النص المنتج في الداخل أو الخارج هو نص أدبي لا يجب إخضاعه إلى عناصر المكان على الرغم من أن الأديب في الخارج تتاح له حرية الكتابة مثلما تتاح له حرية الزمن للكتابة.العرب علي لفته سعيد [نُشر في 2017/04/02، العدد: 10590، ص(15)] لم يستقر تعريف النصّ الأدبي على شكلٍ محدّدٍ أو مفهومٍ واحدٍ أو يكون هناك اتّفاقٌ جامعٌ على صيغةٍ معينّةٍ. فما زال هذا النصّ في تسميته خاضعاً لمنتجه ذاته حين يصنّف ما يكتبه على أنه نصٌ روائيٌّ أم شعريٌّ أم نقدٌ أم عمودٌ صحافيٌ أم أيّ شكلٍ من أشكال الكتابة وهو أيضا خاضعٌ لتطوّر النصّ. لذا تبدو ملاحقة النصّ العراقي بما صار يطرح نصّ الخارج أو نصّ الداخل وتطوّره، سواء من كتبه أدباء الداخل أو الخارج وهو موضوعٌ هامٌ جدا يفضي إلى سؤالٍ مفاده: من يكتب النصّ وما هو النصّ وما معناه ومدى جدّيته؟ وهل هناك نصوصٌ جديدةٌ في الساحة الثقافية أم أنها أرضٌ جدبةٌ لم تجد في أقلام النقاد ما يمكن أن يحفزّهم على التأشير لهذا النصّ الأدبي، أم أن الولادات الجديدة لكتّاب النصوص هي محطّ صراعٍ داخل شبكة لا تستقر على حالٍ ولا تصيد ثميناً من النصوص؟ وهل أن هناك امتيازات لهذا النصّ عن ذاك في الإنتاج المكاني الذي يفضي إليه تواجد المنتج في لحظة الإنتاج؟ ثم من يحدّد هوية النصوص باعتبارها نصّاً يمتلك هويةً أو أنه لم يزل يعاني من عوامل التقوقع؟ أو أنه مصاب بشللية المكان ولم يغادره في حين أنّ النصّ المنتج في الخارج تعافى وأصبح قادراً على ترك الأثر لأنه نصٌّ امتلك أدوات التأثير بالمعارف الأخرى التي ظلّت بعيدة عن نص الداخل؟ إن هذه الأسئلة تحتاج من النقاد إلى ملاحقة المنجز أولاً لكي تكون الإجابة متوافقةً ومقاربةً ومقترّبةً مع أهمية الأسئلة وماهيتها وموضوعيتها، لأن الإجابة لا ترتبط بعنونةٍ مهمةٍ بقدر عنونتها بالنص الأدبي وتطوّره. والتطوّر يعني استمرارية الإنتاج وليس البقاء على ذات الأسماء وذات الكتابات القديمة. لذا فإن الإجابة تقبع في النصّ المتابَع الجديد وليس النصّ المتابِع من قبل. وليس من المعقول أن يستمر الناقد الذي يؤلّف كتباً نقدية ويشارك في مؤتمرات داخل وخارج العراق يتناول النصوص الأدبية لذات الأسماء، وكأن لا آخرين يكتبون. وإن اشتراطات القول إن هذا النصّ مكتفٍ بمقوماته ومقبولٌ في تأثيراته هو النصّ الذي يكتبه أديب الداخل أو أديب الخارج. وهذا أمر يحمل غرابته بكل تأكيد ويصنع جدراناً وحواجزَ عالية وسميكة من الأثر والتأثير والتلاحق والتواصل والديمومة والانفعال. إن الأمر بكل تأكيد يحتاج إلى الملاحقة النقدية الجادّة التي تصنّف ضمن مفاهيم النصّ لأن المقال أو الدراسة النقدية هي بالضرورة نصّ إنتاجيٌّ خاضعٌ لكلّ مقوّمات الإبداع، وهي الكفيلة بالتحوّل من انكماش النصّ على أسماءِ سابقين إلى نتاجٍ جديدٍ وهي الكفيلة بتقليص الفجوة بين الداخل والخارج وتجيب على أسئلة هكذا نوع من التفارق والابتعاد، رغم أن الروح هي ذاتها التي يحملها وأقصد بها الذاكرة والمخيلة. ورغم أن الكثير من الكتابات الحالية التي غادرت الأسماء القديمة اعتمدت هي الأخرى على العلاقات في تناول النصّ الجديد ووضع مقاربات نقدية خاضعة لمبدأ العلاقات بين الطرفين منتج النصّ وناقده الذي هو يستخدم مقاربات نقدية أخرى أكثر قسوةٍ مع نصوصٍ منتجةٍ أخرى لمنتج نصٍّ لا يرتبط مع الناقد بعلاقة، أو أن النص الجديد قد يكون مهملاً في التناول النقدي لأن منتجه لا يتمتّع بعلاقاتٍ طيّبةٍ مع هذا الناقد أو ذاك. أعتقد أن على الناقد أن يكون قادراً على ملاحقة الأدب والنصّ الجديد بعيداً عن الأسماء والعلاقات والأمكنة سواء كان هذا النص كتبه منتح الخارج أو الداخل وأن النقد أساساً مسؤولٌ عن طرح هكذا مصطلحات أصبحت من المسلّم بها وأدت إلى حدوث صراعٍ نقدي واتهام هذا الطرف وذاك. إن النص المنتج في الداخل أو الخارج هو نص أدبي لا يجب إخضاعه إلى عناصر المكان على الرغم من أن الأديب في الخارج تتاح له حرية الكتابة مثلما تتاح له حرية الزمن للكتابة، وليس مثل أديب الداخل الذي يعاني من قلّة الأمن وقلّة الحرية واللهاث وراء لقمة العيش وما تبقى من زمن اليوم عليه أن يقرأ فيه وينتج ويلاحق توزيع كتابه الذي طبعه بماله لأن لا دار نشرٍ قادرةٌ على تسويق النتاج بصورة إعلامية جيدة. بل إن أديب الداخل هو الذي يروّج لنصّه والإعلان عنه في الصفحات أو حتى من خلال الشريط الإخباري لهذه القناة أو تلك، ولا تقام له الأماسي في هذه الجهة الثقافية أو تلك إلّا من كانت له علاقة مع أصحابها. كاتب من العراقعلي لفته سعيد
مشاركة :