من منا لا يتذكر قصة "الجميلة والوحش" منذ طفولته، التي أسرت الصغار والكبار على حد سواء في الثمانينيات وترجمت إلى فيلم رسوم متحركة في التسعينيات، واليوم في الألفية الثانية تم تحويلها إلى فيلم فانتازيا بتقنية ثلاثية الأبعاد، فمزج بين بساطة الحبكة التقليدية القديمة ومتطلبات الصورة الحديثة.«الجميلة والوحش» هي قصة خرافية تقليدية أوروبية، تم تناولها في أكثر من موضوع، ولكن يرجع أصلها إلى قصة الكاتب اللاتيني لوكيوس أبوليوس تحت عنوان كوبيدو والروح في كتابه الحمار الذهبي، والذي عرف أيضا بـ التحول. وتنتمي هذه القصة إلى أدب الأطفال وأدب الفنتازيا والأنيميشن.ويعود الفضل في إعادة إحياءها إلى عالم ديزني الذي أخذ المشاهد إلى تاريخ كامل من الذكريات، ودفعه بكل شوق وحنين إلى مشاهدة الفيلم، ضمن إطار استراتيجية ديزني لتحويل أفلام الرسوم المتحركة الكلاسيكية إلى النسخة السينمائية.البداية من العجوزبدأ الفيلم بمتسولة عجوز تقصد باب قصر أمير فرنسي شديد الوسامة، وهي تعاني الجوع والبرد، فيستقبلها الأمير بطريقة قاسية ويعبر عن مشاعره تجاه وجهها القبيح، فتقوم العجوز التي هي في الأساس ساحرة، بإلقاء لعنة عليه تحوله إلى وحش، وألقت سحرها أيضاً على خَدَمِه فحولتهم إلى مجموعة من الأواني المنزلية، لأنها أرادت أن تلقن الناس درساً أن الجمال الحقيقي ينبع من القلب ومن الروح وليس من الشكل، فوجد الأمير الوسيم نفسه أسير قصره لسنين عديدة، لأنه على قناعة بأن أي مخلوق على هذه الأرض لن يقبل النظر إلى وجهه الذي أصبح مخيفاً.لا تخلو هذه المشاهد من ضخامة في التصوير يشعر بها المشاهد، حيث استخدم المخرج بيل كوندون الكثير من المؤثرات البصرية التي تأسر العين مع إضافة التشويق من خلال تعابير الوحش الذي يلعب دوره الممثل دان ستيفنز.من هي «الجميلة»؟وبسلاسة استحوذ المخرج على عقل المشاهد وأخذ به إلى بطلة الفيلم بيل التي تلعب دورها الممثلة إيما واتسون، حيث كانت تغني في قرية فرنسية، يعتبرونها ويعتبرها أهل القرية غريبة لأنها تقضي معظم وقتها في قراءة الكتب، وتزداد غرابة القرية عندما ترفض بيل طلب أكثر الرجال وسامة لأنه مغرور واسمه جاستين يلعب دوره الممثل لوك ايفانز.كان والد بيل موريس الذي يلعب دوره الممثل كيفن كلاين منهمكاً في اختراعه الجديد لآلة تقطيع الخشب، فسافر يقصد المعارض التي تسهل عليه مهمته فأضاع طريقه، وأضاع حصانه، ووصل إلى قصر الوحش، وعندما يكتشف الوحش وجود موريس يستريح في قلعته من عناء السفر، يجُره إلى زنزانة رطبة، ويسجنه، تتنبه ابنته بيل إلى تأخره فتقرر البحث عنه، وتجد حصانه الذي يدلها على طريقه، وتلتقي وجهاً لوجه مع الوحش لتطلب منه أن يحرر والدها، فيشترط عليها أن تأتي اليه، لأنه يعلم أن خلاصه في يدها وتوافق بيل، وتجلس في القصر بدلا من والدها.مشاهد فكاهيةفي هذا الوقت بدأت المشاهد الفكاهية تتوالى، خاصة عندما قررت بيل التعايش مع مكونات القصر من فناجين وأباريق ناطقة، لكن الفضول يجعلها تتسلل إلى الجناح الغربي الذي منعها منه الوحش، فتلتقي بالوحش الذي يستشيط غضبا منها ويطردها خارج القصر فتجري مذعورة والذئاب تلاحقها، ليحن قلب الوحش إليها ويذهب اليها وينقذها من الموت الذي كان محققاً لها، وتبدأ علاقة الألفة بينهما بعد أن تقترب منه، وتجده طيب القلب، مثقف ويقرأ الكتب، وبدأت تتودد إليه.قتل الوحشتشتاق بيل إلى والدها وتطلب من الوحش أن يريه إياها من خلال مرآته السحرية، فتجده تائهاً في الغابات يبحث عنها بعد أن هرب من جاستين خوفا من أن يضعه في مصحة عقلية، ويقوم الوحش، بعد أن وقع في غرام بيل، بمنحها حريتها لتذهب وتنقذ والدها. تجدُ بيل موريس وتعيده إلى القرية الصغيرة، لتفاجأ بوصول عربة لأخذه إلى المصحة العقلية، فيعرضُ جاستين على بيل إنقاذ والدها إذا وافقت على الزواج به، لكنها ترفض بقوة، لتثبت أن ادعاءات والدها عن وجود الوحش حقيقية، وتستعمل بيل المرآة السحرية لتُري القرويين صورة للوحش. يعتري القرويين الذعر والخوف، ويتهم جاستين بيل بـ«حب هذا الوحش»، فترد عليه قائلة «إنه ليس وحشاً، أنت الوحش!» فيقوم جاستين بتحريض القرويين على قتل الوحش.ينتصر الحبوبعد معارك شرسة بين الأواني المنزلية والقرويين يصل جاستن إلى الوحش ويحاول قتله، إلا أن عودة بيل أعادت الروح إلى قلب الوحش الذي أصبح يقاتل دفاعا عن نفسه ومن أجل بيل التي عادت إليه. وفي الختام ينتصر الحب ويعود الوحش أميراً وتصبح بيل زوجته، وينتهي الفيلم برسالة واضحة مفادها أن الجمال ليس جمال الوجه بل هو جمال الروح والأخلاق، والحب هو الذي سينتصر.نجاح رغم الجدلتربع فيلم الجميلة والوحش "بيوتي آند ذا بيست" على عرش إيرادات السينما الأمريكية بعد أن حقق في الافتتاح خلال عطلة الأسبوع إيرادات فاقت 170 مليون دولار محطما الرقم القياسي المسجل لشهر مارس. وتأتي هذه الإيرادات بحسب بعض النقاد بعد الضجة التي أثيرت حول منع الفيلم في بعض البلدان. تجدر الإشارة الى أن فيلم «الجميلة والوحش» الذي أنتج في أوائل التسعينيات فاز بجائزة أوسكار لأفضل موسيقى أصلية، وأفضل أغنية لألن مينكن وهاورد آشمان عن «الجميلة والوحش»، التي غنتها في الفيلم آنجيلا لوزبري الشهيرة، ونهاية الفيلم سيلين ديون وبيبو برايسون. كما رشحت أغنيتان أخريان لأفضل موسيقى، أغنية «كوني ضيفتنا» و «بيل»، جاعلاً منه أول فيلم رسومي يتسلم ثلاث جوائز أوسكار لأفضل أغنية، كما رشح الفيلم لجائزة أفضل صوت وأفضل فيلم، وهو الفيلم الرسومي الوحيد الذي رشح لجائزة أفضل فيلم.Image: category: ثقافة وفنونAuthor: أميرة حمادة من بيروتpublication date: الخميس, مارس 30, 2017 - 03:00
مشاركة :