مذكرة بان شعبها صوت بنسبة 62% لصالح البقاء في الاتحاد الاوروبي.لكن بحسب استطلاع لمعهد يوغوف نشر الاربعاء فان 44 بالمئة من البريطانيين الذين شملتهم العينة يقولون انهم لا ياسفون على الخروج من الاتحاد الاوروبي، مقابل 43 بالمئة ياسفون لذلك في حين قال 21 بالمئة انهم يريدون من الحكومة ان تتراجع عن هذا الأمر.
مشاركة :