تساءلت مجلة نيوزويك الأميركية عن السبب الذي يدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن لتحمل تكاليف حرب سرية في أوكرانيا، رغم تأثيرها السلبي على الاقتصاد الروسي وعزلها روسيا على الساحة الدولة، وتسببها في تقوية حلف الناتو من جديد، ووضع موسكو في مواجهة متصاعدة مع الغرب يقول الواقع إنها لا يمكن أن تنتصر فيها.وأضافت المجلة أنه في أبريل الحالي ستحل الذكرى الثالثة لحرب روسيا في أوكرانيا، التي لا يبدو أنها تهدأ، والتي تسببت في حصد حياة 10 آلاف أوكراني، ودمرت أوكرانيا بطرق لن تتضح إلا بعد عقود، خاصة أن موسكو يبدو أنها تصعد. تقول المجلة إن النظرة الأولى على إصرار بوتن على خوض صراع في أوكرانيا تشير إلى خلوها من أي منطق، ففي النهاية فشلت محاولة بوتن في تقسيم أوكرانيا بشكل واضح، خاصة في صيف عام 2014 عندما لم تندلع انتفاضة شعبية مؤيدة للتدخل الروسي في شرق وجنوب أوكرانيا كما توقع الساسة الروس. وأوضحت المجلة أنه بعد فشل محاولات بوتن توقع مراقبون أن تحاول موسكو حفظ ماء الوجه وتتفاوض لإنهاء الصراع، لكنها بدلاً من ذلك أطالت أمده، أملاً في انهيار أوكرانيا أو فقدان الغرب اهتمامه بمصالحه هناك. وأضافت أن إصرار الغرب على مساعدة أوكرانيا، رغم ما به من أزمات كخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخاب ترمب رئيساً لأميركا، كان من المفترض أن يدفع بوتن لحل دبلوماسي لصراع مع كييف، لكن بوتن سار في اتجاه معاكس، وصار الوضع في أوكرانيا صراعاً جامداً يضع الغرب وروسيا في مواجه طويلة الأمد. ولفتت نيوزويك إلى أن بوتن لا يريد لأوكرانيا أن تكون مستقلة كلية عن روسيا، وأن أكثر ما يخشاه الساسة الروس هو تحول أوكرانيا إلى نظام ديمقراطي على النسق الأوروبي، ويخشون من أن نجاح ثورة أوكرانيا سيتسبب باندلاع ثورة مشابهة في روسيا تطيح بنظام الأسد. وتابعت المجلة القول إن نظام بوتن حافظ على رواية مفادها أن نظاما ديمقراطيا على الطراز الأوروبي هو نظام غريب على الشعب الروسي، ولذلك فإن نشوء نظام ديمقراطي مزدهر في أوكرانيا سيضعف تلك الرواية ولن يصبح بإمكان بوتن استخدام المزيد من الأعذار لعدم فتح بلاده أمام الديمقراطية. وأكدت المجلة أن بوتن يدرك جيداً تداعيات قصة نجاح أوكرانيا، وأن موسكو تدرك أنها صارت أسيرة لصراع بدأته لكنها لا تستطيع الانتصار فيه، وعوضا عن ذلك فإن بوتن يخوض حرب استنزاف يخسر فيها الجميع. وتوقعت المجلة أن تهوي روسيا إلى مزيد من الحكم السلطوي وستسعى لإضعاف المؤسسات الغربية ومواصلة إبقاء أوكرانيا غير مستقرة قدر الإمكان. ودعت المجلة الغرب، إذا ما كان يريد إنهاء تلك الورطة، إلى زيادة الدعم العسكري والدبلوماسي والمالي لأوكرانيا. وختمت المجلة بالقول إن بوتن ليس شريكاً عقلانياً يسعى لحل تفاوضي، لكنه ديكتاتور يسعى لخسارة جميع الأطراف، ويدرك أنه أسير لحرب يعتمد مستقبلها على فشل أعدائه، وإذا لم يواجه بعزيمة قوية من قوى العالم الديمقراطي فإنه سيواصل الصراع حتى آخر يوم من حياته.;
مشاركة :