احتج لبنان جراء محاولة إسرائيل فرض سيادتها على منطقة متنازع عليها فى البحر الأبيض المتوسط، حيث تحاول الدولتان اجتذاب المستثمرين الأجانب للتنقيب عن النفط والغاز في هذه المنطقة. ويأتي هذا الخلاف حول الحدود البحرية في وقت يتصاعد التوتر بين إسرائيل و«حزب الله»، الجماعة المسلحة اللبنانية، ويمثل هذا الخلاف تذكيراً بالمخاطر الجيوسياسية الإقليمية، حيث إن كلاً من إسرائيل ولبنان - دولتان متعاديتان - تريدان تأمين استثمارات في الطاقة، تبلغ قيمتها مليارات الدولارات. تعدّ المناطق الجنوبية المتنازع عليها مع إسرائيل هي الأفضل التي توجد بها إمكانات هائلة من النفط والغاز. ويعود النزاع إلى سنوات قليلة ماضية، إلا أنه تفجر في الأيام الأخيرة، بعد أن كشفت الحكومة الاسرائيلية عن عزمها صياغة «قانون المناطق البحرية» الذي يقر سيادتها على المنطقة المتنازع عليها، والتي يدعي كل من البلدين أنها جزء من مياهه الإقليمية. ويقول مسؤولون إسرائيليون إنهم يسعون الى حل هذه الخلافات من خلال الحوار والوساطة، لكنهم بحاجة أيضاً الى تأكيد حقوقهم بعد قرار لبنان ضم الأراضي المتنازع عليها في جولة ما قبل التأهيل السابقة، لمستثمري الطاقة في العام الماضي. وتعد المناطق الجنوبية المتنازع عليها مع إسرائيل هي الأفضل التي يوجد بها إمكانات هائلة من النفط والغاز. ويقول وزير الطاقة الاسرائيلي يوفال شتاينتز، في مقابلة مع صحيفة «فايننشيال تايمز»: إن «الحكومة اللبنانية اقترحت إصدار بعض التراخيص التي تشمل ايضاً الأراضي المتنازع عليها»، ويعتقد أن لبنان يسعى لفرض سياسة الأمر الواقع، إذ لن يستطيع الطرف الآخر ـ وهو إسرائيل - بعد ذلك أن يفعل شيئاً. ويقلل شتاينتز من الصراع ويصفه بأنه «بسيط»، مشيراً إلى أن متوسط عرض الأراضي قيد المناقشة لا يتجاوز 7 كم. وقال شتاينتز: «إنني واثق تماماً بأنه في العام المقبل أو العامين المقبلين سيتم حله من خلال نوع من الحوار والوساطة». إلا أن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وصف المنطقة البحرية بأنها «مزارع شبعا البحرية» في إشارة الى أراضي «مزارع شبعا» المتنازع عليها بين البلدين، حيث اشتبكت القوات الإسرائيلية مع مقاتلي «حزب الله» بسبب تلك المناطق. وقال بري للصحافيين اللبنانيين الأسبوع الماضي: «إذا استمرت إسرائيل في مؤامرتها التوسعية من خلال الحكومة والكنيست، فإن ذلك يعني أن شرارة الحرب تلوح في الأفق»، ويضيف: «نحن من جانبنا في لبنان لن نكون هادئين ولن نقبل أي حل وسط حول حقوق شعبنا في هذه الموارد، التي لها درجة من القداسة لنا». وتقول إسرائيل إن الغرض من مشروع قانون المناطق البحرية قيد المناقشة هو «ترسيم المناطق البحرية المختلفة بوضوح، وإن القوانين الإسرائيلية التي يتم تطبيقها في هذا الصدد تتوافق مع القانون الدولي». ولم تدرج إسرائيل المنطقة المتنازع عليها في عملية المناقصة المستمرة للتنقيب عن البترول والغاز، التي بدأت في العام الماضي. وحاولت الولايات المتحدة التوصل الى حل بين الدولتين اللتين ليس بينهما علاقات دبلوماسية، ولا تتواصلان بشكل مباشر. ويقول النائب اللبناني محمد قباني: «إن الولايات المتحدة تحاول التدخل منذ سنوات عدة، ولكن دون أي نتيجة». ويضيف: «نريد أن تتدخل الامم المتحدة وتصنفها، نحن نريد خطاً أزرق في البحر تماماً مثلما لدينا خط أزرق على الأرض»، في إشارة إلى ترسيم الحدود بين البلدين. وقد سعى لبنان لاستقطاب المستثمرين وتقديم عطاءات خاصة باستكشاف النفط والغاز. وبعد انسحاب العديد من شركات الطاقة، أعاد المسؤولون اللبنانيون أخيراً فتح التأهيل المسبق، الذي أغلق في نهاية مارس. وقد أدى الاقتتال السياسي في هذه الدولة العربية إلى إثارة مخاوف المستثمرين. ويقول أحد رجال الأعمال في شركة إقليمية، إنه يعتقد أن النزاع يثبط عزيمة المستثمرين المحتملين في ما يتعلق بجولة العطاءات في لبنان. ويقول أحد المسؤولين التنفيذيين للطاقة إن «الأمر خطير للغاية، وهذا أحد الأسباب لعدم دخولنا في هذه العطاءات».
مشاركة :