واشنطن (أ ف ب) - اكد الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاربعاء ان الهجوم الكيميائي المفترض في سوريا الثلاثاء غير موقفه حيال الرئيس بشار الاسد، واعدا برد اميركي على ما اعتبره "اهانة للانسانية". وقال ترامب من البيت الابيض ان "هذا الهجوم على اطفال كان له تأثير كبير علي"، في وقت شهدت الامم المتحدة مواجهة جديدة بين الدول الغربية وروسيا حول الملف السوري خلال اجتماع طارئ لمجلس الامن. واضاف الرئيس الاميركي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني ان "موقفي من سوريا والاسد تغير بوضوح (...) ما حصل غير مقبول بالنسبة الي"، رافضا ان يكشف ما يعتزم القيام به. واسفر الهجوم على بلدة خان شيخون في ريف ادلب بشمال غرب سوريا صباح الثلاثاء عن مقتل 86 مدنيا بينهم ثلاثون طفلا و20 امرأة، وفق حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الانسان مساء الاربعاء. واذ اعتبر ان هذه الغارة الجوية "تجاوزت خطوطا كثيرة" في اشارة الى "الخط الاحمر" الذي كان حدده لنفسه سلفه باراك اوباما في حال استخدمت دمشق اسلحة كيميائية، ركز ترامب على "الاطفال وحتى الرضع" الذين قضوا. واضاف ان "موتهم كان اهانة للانسانية. هذه الافعال المشينة التي يرتكبها نظام الاسد لا يمكن القبول بها". -"الأسد هو المسؤول"- من جهته حذر وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون روسيا من ان الوقت قد حان لكي تعيد التفكير في مواصلة دعمها لنظام الاسد. ومنذ بدء النزاع قبل ستة اعوام، يثير الملف السوري الانقسام بين الغربيين وروسيا ما يعرقل اي جهود لوضع حد لحرب خلفت اكثر من 320 الف قتيل. وقال تيلرسون للصحافيين في وزارة الخارجية "لا يساورنا اي شك في ان النظام السوري بقيادة بشار الاسد هو المسؤول عن هذا الهجوم المروع". واضاف الوزير الكتوم جدا "نعتقد ان الوقت قد حان لكي يفكر الروس بعناية فعلا في مواصلة دعمهم لنظام الاسد". ويزور تيلرسون موسكو يومي الثلاثاء والاربعاء المقبلين في اول زيارة له الى روسيا منذ توليه الوزارة. ولاحقا قال مسؤول في الوزارة ان "اي شخص عقلاني ولديه القدرة على رؤية صور (الضحايا) يعلم ان ما يقول الروس بشأن مستودع (مواد كيميائية قصفه النظام) ليس صحيحا". واعلنت موسكو الأربعاء أن الطيران السوري قصف صباح الثلاثاء في خان شيخون "مستودعا إرهابيا" يحتوي على "مواد سامة"، مما ادى لانتشار هذه الغازات في الجو وتسبب بالتالي بسقوط القتلى والجرحى. -مجلس الامن- واتى تصريح تيلرسون بعدما أرجأ مجلس الامن الدولي في ختام جلسة طارئة عقدها الاربعاء للبحث في الهجوم على خان شيخون، التصويت على مشروع قرار غربي يدين الهجوم. وبحسب دبلوماسيين فان التصويت على مشروع القرار الذي قدمته واشنطن ولندن وباريس واعتبرته روسيا "غير مقبول على الاطلاق". قد يتم اعتبارا من الخميس. ورأى مساعد السفير الروسي لدى المنظمة الدولية فلاديمير سافرونكوف ان المشروع اعد على عجل وليس مفيدا، داعيا الى "تحقيق موضوعي" في ما حصل. وعقب انتهاء الجلسة قال السفير البريطاني لدى الامم المتحدة ماتيو رايكروفت للصحافيين ان "المفاوضات مستمرة مع زملائنا في مجلس الامن (...) ومن غير المتوقع ان تنتهي اليوم" الاربعاء. اما نظيره الفرنسي فرنسوا دولاتر فأوضح ان المفاوضات تجري "بروح طيبة"، معربا عن "الامل" في ان يتم التصويت على مشروع القرار "بأسرع وقت ممكن". ولكن دبلوماسيين آخرين بدوا اكثر تشاؤما، إذ انهم رجحوا ان تستخدم روسيا حق النقض مجددا لدعم حليفها السوري. وخلال جلسة مجلس الامن هاجمت السفيرة الاميركية نيكي هايلي روسيا بسبب دعمها لنظام الاسد. وقالت "كم من الاطفال يجب ان يموتوا بعد لكي تبدي روسيا اهتماما بالامر؟"، مؤكدة ان واشنطن ستتخذ تدابير احادية في حال الفشل في الامم المتحدة. واضافت "اذا كانت روسيا تملك التأثير الذي تدعيه في سوريا، فعليها ان تستخدمه"، وعرضت امام اعضاء المجلس صورتين قالت انهما لبعض ضحايا الهجوم الكيميائي، قائلة "انظروا الى هذه الصور"، مطالبة موسكو بـ"وضع حد لهذه الافعال الوحشية". ومشروع القرار يدين الهجوم الذي يعد ثاني اكبر اعتداء بـ"مواد كيميائية" تشهده سوريا منذ بدء النزاع الذي دخل عامه السابع. ويطالب ايضا منظمة حظر الاسلحة الكيميائية باجراء تحقيق في اسرع وقت ممكن. ويطلب المشروع من النظام السوري ان يسلّم المحققين خطط الطيران وكل المعلومات المتعلقة بالعمليات العسكرية التي كان يقوم بها حينها. كما يهدد مشروع القرار بفرض عقوبات بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة. - "مواد عضوية فوسفورية" - وتحدثت منظمة الصحة العالمية عن "مؤشرات تتناسب مع التعرض لمواد عضوية فوسفورية، وهي فئة من المواد الكيميائية تشمل غازات أعصاب سامة". بدورها، اكدت منظمة اطباء بلا حدود ان اعراض بعض ضحايا "تظهر التعرض لعنصر سام من نوع غاز السارين" اضافة الى الكلور السام. وفي احد مستشفيات خان شيخون، ارتمى المصابون وبينهم اطفال على الاسرة وهم يتنفسون بواسطة اجهزة اوكسيجين. وشاهد مراسل فرانس برس مسعفين يحاولان انقاذ طفلة من دون جدوى قبل ان يغلق احدهما عينيها، ليحملها والدها ويقبل جبينها ويخرج بها من المستشفى. - "فظاعات" - ونفى الجيش السوري "نفيا قاطعا استخدام أي مواد كيماوية أو سامة في بلدة خان شيخون". الا ان دولا عدة ابرزها فرنسا وبريطانيا وجهت اصابع الاتهام الى دمشق. ووصف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاربعاء الرئيس السوري بشار الاسد بأنه "قاتل" محملا اياه مسؤولية الهجوم. واعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن "النظام السوري هو المسؤول الرئيسي عن الفظاعات (...) ومن يدعمونه يتقاسمون المسؤولية". من جانبها، دانت طهران "بشدة أي استخدام للسلاح الكيميائي، أيا كان المنفذون او الضحايا". ورغم ان واشنطن اتخذت موقفاً أكثر حزماً من الاسد بعد ايام من تصريحات اميركية اعتبرت ان رحيله لم يعد اولوية لواشنطن التي ستركز على مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية، فان نائب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية اعتبر ان تلك التصريحات "تعطي فسحة للنظام لارتكاب مزيد من الجرائم". وقال عبد الحكيم بشار خلال مؤتمر صحافي في انقرة الاربعاء "حتى الان هذه الادارة لم تفعل شيئا بل بقيت متفرجة". واعتبرت المعارضة السورية ان الهجوم يضع مفاوضات السلام في "مهب الريح". وقال القيادي في جيش الاسلام، ابرز الفصائل المعارضة في ريف دمشق، محمد علوش ان "الحل الحقيقي في سوريا هو وضع بشار الأسد الكيماوي في المحكمة وليس على طاولة المفاوضات". ووجه رئيس الائتلاف السوري المعارض انس العبدة مذكرة الى ٢٦ دولة ومنظمة دولية، اعتبر فيها انه بات لدى النظام السوري "الجرأة لتكرار استخدام هذه الأسلحة، بسبب عدم وجود أي تحرك دولي ضده وغياب المحاسبة أيضاً".جيروم كارتييه مع عمر حاج قدور في خان شيخون © 2017 AFP
مشاركة :