الطوب الاحمر.. مهنة شاقة تتعثر

  • 4/2/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الفيوم (مصر) - تراب مصري تمزجه أياد صقلتها معاناة شمس لافحة ونيران لاهبة، تدفع به إلى الأفران ليصير طوبا أحمر، لتشيد به المباني والعقارات، ويتكسب منه العمال البسطاء. و"الطوبجيه" و"القمائن" و"أفران الطين" كلها أسماء لأماكن صناعة الطوب في مدن وقرى مصر وهي واحدة من أعرق وأقدم المهن التي عرفها المصريون منذ عهد الفراعنة ويتوارثون أسرارها جيلا بعد جيل لاسيما المتعلق منها بانتقاء طين الأرض المناسب وكمية النار اللازمة رغم أن هذه المهنة تضر الأرض الزراعية ضرراً بالغاً. في إحدى قرى مركز الفيوم وسط مصر، على قطعة أرض واسعة تمتد لنحو 1000 متر مربع، 50 عاملا أعمارهم بين الثامنة عشرة والخمسين وبعض الأطفال دون الخامسة عشرة، يسعون بنشاط في مهنتهم البدائية التي تعد رافدًا أساسيًا لصناعة البناء. ملايين من قوالب الطوب الأحمر الشهير بمصر، متراصة فوق بعضها البعض في صورتها الأولية بعد تشكيلها من الطين. يلتقط العامل أحمد علاء (18 عامًا) بعضا من هذه القوالب، بسرعة عالية ومهارة كبيرة ليرتبها فوق عربة بدائية تجرها أحصنة وحمير إلى مرحلة أخرى. 5 أطفال لا يتجاوز عمر أكبرهم 15 عامًا، أنضجتهم حرارة الشمس، يقفون قرب الشاب أحمد، يتصببون عرقًا ويقودون الأحصنة والحمير، ينقلون العربات البدائية المعروفة في مصر باسم "الكارو"، المحملة بقوالب الطوب لحرقها داخل فرن حراري، أو لنقلها لتجف في الهواء الطلق. وقال أحمد حسين، مدير عمالة المصنع البدائي وصاحبه، إنه قام بتأجير قطعة أرض، وحوّلها لمصنع طوب منذ عام 2002، ويعمل لديه أكثر من 50 عاملًا في صناعة الطوب الأحمر. يتقاضى كلّ عامل منهم 10 جنيهات (نحو نصف دولار أميركي) على كل 1000 طوبة ينتجها أو ينقلها، حيث يحصل العامل يوميًا على ما يقرب من مائة جنيه (نحو 5 دولارات). وأوضح حسين، أنهم يستخدمون طين الطفلة، والرمال، في صناعة الطوب الأحمر، ويعتمدون على شرائها من كوم أوشيم بمدخل محافظة الفيوم (وسط) حيث يبلغ سعر متر الطفلة المكعب 25 جنيهًا مصريا (دولارًا ونصف دولار). وتمر صناعة الطوب الأحمر بخمس مراحل، وفق صاحب المصنع، وتبدأ بخلط الطفلة والرمال جيدًا، ثم يتم عجنهما معًا داخل صناديق كبيرة الحجم باستخدام ماكينات خاصة، قبل نقل الخليط ميكانيكيا إلى ماكينة التنعيم لخلط الطفلة والرمل مع بعضهم البعض وطحن الأجزاء الكبيرة. ويتم بعد ذلك نقل الخليط إلى "الطاحونة" (وهي عبارة عن حجرين أسطوانيين يدوران عكس بعضهما البعض) ليتم طحن الخليط جيدًا، ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي تشكيل وتكوين هيئة وقوام قالب الطوب المعروف على شكل متوازي مستطيلات. أمّا المرحلة الرابعة فهي نقل الطوب على العربات البدائية، ووضعه في صفوف طولية وعرضية مع مراعاة ترك مسافات بين القوالب حتى يتخللها الهواء لتجفيفها من المياه الموجودة بها والناتجة من عملية خلط الرمل والطفلة، وتغطى بغطاء من قش الأرز لحمايتها من أشعة الشمس حتى لا تتشقق ويترك ليجف في الشمس. وتستغرق تلك المرحلة وقتا يقرب من 40 يومًا في الشتاء، و20 يومًا في الصيف، وفق الصانع، أحمد حسين. وتابع أنه في المرحلة الأخيرة من التصنيع، يتم حرق الطوب في فرن (عبارة عن مبنى دائري ترص قوالب الطوب بداخله ثم يتم حرقه بمادة المازوت لمدة 36 ساعة) بعد ذلك يتم عرض الطوب للبيع. ويؤكد حسين أنّ حركة بيع وشراء الطوب، تأثرت كثيرًا بعد ثورة 25 يناير 2011، وأنها أصبحت تجارة خاسرة. كما يطالب العمال باستمرار بزيادة أجرهم اليومي. وافاد محمد عامر رئيس شعبة الحراريات بغرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية انه يتواجد في مصر اكثر من ألفي مصنع في صناعة الطوب.

مشاركة :