أحكمت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، ذات الغالبية الكردية، المدعومة من الولايات المتحدة، حصارها، أمس، على مدينة الطبقة وسد الفرات، في الريف الغربي لمحافظة الرقة، إلى الغرب من مدينة الرقة، عاصمة المحافظة والمعقل الرئيسي لتنظيم داعش في سوريا. وتحقق لها ذلك غداة سيطرتها على قرية الصفصاف، الواقعة على بعد 6 كيلومترات شرق مدينة الطبقة. واعتبر قيادي في ميليشيا «قسد» أن حصار الطبقة «يسهّل الانقضاض على هذه المدينة، ويفتح الطريق أمام تحرير سد الفرات بالأسلحة الخفيفة، ويعدّ الخطوة الأهم على طريق معركة الرقة التي باتت مسألة وقت». الجانب الكردي أبدى ارتياحه لسير العمليات على الأرض، حيث أعلن قائد عسكري في الميليشيا التي تتألف بغالبيتها من تشكيلات كردية مسلحة، أبرزها الجناح العسكري لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي (pyd)، إن قواته «سيطرت بشكل كامل على قرية الصفصاف، صباح اليوم (أمس) الجمعة، بعد معارك مع تنظيم داعش الذي انسحب باتجاه بلدة المنصورة ومزرعة الصفصاف». وذكر القائد - الذي طلب تحاشي ذكر اسمه - في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ.) أن الطبقة «أصبحت محاصرة بشكل كامل بعد سيطرتنا، وبقي أمام عناصر (داعش) طريق موازٍ لنهر الفرات، يمر من مزرعة الصفصاف، لكنه يقع تحت مرمى نيران قواتنا». من جهته، رأى المستشار السياسي لـ«قسد»، ناصر الحاج منصور، أن حصار الطبقة سيزيد الضغط على مقاتلي «داعش» المتحصنين في محيط سدّ الفرات، ويسهّل تحرير السدّ بالأسلحة الخفيفة، من دون الحاجة لاستخدام الأسلحة الثقيلة، وتعريض السدّ لخطر الانهيار. وشدّد الحاج منصور، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «حصار الطبقة هو جزء من المعركة الكبرى، أي معركة تحرير الرقة، التي شارفت الاستعدادات العسكرية واللوجيستية لانطلاقتها»، وأضاف: «نحن الآن في مرحلة الحشد العسكري والتسليحي، وجمع المعلومات الاستخباراتية، بعدما باتت الرقة مطوّقة إلى حد كبير»، مدعياً أن «عدداً كبيراً من قادة التنظيم الإرهابي وعائلاتهم بدأوا مغادرة الرقة، باتجاه الصحراء أو باتجاه دير الزور». هذا، وكثفت أمس طائرات التحالف الدولي، بقيادة واشنطن، قصفها على بلدات وقرى تقع إلى الغرب من مدينة الرقة، وتركّز القصف على مدينة الطبقة وبلدتي المنصورة وهنيدة ومزرعة تقع شرق الطبقة، ومزرعة تشرين شمال سدّ الفرات. وتراهن الميليشيا الكردية، الساعية لإقامة سوريا فيدرالية، على الدعم المطلق الذي تقدمه لها قوات التحالف الدولي. وفي هذا السياق، كشف الحاج منصور عن «جهوزية كبيرة لطائرات التحالف المتأهبة لتأمين التغطية الجوية للهجوم البري على الرقة»، واستطرد: «لا شك أن الأسطول الجوي الأميركي سيكون ركيزة أساسية في هذه المعركة، ولعلّ الإنزال الذي نفذته القوات الأميركية قبل أيام هو دليل على أن معركة الرقة باتت مسألة وقت». في هذه الأثناء، أبلغت روجدا فلات، القيادية في ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تشكل العمود الفقري لـ«قسد»، وكالة «رويترز»، أن «عملية انتزاع السيطرة على مدينة الرقة السورية من تنظيم داعش ستستغرق شهوراً»، وهو إطار زمني أطول مما سبق وحددته الميليشيا التي تعتمد عليها واشنطن في الحملة العسكرية الراهنة. وأوضحت فلات أن عمليات السيطرة على السد تعقدت بسبب الألغام التي زرعها «داعش»، وتهديداته بتدمير السد، وأضافت: «جرى وضع خطط بديلة للسيطرة عليه، وستتمكن قواتنا من إتمام هذه المهمة خلال الأيام القليلة المقبلة (...) فدعم التحالف (الدولي) أفضل بكثير في هذه المرحلة». المسؤولة الكردية قالت إن «موعد بدء الهجوم النهائي على الرقة قد يختلف قليلاً عن الموعد الذي سبق أن حدد في أوائل أبريل (نيسان) الحالي»، مضيفة: «إجمالاً، الحملة على المدينة (الرقة) ستبدأ في أبريل، وإن لم تكن في بداية الشهر، فإنها ستكون في منتصفه (...) لكنني أعتقد أن الحملة (على الرقة) ستطول عدة أشهر لأنها تتطلب منا السيطرة بشكل كامل على الطبقة أولاً، وتنظيم مخططات الحملة بشكل جيد، وإخراج المدنيين من المدينة».
مشاركة :