لبنان: احتدام «سباق التمديد» للبرلمان - خارجيات

  • 4/1/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

مع دخول شهر ابريل، ينطلق في بيروت سباقٌ محتدم حول مَن يُمسك بـ «أوراق القوة» الرئيسية التي تتيح لحامِلها موقعاً تفاوُضياً متقدّماً في ملف قانون الانتخاب الذي يبدو واضحاً ان مساره منفصل بالكامل عن المجريات الإيجابية لـ قمة عمّان التي سكبتْ «مياهاً باردة» على علاقات لبنان العربية وحسَمتْ المكانة الاستثنائية لرئيس الحكومة سعد الحريري في السعودية.وفي موازاة «التقاط الأنفاس» الذي ساد بيروت غداة مرورِ «قطوع» القمة العربية، فإنّ «حبْس الأنفاس» يشتدّ مع اقتراب تاريخ 17 ابريل الذي اعتُبر مفصلياً لجهة تحديد مصير ورقة التمديد للبرلمان التي يتم التعاطي معها من زاويتيْن:الأولى من الثنائي الشيعي رئيس البرلمان نبيه بري و«حزب الله» خصوصاً الذي يقارب التمديد - بمعزل عن إقرار قانون جديد - على انه «سلاح احتياط» لضمان عدم الوقوع في الفراغ في مجلس النواب (تعود رئاسته الى الطائفة الشيعية) الذي تنتهي ولايته في 20 يونيو، ولتكريس أفضلية تَفاوُضية للوصول الى قانونٍ على أساس النسبية الكاملة التي يريدها، كسقفٍ أعلى «مستحيل»، على اساس لبنان دائرة واحدة، او وفق دوائر موسّعة صارت بمثابة عنوان «المرونة الممكنة».والزاوية الثانية من الثنائي المسيحي «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) و«القوات اللبنانية» الذي يسعى بكل قوّة لإنجاز قانون جديد في الأسبوعين المقبلين على أساس صيغة المختلط التي كان قدّمها رئيس «التيار الحر» وزير الخارجية جبران باسيل وتجمع بين الاقتراع النسبي (الوطني) على قاعدة المحافظات الخمس التاريخية والأكثري ضمن 14 دائرة على ان يكون الاقتراع فيها طائفياً (كل طائفة تنتخب نوابها)، وذلك تفادياً لمساريْن أحلاهما مُرّ: التمديد الذي يلوح في الأفق تحت عنوان «الفراغ ممنوع» ومن شأن حصوله ان يُفقد هذا الثنائي، الرافِض لمبدأ النسبية الكاملة، عامل ضغط لبلوغ «المختلط». والمسار الثاني عرْقلة التمديد سواء من خلال المقاطعة المسيحية لأي جلسة في هذا الاتجاه او ممارسة رئيس الجمهورية حقّه في ردّ قانون التمديد (خلال شهر) ثم الطعن به امام المجلس الدستوري اذا عاود البرلمان الإصرار عليه. ذلك أن في نهاية هذا «النفق»، الى جانب نقْله البلاد الى ضفة أزمة كبرى تهزّ مرتكزات التسوية السياسية، إمكان إعادة «الحياة» الى قانون «الستين» النافذ حالياً والذي «دفنه» رئيس الجمهورية من خلال «قتْل» المهل التي نص عليها لدعوة الهيئات الناخبة لإجراء الانتخابات على أساسه، باعتبار انه اذا انتهتْ ولاية البرلمان قبل التوصل الى قانون جديد تسقط أي امكانية لمجلس النواب للتشريع ولا يعود من مخرج للفراغ سوى «الستين».ومن هنا، ورغم رفْض «التيار الحرّ» حتى الساعة التسليم بـ «وفاة» طرْح الوزير باسيل المختلط، فإن «الفيتوات» المباشرة على بعض جوانبه الرئيسية من الثنائي الشيعي، ناهيك عن قفْز «حزب الله» فوقه بعد اجتماع كتلته البرلمانية اول من امس مؤكداً «ان النسبية الكاملة هي الصيغة التي تستجيب لمندرجات الدستور ووثيقة الوفاق الوطني وتمنح فرصاً متساوية امام جميع المكونات خصوصاً مع التزام المناصفة»، تعني في شكل لا لبس فيه ان «المختلط» لن يمرّ وان «معركة النسبية الكاملة» للحزب توازي صراعات سبق ان خاضها تحت عناوين أخرى في مراحل سابقة، فإما ينتزع هذه النسبية ويتقدّم على صعيد الإمساك بزمام الإمرة داخلياً وإما يكون هذا العنوان مبرراً لإرجاء الاستحقاق النيابي وهو ما ترى أوساط سياسية ان «حزب الله» المنهمك في ساحات الصراع الكبير في المنطقة ربما يفضّله حالياً.وبحسب وقائع الأيام الأخيرة، فإن كلام «التيار الحر» عن اتجاهٍ لنقل قانون الانتخاب الى عهدة مجلس الوزراء وبتّه «بالتصويت» يعكس مسعى ضاغطاً في سياق شدّ الحبال الذي لم يعد مكتوماً بين «التيار الحر» وحليفه «حزب الله»، وسط اقتناع أوساط مطلعة ان ملفاً بدقّة ومحورية قانون الانتخاب لم تتم مقاربته يوماً من زاوية «نصاب عددي» بل نصاب توافق سياسي، ما يجعل اي نقل لهذه «الكرة» الى ملعب التصويت سواء في الحكومة او البرلمان محكومة بالتجارب السابقة ولن تمنع انطلاق «قطار التمديد» الذي يريد الثنائي الشيعي بتّه قبل انتهاء الدورة العادية للبرلمان أواخر مايو كي لا ينتقل «مفتاح» التحكم بمسار التمديد الى يد رئيس الجمهورية من بوابة الحاجة الى توقيعه على اي مرسوم لفتح دورة استثنائية.وفي حين سيغيب رئيس الحكومة الأسبوع المقبل اياماً عدة في زياراتٍ لكل من باريس حيث يلتقي الاثنين الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي سيمنحه وساماً فرنسياً قبل ان يتوجّه الثلاثاء إلى برلين للقاء المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، على ان ينتقل الأربعاء إلى بروكسيل ليترأس وفد لبنان إلى مؤتمر الدول المانحة للنازحين السوريين، فإن جدول سفر الحريري كما وجود الوزير باسيل خارج لبنان سيعني ترْك احتدام لعبة «عضّ الأصابع» في قانون الانتخاب الى ربع «الساعة الأخير».

مشاركة :