"الجميلة والوحش" ليست مجرد أسطورة كما كنّا نظن

  • 8/29/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تقول الأسطورة إن أميراً حولته الساحرة لوحش دميم على أن يعود لحالته الطبيعية إذا ما تعلم الأمير كيف يحِب وكيف يُحَب. كان دائم الاستماع لهذه القصة من أمه قبل نومه كل ليلة طوال فترة طفولته، كان أيضاً يسأل نفسه دائماً: كيف لوحش يتحول مرة أخرى لأمير بفعل الحب؟ يظن أنها معجزة في زمن قد اختفت فيه المعجزات، كان يردد دائماً لنفسه أنها مجرد أسطورة من وحي الخيال، وأنه من المستحيل لذلك أن يحدث يوماً على الإطلاق. كبر الطفل حتى أصبح شاباً يافعاً وقد لاقى من الأهوال في تلك الحياة والتي كانت كفيلة بأن تغير ملامح قلبه حتى صدئ، وقد تمثل ذلك على وجهه بعد أن أصبح كالوحش الدميم بعد مخالطة كل هؤلاء الوحوش التي لاقاها، أصبح لا يستطيع إقناع مَن أمامه أنه كان أميراً يوماً ما أو أن ما بداخله قلب مغاير تماماً عما هو ظاهر، كلما حاول أن يقترب من فتاة طامعاً في حبها، نظرت لوجهه الدميم وشكله القبيح لتنفر منه، فهي لا ترى فقط غير قبحه الخارجي فقط، ليزداد قبحاً يوماً بعد يوم حتى يفقد الأمل بأن يجد تلك الفتاة التي تنظر لقلبه قبل شكله الدميم. ليعود ويتساءل من جديد هل لا بد من امرأة أحبها وتحبني؛ لكي تحدث المعجزة وأعود لحالتي الأصلية مرة أخرى كما قالت الأسطورة؟ دعونا نبحث ونفتش في الأثر: زرت مكة مؤخراً وتأملت كل ذلك الزحام وتلك الأنفُس التي تهوي من جميع بقاع الأرض وكل هذا العمار، أتأمل كل ذلك وأقول في سريرتي ما كان لذلك أن يحدث إلا بسبب امرأة آمنت بزوجها يوماً وامتثلت لأمره بأن تمكث هي ورضيعها في وادٍ غير ذي زرع، أعود لأسأل نفسي مرة أخرى، ماذا لو لم تؤمن وتصدق زوجها، أظن الإجابة القاطعة أنه ما كان لبئر زمزم أن تنفجر ولظل هذا الوادي قفراً، ولن تطؤه قدم حتى تقوم الساعة! ماذا لو عاد رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى بيته بعد نزول جبريل -عليه السلام- لأول مرة عليه في غار حراء، ولم يجد من يُزمله ويهدئ من روعه، كيف له أن يعلم أنه رسول الله للعالمين إلا بزوجة تأخذه إلى ابن عمها ورقة بن نوفل ليبشره بأنه نبي هذا الزمان، ويؤكد له أن "هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى"، أظن ما كان لذلك أن يحدث إلا بوجود امرأة آمنت بِه وصدقته قبل أن يعلم أنه رسول الله بُعث رحمة للعالمين. ما كان لنبي الله يوسف أن يدخل السجن ويلتقي بالفتيين، حيث كان أحدهما سبباً بأن يصل للملك، ويصبح أميناً على خزائن مصر، ويجمع الله بينه وبين أبويه وإخوته من جديد، إلا بسبب امرأة وشت عليه يوماً ما، وكانت سبباً في سجنه، أظنه كان سبباً في ظاهره شر، ولكن باطنه كان عين الرحمة ليوسف وأبيه. ما كان لنبي الله موسى أن يبقى على قيد الحياة إلا بسبب امرأة ألقته في اليم، وامرأة حننت قلب فرعون عليه، وامرأة أخرى أرشدتهم على أمه؛ ليعود إليها وترضعه، وتقر عينها منه، وما كان له أيضاً أن يسير إلى الوادي المقدس طوى إلا بوجود زوجة طلبت منه جذوة من نار، فذهب ليحضر لها قبساً منها فعاد لها نبياً بمعجزتين! السر يكمن في امرأة تؤمن بك وبمعجزتك، قبل أن تكتشف يوماً ما أنها بداخلك، حاسة سادسة تستشعر بها أن هناك شخصاً آخر سجيناً بداخل ذلك الوحش الذي تراه أمامها، لتحرره من قيودك بعد أن تُرزق حبها، السر في امرأة يضعها الله في طريقك. تُفجر المعجزة التي بداخلك والتي لولاها لم يكن لك أن تكتشف أنك تمتلكها، أظنها الوحيدة التي تستحق أن ترافقك الطريق لتهتدي بنورها حتى نهايته. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :