في الفصل التشريعي الحالي، قدمت اقتراحات عدة بقانون في شأن تغيير قانون الجنسية، وكان أولها في 21 /12 /2016. الغريب أن بعض هذه الاقتراحات تشرعن الازدواجية في الجنسية وتحمي المزورين في ملفاتها! فنجد أنها صيغت ليكون لها أثر رجعي مخالف لفلسفة وقواعد قانون الجنسية الحالي. قبل أن أعرض بعض الأمثلة، لا بد من الاشارة إلى أنني سأتناول في هذا المقال اقتراحات تغيير قانون الجنسية فقط، أما التعديلات المقترحة على قانون الدائرة الادارية بالمحكمة الكلية فقد تعرضت لها في مقالي السابق.من بين الأمثلة على الاقتراحات بقانون لحماية المزدوجين اختيارياً، نجد الاقتراح الذي قدمه النائب جمعان الحربش، ثم انضم اليه النائبان مبارك الحجرف وأسامة الشاهين، حيث جاء في الاقتراح أن من «كان يجمع بين الجنسية الكويتية وجنسية دولة أخرى قبل صدور هذا القانون جمعا اختياريا، وجب على وزير الداخلية أو من ينوب عنه إخطار الكويتي الذي يجمع بين جنسيتين مختارا بوجوب إعلان التخلي عن إحداهما خلال مدة لا تجاوز سنتين من تاريخ الإخطار».ووفق الاقتراح، لا تسحب جنسيته الكويتية إلا بعد تمسك حاملها بالجنسية الأخرى بعد انتهاء المهلة. بل أن الاقتراح ينص على أن زوجته لن تفقد جنسيتها الكويتية إلا إذا دخلت في جنسية زوجها الأخرى اختيارا، وكذلك الحال بالنسبة لأولاده. وقد جاء في المادة (3) من الاقتراح نفسه أن «تلغى المادة (21 مكرر – أ) من المرسوم الأميري رقم (15) لسنة 1959» المتعلقة بسحب جنسية من أعطيت له بغير حق بناء على غش أو أقوال كاذبة أو شهادات غير صحيحة!والمثال الآخر هو الاقتراح بقانون المعنون «حماية الحق في المواطنة وفي الهوية الوطنية»، الذي قدمه في 26 /12 /2016، النواب محمد المطيري ونايف العجمي وحمود الخضير وأسامة الشاهين وحمدان العازمي، حيث جاء في مادته السادسة أن «آثار ازدواجية الجنسية شخصية. وتنتهي الازدواجية بالنسبة للكويتي الذي يدخل بجنسية دولة أخرى بالترك والتخلي». كما جاء في الاقتراح نفسه، أن «لا أثر للازدواجية على من يكون قد اكتسبها بطريق التبعية ممن يتمتع بجنسية دولة أخرى».النائب خالد الشطي، هو أول من حذر من تدفق هذه القوانين المقترحة حول حماية المزدوجين والمزورين، وكان ذلك في 9 /1 /2017 من خلال مؤتمر صحافي في مجلس الأمة. وبعد ذلك بأسابيع، تم تشكيل مجموعة الـ 80 التي أعلنت عن حملة شعبية للتصدي للتعديلات على قانون الجنسية. وواكبت هذه الحملة العديد من الندوات، تخللها بعض المحاضرات المؤيدة للتغييرات المقترحة. وقد اتسمت التصريحات والكلمات - المؤيدة والمعارضة - بالصراحة والموضوعية، إلا أن بعضها كان استفزازياً وتحريضاً يهدف إلى شحن الشارع لمصلحة موقف محدد، على حساب سلامة النسيج الاجتماعي.من بين المحاضرات الفتنوية، استمعت قبل أيام - عبر وسائل التواصل الاجتماعي - إلى محاضرة لنائب حالي مليئة بإشارات طائفية وإيحاءات عنصرية وادعاءات غير منطقية. فقد اتهم حكومتنا بالتقصير في ضبط حدودنا الشمالية، نتيجة لانخداعها بالتضليل الذي يمارسه بعض مستشاريها من «الدخلاء والجواسيس» المتواجدين في أماكن اتخاذ القرار و«يقصون عليهم وينصحونهم بنصايح تودر البلد، وموجودين حتى عندنا داخل مجلس الأمة».وادعى هذا النائب أن أحد مرشحي رئاسة المجلس سأل أحد النواب «الدخلاء الجواسيس» عن موقفه من انتخابات الرئاسة، فرد عليه «تدري احنا طريقتنا يجينا الأمر من هناك، فننتظر الأمر ما أدري أعطيك ولا ما أعطيك»! ويرى النائب أنهم وراء سحب الجناسي لأنهم يسعون لضرب الوحدة الوطنية وتفريق المجتمع حتى يكون عرضة للتدخلات الخارجية. لا أجد افصح من الرد على هذا النائب من مقولة «حدث العاقل بما لا يعقل، فإن صدق فلا عقل له»، وبالأخص جزئية تصريح أحد النواب بأنه يتلقى الأوامر من الخارج.لا شك أن من الصحي أن تكون لنا كمجتمع ديموقراطي آراء مختلفة في شأن قضايانا المصيرية، إذا كان الاختلاف ضمن الأطر الدستورية. ولكن من الخطورة بمكان أن تكون معاييرنا فئوية في تحديد مواقفنا في تلك القضايا. لذلك نحن بحاجة إلى تعزيز القيم الانسانية الحضارية في مجتمعنا، وإلى برنامج علمي متكامل لتنمية قدرتنا على التفكير والتحليل والاستنتاج ثم اتخاذ القرار، لكي نرتقي إلى مجتمع وطني مناهض للفئوية ومعادي للفئويين... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».abdnakhi@yahoo.com
مشاركة :