شنت طائرات النظام السوري فجر أمس، غارات جوية بصواريخ محملة بغازات سامة على مدينة خان شيخون جنوب إدلب، ما أسفر عن مقتل 70 شخصاً اختناقاً بينهم 11 طفلاً وإصابة 200 آخرين. وسارعت فرنسا إلى مطالبة مجلس الأمن بعقد اجتماع طارئ إثر "الهجوم الكيميائي الجديد الخطير"، بعد ساعات من توجيه ائتلاف المعارضة السورية طلباً مماثلاً. كما حملت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي قوات النظام "المسؤولية الرئيسية" عن هذه الهجمات. وأحصى ائتلاف المعارضة السورية مقتل 70 شخصاً بينهم طفلاً وإصابة 200 آخرين، مشيراً إلى أن القصف استخدم صواريخ محملة بغازات كيميائية سامة تتشابه أعراضها مع أعراض (غاز السارين). لكن وزارة الدفاع الروسية أكدت أن طائراتها لم تشن أي غارة في منطقة بلدة خان شيخون. وفي أحد مستشفيات خان شيخون، نقل مراسل فرانس برس مشاهدته لأطباء ومسعفين يحاولون انقاذ طفلة من دون جدوى قبل أن يغلق أحدهم عينيها، ليحملها والدها ثم يقبل جبينها ويخرج بها من المستشفى. واثناء تواجد المراسل في المكان، تجدد القصف الجوي على المدينة ليطال المشفى ذاته ما ألحق به دماراً كبيراً. وأفاد أن الطائرات الحربية قصفت أولاً مكاناً قريباً من المستشفى قبل أن تستهدفه بضربتين إضافيتين، أدت الأخيرة إلى دمار كبير. ونشرت مديرية صحة إدلب من داخل أحد المشافي الميدانية يظهر فيه عدد من الأطفال وهم ممددون على الأسرة ويتلقون الاسعافات. ويوضح أحد الأطباء خلال وضعه قناع تنفس لأحد الأطفال "كل الحالات عبارة عن فقدان الوعي واختلاجات وتقبض حدقات العيون وإفرازات رغوية شديدة ونقص أوكسيجين". وفتحت السلطات التركية معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية لاستقبال المصابين بحالات اختناق جراء القصف بالغازات السامة، وقد عبر 70 مصاباً بالفعل باتجاه مشافي ولاية هاتاي جنوب شرق تركيا، وفق ما ذكر مصدر مسؤول في المعارضة في المعبر. وخلال السنوات الثلاث الماضية، اتهمت الامم المتحدة ومنظمات حقوقية قوات النظام باستخدام أسلحة سامة لمرات عدة، لكن لطالما نفت دمشق صحة هذه الاتهامات. ويعد هذا الهجوم وفق مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن ثاني أكبر اعتداء بسلاح كيميائي منذ اعتداء الغوطة. وأثار الهجوم ردود فعل منددة من المعارضة السورية والداعمين لها. وعد كبير المفاوضين في وفد الهيئة العليا للمفاوضات إلى جنيف محمد صبرا أن "الجريمة تضع كل العملية السياسية في جنيف في مهب الريح، وتجعلنا نعيد النظر بجدوى المفاوضات" بعد أيام على انتهاء الجولة الخامسة منها برعاية الأمم المتحدة. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت إن "استخدام أسلحة كيميائية يشكل انتهاكاً غير مقبول لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية ودليلاً جديداً على الهمجية التي يتعرض لها الشعب السوري منذ سنوات طويلة". في أنقرة، أبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اتصال هاتفي أن "مثل هذا النوع من الهجمات غير الإنسانية غير مقبولة"، محذراً من أنها قد تنسف كل الجهود الجارية ضمن إطار عملية استانا لإحلال السلام في سورية. بدورها، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني: "بالطبع المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق النظام" السوري. وأضافت: "لكن هذا يشكل تذكيراً دراماتيكياً بأن الوضع على الأرض لا يزال مأساوياً في عدة مناطق من سورية". ويشكل مستقبل سورية محور اجتماع تستضيفه بروكسل اليوم، دعي إليه أكثر من سبعين بلدا ومنظمة دولية، لاستعراض وعود المساعدات التي قطعتها الاسرة الدولية في فبراير 2016 خلال اجتماع مماثل في لندن. ويعقد هذا المؤتمر بغياب أطراف رئيسية منخرطة في النزاع السوري أبرزها أنقرة وموسكو. وتقدر الأمم المتحدة التي تنظم والاتحاد الاوربي هذا المؤتمر، حاجاتها للعام 2017 بـ8,1 مليار دولار، بينها 4,7 مليار للاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة في دول الجوار. وحذر المفوض السامي لشؤون اللاجئين لدى الأمم المتحدة فيليبو غراندي أمس من أن محنة ملايين اللاجئين السوريين أصبحت تعتبر "يائسة" مع تراجع المساعدات. واستطرد: "نرى اطفالاً لا يمكنهم ارتياد المدارس وعائلات غير قادرة على إيجاد مأوى مناسب أو تأمين احتياجاتها الأساسية". ورصدت بريطانيا مليار جنيه استرليني لمساعدة اللاجئين السوريين والدول المضيفة لهم بهدف توفير حافز للاجئين للبقاء في المنطقة قرب بلدهم، حسبما أفادت وزارة الخارجية البريطانية في بيان صحفي أمس. وأبان البيان أن مساعدات التمويل التنموي تشمل 840 مليون جنيه استرليني جرى التعهد بها في مؤتمر لندن لمساعدة سورية الذي عقد العام الماضي إلى جانب 160 مليوناً مخصصات جديدة. وفي إسبانيا، أجرت السلطات أمس مداهمات لأملاك تعود لأسرة بشار الأسد وخصوصاً عمه رفعت في منتجع ماربيا (جنوب)، حسب ما أفاد مصدر قضائي. وأوضح المصدر نفسه أن المداهمات التي يقوم بها الحرس الوطني الإسباني تتم خصوصاً في منتجع بويرتو بانوس البحري الفخم (الأندلس) وهي مرتبطة بتحقيق في فرنسا حول شبهات بقيام رفعت الأسد باختلاس أموال عامة وتبييض أموال. وتابع أن الأملاك العقارية لرفعت وعائلته في إسبانيا تقدر بـ691 مليون يورو، مضيفاً أنه تم وضع اليد على جميع هذه الممتلكات. وفتحت فرنسا تحقيقاً في الأموال التي استخدمها عم بشار لشراء عقارات على أراضيها أدى لاحقاً بفضل التعاون الأوروبي القضائي إلى فتح تحقيق في إسبانيا. من جهة أخرى، أرجئ أمس تنفيذ اتفاق ينص على إجلاء مدنيين ومقاتلين بشكل متزامن من أربع مناطق سورية محاصرة، جراء تجدد المفاوضات في اللحظة الأخيرة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وكان يفترض بحسب المرصد إجلاء أكثر من ثلاثين ألف شخص من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من الفصائل المعارضة في شمال غرب سورية، ومن مدينتي الزبداني ومضايا المحاصرتين من قوات النظام في ريف دمشق.
مشاركة :