حساسية «حمى القش».. حصاد تلوث البيئة

  • 4/2/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إذا كنت تعاني العطس المتواصل، والمتكرر، خلال فصل الربيع، أو عند استنشاق الأتربة على مدار العام، فمن الجائز أن تكون ممن يعانون نوعاً من أنواع الحساسية يسمى حمى القش، سميت بهذا الاسم لارتباطها بموسم جمع تبن القش، وهي حالة مرضية واسعة الانتشار في كثير من المجتمعات، ويعانيها الكثير من الأشخاص من دون معرفة سبل الوقاية والعلاج، وتحدث حمى القش عندما ينتج جسم الإنسان أجساماً مضادة استجابة لبعض المحفزات المتعددة والموجودة في البيئة المحيطة بنا، مثل حبوب اللقاح، والغبار والأتربة، والأدخنة، والجسيمات الصلبة الصغير، وتعد حمى القش من أنواع الحساسية التي تنتج عن مواد في البيئة الخارجية، وكان الطبيب العربي أبو بكر الرازي في القرن العاشر أول من وضع لها وصفاً دقيقاً، وفي عام 1859 تمكن تشارلز بلاك لاي من تحديد اللقاح كسبب لها، بينما تم اكتشاف الطريقة في عام 1906 بواسطة كليمنس فون بيركيه.غبار الطلع يطلق على حمى القش اسم حمى الكلأ، أو التهاب الأنف التحسسي، وتسبب هذه الحمي التهاباً في الأغشية المبطنة للأنف والحلق، كما تؤثر أيضاً في العينين بصورة ملحوظة، وهذه الحمى تنشأ عادة من جراء الحساسية تجاه غبار طلع الحشائش، والأشجار، والأزهار، والأعشاب، وهي حالة موسمية تتجلى أعراضها في فصلي الربيع، والصيف، وتختلف شدة الأعراض تبعاً لدرجة تحسس الجسم من هذه الأشياء، كما أن الشخص يتأثر بهذه الحساسية في أي عمر، فهي لا تقتصر على فئة معينة من الأعمار دون غيرها، ولكنها في الأغلب تكون أكثر انتشاراً لدى الأطفال، ومن الممكن أن تظهر أعراضها في سن البلوغ، وبحسب دراسة حديثة يعد الأشخاص المصابون بمرض حمى القش أكثر عرضة للمخاطر على الطرق إذا لم يصطحبوا معهم أدوية التغلب على الحساسية، نظراً لأن قدرتهم على القيادة من الجائز أن تتأثر سلباً بأعراض الحساسية بشكل يشبه وجود نسبة خمر في الدم تبلغ 0.5 في الألف، كما أن تركيز حبوب اللقاح في مقصورة السيارة يكون أعلى من معدل التركيز خارجها، لذلك يتعين على قائد السيارة استعمال فلتر حبوب اللقاح.الجيوب الأنفية والربو من المظاهر المعروفة التي يمكن أن تؤدي للإصابة بحمي القش، التهاب الجيوب الأنفية، وأيضاً الإصابة بمرض الربو، وكذلك التعرض لمواد تحفز التحسس في جسم الإنسان، كالغبار وطلع النباتات، وأكثر من 80٪ من الأشخاص الذين يعانون حمى القش يتحسسون من حبوب لقاح العشب، كما يمكن أن تسبب شجرة حبوب اللقاح حمى القش أيضاً، فنحو 25% ممن يعانون حمى القش يتحسسون من شجرة حبوب اللقاح، ويمكن أن تحفز جراثيم العفن، والحشائش، وحبوب اللقاح، الأعراض على هذه الحالة، لأن الجسم يعتبرها تهديداً خارجياً، وسبب ظهور أعراض حمى القش هو محاولة جهازك المناعي منع انتشار ما يعتقد عن طريق الخطأ أنه كائن ضار، ويختلف الطلع الذي يسبب حمى القش من شخص لآخر، ومن منطقة إلى أخرى، فكمية حبوب اللقاح في الهواء تؤثر في مدى سوء حمى القش، لكن الأرجح أنه سيكون هناك المزيد من حبوب اللقاح في الهواء في الأيام الحارة، والجافة، والعاصفة، عن الأيام الباردة والرطبة والممطرة، ويمكن لحبوب اللقاح أيضاً أن تعلق بالملابس، والشعر، وفراء الحيوانات الأليفة، ما يعني صعوبة تجنبها حتى في الداخل، كذلك من المواد التي تحفز التحسس بعض الروائح العطرية، وعث الغبار، واعتلال الجهاز المناعي في جسم الإنسان يلعب دوراً في الإصابة بحمي القش، كما تلعب الوراثة والجينات دوراً في وجود الحساسية، وتبين البحوث أن التلوث، مثل دخان السجائر، أو أبخرة عوادم السيارات أيضاً تزيد من بعض أنواع الحساسية وتجعلها أسوأ. تظهر في دقائق تحدث أعراض مرض حمى القش في المعتاد مباشرة بعد التعرض لمسببات الحساسية، حيث تظهر في كثير من الأحيان في غضون دقائق، وتشمل الأعراض العطس الشديد، والمتكرر، والسعال، وسيلان أو احتقان الأنف، وعادة ما يكون سائل الأنف نظيفاً، ويشعر المصاب بحكة في العيون مع نزول دموع، وانتفاخ في جفن العين، وحالة من الصعوبة في التنفس، مع صدور صفير من الصدر، ويمكن أن ترتفع حرارة الجسم (الحمى)، والشعور بزيادة ضغط الجيوب الأنفية مع آلام الوجه، كما تشمل الأعراض الأخرى حكة الأنف، والحلق أو سقف الفم، وانخفاض حاسة التذوق، أو الشم، مع حدوث تورم تحت العينين، وجفاف في الحلق يسبب انزعاجاً وقلقاً، وعطاس متكرر، وشعور عام بعدم الراحة والانفعال، والإصابة بالصداع الشديد، ويمكن أن تؤثر هذه الأعراض في النوم فلا يستطيع الشخص النوم بعمق، كما تقل قدرة المصاب على العمل، ويتشتت الانتباه ويفقد التلاميذ القدرة على التركيز في المدرسة، إلا أن هذه الأعراض تقل حدتها تدريجياً مع مرور الوقت، ولكن هذا التحسن غالباً ما يستغرق عشرات السنين.لا شفاء تاماً الشفاء الكلي والتام من حمى القش غالباً لا يحدث، وذلك بسبب رد الفعل المناعي الجاهز من قبل جسم الإنسان، وإنما يجب على المريض الالتزام بالقواعد والإرشادات الطبية المعمول بها، حتى يتجنب حدوث مزيد من المضاعفات، وأفضل علاج للحساسية هو تجنب التعرض لمسببات الحساسية، والعلاج الدوائي لحمى القش يكون بحسب شدة الأعراض، لذا يمكن أن يلجأ الطبيب لاستخدام أحد هذه العلاجات الدوائية، ومنها أولاً مضادات الهيستامين، وهي العلاج المعتاد للأعراض الرئيسية، مثل حكة العين، والدموع، وسيلان الأنف، وبعض هذه الأدوية من الجائز أن تسبب النعاس كنوع من الآثار الجانبية لها، ولذلك يفضل تناولها ليلاً قبل الخلود إلى النوم، وعدم تناولها أثناء قيادة السيارات، أو قبل الدخول إلى الامتحانات، أو قبل القيام بأي عمل مهم وضروري، ويحتاج إلى اليقظة والتركيز، وثانياً العقاقير الدوائية من مجموعة الستيرويد (الكورتيزون)، وهو العلاج الرئيسي لانسداد الأنف، وتكون إما موضعية في الأنف عن طريق بخاخ الأنف، وإما عن طريق الحقن في الحالات الشديدة، وثالثاً العقاقير الدوائية المزيلة للاحتقان، وهذه الأنواع لا تستخدم لأكثر من 5 أيام، لعدم حدوث أضرار جانبية، كما لا يستخدمها الأشخاص الذين يعانون حالات الضغط المرتفع، ورابعاً الأدرنالين الذي يصفه الطبيب المختص في حالات الحساسية الخطرة، كما يُوصى بالعلاج المناعي لتحفيز اعتياد الجسم على العوامل المُثيرة للتحسس، في حال عدم الاستجابة للعلاج الدوائي.إغلاق النوافذ والنظافة يمكن أن تساعد مجموعة من التدابير البسيطة في التخفيف من تأثيرات غبار الطلع في الربيع والصيف، وبالتالي الوقاية من حمى القش، مثل تجنب المناطق المملوءة بالحشائش الطويلة أو المناطق المجزوزة العشب، والبقاء داخل البيت قبل الظهر، وقبل حلول المساء، عندما يكون الجو مملوءاً بغبار الطلع، والتأكد من إغلاق النوافذ والأبواب جيداً، وعامة يفضل إبقاء النوافذ مغلقة ليلاً، وفي بداية الصباح، وارتداء النظارات الشمسية في الخارج لتخفيف تهيج العينين، ويفضل استخدام الفرشات الإسفنجية للتخفيف من نوبات الحساسية، لأن الوسائد والألحفة والملاءات المحشوة بالريش تثير العديد من الاضطرابات، والذين يعانون حساسية تجاه القطط ممنوع عليهم الاقتراب منها، ويجب أن يكون البيت خالياً قدر الاستطاعة من الغبار المنزلي، واستعمال الأرضيات الخشبية بدلاً من السجاد، وشماسي النوافذ بدلاً من الستائر، وتنظيف الفراش والسرير بانتظام لإزالة أي قشارة جلدية يمكن أن تشكل غذاء للعث المنزلي، وتجنب جز العشب، أو الجلوس في الحقول، أو مساحات واسعة من العشب، وغسل اليدين والوجه بانتظام، ووضع عائق للأنف داخل فتحتي الأنف فقط، مثل الفازلين لاعتراض بعض حبوب اللقاح.

مشاركة :