الحليم بالإشارة يفهم

  • 5/5/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

.. أوردت جريدة «الاقتصادية» في 29 جمادى الأولى 1435هـ تفسير الحركة التي قام بها رئيس نادي النصر سمو الأمير فيصل بن تركي بن ناصر عندما وضع سبابته معقوفه على أنفه. قالت الاقتصادية على لسانه في حسابه الشخصي على موقع تويتر: «غصب على الظروف، غصب على الحظ، غصب على الكرة.. هذا ما عنيته بحركة أصبعي، واستغربت من أساء النية، يا ليت تصفون نواياكم، فعلى نياتكم ترزقون». لقد أحسن سمو الأمير فيصل بن تركي بن ناصر بالخروج على الناس بتوضيح ما يعنيه بهذه الحركة، وهي ــ من وجهة نظري ــ مجانبة للروح الرياضية.. لكن الرجل لم يتمالك مشاعره فاجترحها.. فجاء التفسير ليهدئ من مشاعر الطرف الآخر.. ولعلها فرصة للتذكير بضرورة الوضوح والإيضاح وأن نتجنب حوار الطرشان. وأذكر قصة صغيرة طريفة: أن أصمين اجتمعا فسأل الأصم الأول صاحبه: هل أنت ذاهب إلى البيت؟ فقال الأصم الثاني: لا يا أخي أنا ذاهب إلى البيت.. فقال الأول: تصدق حسبت أنك ذاهب إلى البيت! وقد قارن الأولون بين ضرر العمى وضرر الصمم فقالوا: إن الصمم أشد ضررا على الإنسان من العمى.. فإن الأعمى لا يرى ولكنه يسمع ويدرك ما يدور حوله، أما الأصم فكمثل الحجر الملقاة على قارعة الطريق.. لا يدري ولا يحس بما يدور في المجتمع من حوله. وقد شبه المثل المصري من لا يستمع أو لا يستجيب أو لا يتفاهم بالقول «ودن من طين وودن من عجين».. ولعل أصل المثل عربي فصيح، وهناك مثل آخر يقول «سمع الكلام من أذن وخرج من أذن أخرى»، ونحن نرى من يتفاهمون بلغة الإشارة .. لكن ما أدرانا إن كانوا فعلا يتفاهمون أم لا. وقد سئل الشيخ ابن سعدي ــ رحمه الله ــ وكان السائل أعمى.. قال: يا شيخ أباح الإسلام للخاطب النظر إلى مخطوبته.. ونحن ـــ المتضررين بالعمى ــ هل يجوز للواحد منا أن يلمس المخطوبة؟ فضحك الشيخ.. وأظنه قال لا يجوز. والخلاصة: أن علينا مراعاة مشاعر الآخرين، وقد كان الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ إذا رأى ما يكرهه من شخص ما قال: «ما بال أناس يفعلون كذا»، وكان التلميح كافيا دون حاجة للتصريح أو الإساءة إلى الآخرين، وكما قالوا: «إن الحليم بالإشارة يفهم». وقانا الله شر العمى والصمم.. وجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. السطر الأخير: سماعك بالمعيدي خير من أن تراه.

مشاركة :