تطرقت صحيفة "إيزفيستيا" إلى العملية الإرهابية، التي وقعت يوم أمس، 03/04/2017، في إحدى محطات مترو أنفاق سان بطرسبورغ؛ مشيرة إلى أن انتحاريا قام بتنفيذها. جاء في مقال الصحيفة: بعد تجاوز الصدمة الأولى الناجمة عن الانفجار، بدأت تخمينات الخبراء عن الجهة المنفذة للعملية الإرهابية في مترو أنفاق سان بطرسبورغ. شكليا تم استبعاد السبب الجنائي والمعاشي-اليومي، لذلك فتحت لجنة التحقيقات الروسية قضية جنائية تحت مادة "الإرهاب". وإن ما يشير إلى أنها عملية إرهابية هو محتويات العبوة الناسفة. واستنادا إلى مصدر للصحيفة في الدوائر الأمنية، فإن مخططيها ومنفذها هم مما يسمى بـ "الخلايا النائمة" للإرهابيين. فبحسب أحد المحاربين القدماء من الوحدات الأمنية الروسية الخاصة، تدل مؤشرات الأضرار في عربة القطار نتيجة التفجير، على أن العملية الإرهابية نفذها انتحاري بواسطة "حزام ناسف". وإذا حللنا كيفية التواء أبواب العربة وجدرانها، يمكننا الافتراض أن العبوة الناسفة كانت على ارتفاع 80 - 120 سم عن السطح السفلي للعربة، وأن وزنها 200 - 300 غم. وقد يدل هذا بصورة غير مباشرة على أن العبوة كانت ملصقة بجسم الانتحاري في منطقة الحزام. وسوف يكشف التحقيق إن كانت من صنع يدوي أم هي من الذخائر، علما أن الثقوب في جدران العربة تدل على أنها ليست شظايا قنبلة مضادة للمشاة. وإذا حكمنا عليها بواسطة الصور وأشرطة الفيديو المنشورة في شبكات التواصل الاجتماعي، فسنرى كمية كبيرة من الدماء على جدران العربة، والتي تشير أيضا إلى أن العملية من تنفيذ انتحاري، في حين نشاهد دماء المصابين والقتلى على أرضية العربة. كما أن الأشلاء على الجدران هي بقايا جسد الانتحاري. غير أن بعض الخبراء يفترضون أن العملية الإرهابية في سان بطرسبورغ لم ينفذها انتحاري، بل قوميون يمينيون. بيد أن اليمينيين لم يرتكبوا أعمالا شبيهة سابقا، ولم يستخدموا الانتحاريين قط. لذلك، يستبعد خبير مختص في قضايا التطرف أي علاقة للقوميين اليمينيين بهذه العملية. ويضيف: هذا ليس أسلوبهم. فهم لا يفضلون العبوات الناسفة القوية، ولا يقومون بهذا العمل في وسائط النقل. أما هنا فقد انفجرت العبوة على ارتفاع مستوى الحزام. أي إما أنها بحزام ناسف أو عبوة ناسفة موضوعة في حقيبة محمولة على الظهر. ومع ذلك، فمن السابق لأوانه تحديد الرواية الأساسية لقلة المعلومات، وإذا كان هذا من صنع يد منظمة إسلامية متطرفة فسوف تعلن مسؤوليتها عن العملية. من جهة أخرى، أصبح معلوما بعد مضي بعض الوقت أن العبوة، التي انفجرت لم تكن الوحيدة، إذ عثر رجال الأمن على عبوة ثانية في محطة مترو "بلوشاد فوستانيا" في كيس أسود موضوع في أسطوانة إطفاء حرائق ومحاطة بالكرات والقطع المعدنية التي توسع دائرة تأثيرها وتزيد عدد الضحايا والإصابات. ومثل هذه الكرات والقطع المعدنية وجدت في أجسام ضحايا العملية الإرهابية. وعلى الخبراء تحديد سبب عدم استخدام الانتحاري قنبلة. كما أن عليهم الرد على سؤال عمن يشتبهون فيهم بتنفيذ العملية بعد مشاهدتهم أشرطة الفيديو، التي تسجلها كاميرات مراقبة محطات المترو. فأحد الذين يشتبه فيه ذو ملامح شرقية ملتحٍ وضعيف البنية ومتنسك. وقد شوهد هذا الشخص يدخل محطة مترو "سينايا" قبل 20 دقيقة من تنفيذ العملية في المترو. وقد لا يكون هذا الشخص هو الذي خطط للعملية، بل كانت مهمته فقط جذب الانتباه إليه، حيث كان طوال الوقت يتحدث بالهاتف مع شخص آخر. هناك مسألة مهمة أخرى، لقد بدأ رجال الأمن في البحث عن العبوة الناسفة في مترو بطرسبورغ قبل الانفجار بوقت طويل (منذ الصباح) وخاصة في محطتي "تشورنايا ريتشكا" و "مايكوفسكايا". وهذا يعني أنه كانت لدى الأجهزة الأمنية معلومات أولية عن التحضير لهذه العملية الإرهابية في المترو. ولكن من دون تحديد الموقع، لذلك لم يتمكنوا من منع تنفيذها. ويبدو أن الإرهابي كان يعلم أن رجال الأمن يبحثون عن العبوة الناسفة، لذلك أثار هذا الشخص اهتمامهم بملابسه الغريبة بالنسبة لبطرسبورغ والاعتيادية بالنسبة لسوريا. أي أنه تعمد التحرك بالقرب من المحطة بهدف جذب اهتمام رجال الأمن لكي يتمكن الانتحاري من الدخول إلى محطة المترو من دون أن يثير اهتمامهم. وقد ظهرت في شبكات التواصل الاجتماعي فور وقوع الحادث معلومات، نشرها أنصار "داعش" بأن هذه العملية هي انتقام من العملية العسكرية الروسية في سوريا. بالطبع لا يمكن استبعاد هذا، خاصة إذا تأكد أنها من عمل انتحاري، لكن أيا من المنظمات لم تعلن مسؤوليتها عنها. وبغض النظر عن فتح ملف التحقيق بالعملية على أنها "عملية إرهابية"، تنوي لجنة التحقيقات دراسة الروايات الأخرى كافة. إلى ذلك، لم يكن اختيار وقت العملية عفويا، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان في المدينة، وكانت الأجهزة الأمنية كافة وحرسه الشخصي في حالة إنذار، لذا فإن العملية الإرهابية كانت استعراضية. ويمكن تأكيد أن الانتحاري لم يكن وحيدا، بل لقد تم التخطيط للعملية بصورة دقيقة جدا، حيث أعلنت الأجهزة الأمنية البحث عن الشخص الثاني، الذي يشتبه في أنه وضع القنبلة الثانية، التي عثر عليها رجال الأمن.
مشاركة :