خراب الرواية بقلم: علي لفته سعيد

  • 4/1/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الرواية العراقية تسجل حضورها الكمي والنوعي أيضا، حتى تلك الروايات التي تحمل سمات الخراب معها، لأن كاتبها يكفي أنه ترك ملذات الحياة لينتج رواية.العرب علي لفته سعيد [نُشر في 2017/04/01، العدد: 10589، ص(15)] كثر الحديث عن الرواية العراقية مثلما كثرت محاولات تصنيفها وزادت معها حدة الهجوم على كتابها والتندر بنقادها إن قالوا رأيا حتى لو كان مخالفا أو فيه قسوة لكنه على الأقل رأي ربما في طرحه القاسي يمكّن من الإجابة لإضاءة الجمال. وهذه الآراء طرحتها عدد من المقالات لهذا الناقد أو ذاك مثلما صارت هناك استطلاعات رأي للأدباء فضلا عن مقالات وآراء شخصية لهذا الروائي أو ذاك، وجميعها تحاول الإجابة عن سؤال واحدٍ ربما يتشعب قليلا لكنه ينحصر في تلك البقعة: هل هناك خراب في الرواية العراقية وإن ليست لها ملامح وكتابها غير واعين بما يكتبون؟ إن الحديث عن عدم وجود رواية عراقية لا يعني الاستهانة بها مثلما لا يعد قولاً مقبولاً في تسارع التقنيات التي تحاصر الكاتب ذاته، لأنه أي المنتج الروائي، لا يكتب له أو للناقد فقط، بل للمتلقّي المحاصر بكل التقنيات الحديثة التي وصلت إلى تحوّل العالم إلى مربعٍ متري واحد أو أقل من ذلك بكثير إذا ما كان تواجده أمام اللابتوب، وهذا المتلقي بحاجة إلى من يعيده إلى واقعه ليهدأ من لهاثه اليومي ولن يجده إلّا من خلال الأدب والرواية التي نجدها قد سحبت البساط من تحت جميع الأجناس الأدبية الأخرى لأن فيها ما يجعل عقل المتلقّي منفتحا على تقبل الخيال الذي يضيف له واقعا جديدا، لم يره ولم يطلع عليه، كما يجعله قادرا على التفاعل معه والحديث مع نفسه والتفكير المستمر في أن ما يقرأه هو العالم الفني الذي يبحث عنه، خاصة مع تراجع السينما إنتاجا وإمكانيات. إن الرأي الذي يؤكد على خراب الرواية وأن لا تأريخ لها قاسٍ جدا، لأن الرواية ليست مسكنا للإيجار لكي يتم التعامل معها على عدد الذين يسكنون فيها، ولا هي بسوق يمكن أن يختار أي واحد ما يمكن أن يراه نيابة عن الكاتب، بل هي عالم رحب، وربما هي الأكثر تعقيداً من كل الأجناس الأدبية الأخرى بما فيها الفن الصعب. إن الحكم القاسي لا يعني أنه غير مبرّر، ولكنه قابل للنقاش والرد عليه بروحٍ روائية ونقدية أيضا. وإن مقولة “إن الخراب الذي يعم أو يكاد معظم النتاج الروائي العراقي الراهن الذي يتمثل، من بين مظاهر عديدة، بالإنشائية والسطحية والتبسيط الذي في غير موضعه والتسرع والإسفاف والترهل والعبث والاستخفاف بحرفة الأدب وتعمد تجهيل القارئ والحط من شأنه” هي قول لا يكون صحيحا، ولا يكون خطأ فالقلة القليلة كأنها من أصحاب التجديد الذين لا يعرف من هم، ولا كم عددهم. ثم هل كان الرأي هذا مبنيا على اطلاع كامل على المنتج الروائي؟ هذا السؤال يعيدنا إلى الجملة القاسية التي تحمل صحة ولادتها. وإن كان هناك خراب لكل هذا النتاج الروائي فإن النقاد هم من أسسوا وساعدوا على طفح الخراب قبل غيرهم. وقد قرأنا روايات تساهم في الخراب وهي لأسماء كبيرة يجملها النقد. من جهة أخرى ما طرح من رأي لأكاديمي هو حسن سرحان، يحتاج إلى توقف عند العديد من النواحي، أولاها أنه رأي مختص وأكاديمي ربما اطلع على نسبة كبيرة من النتاج الروائي. وثانيتها أنه رأي يحتكم إلى عملية نقدية علمية، انبثقت من اطلاعه على التجارب العالمية التي أنتجت له مخيالا نقديا مثلما أنتجت له علمية نقدية. وثالثتها أنه رأي يحتاج إلى رد عقلاني، وليس تهكميا أو انتقاصا من كاتبه لأنه لم يشتم الروائيين ولم يسكب نفطا أسود على الحروف. ورابعتها أن الرأي ذاته يحتاج إلى رؤية أخرى يمكن من خلال النقاش والحوار العقلاني العلمي أن تؤدي إلى تفتيت هذه القسوة وتجعلها باحثة عن أمل في وجود رواية عراقية لها هويتها. الرواية العراقية تسجل حضورها الكمي والنوعي أيضا، حتى تلك الروايات التي تحمل سمات الخراب معها، لأن كاتبها يكفي أنه ترك ملذات الحياة لينتج رواية. ومثل هذه الروايات يمكن لنا أن نشيد ونحدد منها الروايات الجيدة التي تكتسب أهميتها باكتمال فعل إدارتها وتكوينها. كاتب عراقيعلي لفته سعيد

مشاركة :